قلعة صناعة العطور.. “شبرا بلولة” قرية مصرية برائحة الياسمين تعطّر العالم
أميرة جادو
تعتبر مصر الأولي عالميا في صناعة عجينة الياسمين وتصدرها للعالم، فعلى بعد أكثر من 90 كيلومترا شمال القاهرة، وتحديدًا بقرية “شبرا بلولة” بمركز قطور في محافظة الغربية ينمو الياسمين، وهو عنصر أساسي ومهم يدخل في انتاج العديد من العطور، حيث يعمل أبناء في زراعة الياسمين وجمعه واستخلاص الزيت منه، وتشتهر بكونها مصدرا للرائحة العطرة، حيث وصلت شهرتها للعالمية، فأصحبت المورد الأكبر إلى دول اوروبا وامريكا لتميزها بزراعة وتصدير أغلى خامات العطور في العالم، فعلى أرضها يزهر الريحان واللارنج والياسمين، وهو ما جعلها تضع مصر على رأس الدول المصدرة للمادة الخام للزيوت والأعشاب المجففة وأعشاب العجينة التي تستخدم في صناعة أنواع عدة من العطور العالمية لما تتميز بها من جودة منتج متفرد عن غيره.
وفي هذا الإطار، أوضح وكيل وزارة الزراعة بالغربية، الدكتور خالد أبو شادي، إن القرية مشهورة بزراعة النباتات العطرية، يوجد بها مصنعان كبيران، علاوة على وحدات استخلاص تابعة لشباب القرية والأهالي، بهدف إنتاج واستخلاص الزيوت العطرية، خاصة عجينة الياسمين وزيت اللارنج (النارنج) مضيفا أن شبرا بلولة تتميز بطبيعة أرضها، وجوها من حيث الرطوبة ودرجة الحرارة التي تلائم زراعة الياسمين، مما جعلها تصدر بمفردها نحو 50% من الإنتاج العالمي للزيوت العطرية والطبية، وذلك وفقا لما أعلنه الاتحاد الدولي لتجارة الزيوت العطرية.
“مصر تتربع على عرش العطور”
ومن جهته، أشار أشرف الشبراوي، صاحب مصنع عطور بالقرية، لـ “صوت القبائل العربية”، إلى أن القرية ذاع شهرتها بزراعة الياسمين، وهو ما جعل مصر تتربع على عرش الدول المتقدمة في صناعة العطور والزيوت العطرية وعجينة الياسمين المستخرجة من أزهار البنفسج واللارنج واليوسفي والريحان المزروع على أرضها، والتي تقوم بتصديرها للدول الأوروبية ومن هذه الدول فرنسا، مضيفًا أن السوق المحلى ليس جاذبا لهذه الصناعة لاعتماده على العطور المستخدم فيها المواد الكيماوية.
“طريقة صناعة عجينة الياسمين”
وعن طريقة صناعة عجينة الياسمين ومراحل استخلاص الزيت الخاص بها، أوضح “الشبراوي”، إن البداية تكون عند استلام أزهار الياسمين من الفلاحين ووزنها وبعدها تدخل الأزهار على أوانٍ نحاسية ليوضع عليها غاز الهيكسان، والذى يعمل على فصل الزهرة عن الزيت بمساعدة البخار، ومنها يتم تحويله لجهازين آخرين يعملان على استخلاص الزيت الناتج من الزهرة وفصله تماما عن الهيكسان، وأخيرا يدخل الزيت للمعمل لإنتاج عجينة زيت الأبسليوت الخاص بها وأخيرا تأتى مرحلة المعمل الكيميائي والتي يتم فيها تحليل المنتج للتأكد من جودته.
“تصدير العطور لفرنسا وأمريكا”
ويؤكد كريم محمود، أحد أبناء القرية، لـ “صوت القبائل العربية”، إن قريتنا تعد القرية الأولى في مصر التي احتكرت زراعة الياسمين وأبدعت في إخراج العشرات من الروائح العطرية المتميزة، وتصديرها إلى الدول التي تصنع العطور، منها فرنسا وأمريكا، وإنتاجنا من الياسمين لا ينقطع طوال ٦ أشهر من السنة تبدأ في شهر يونيو وتنتهى في شهر ديسمبر.
“زراعة الياسمين”
وأضاف “محمود”، أن محصول الياسمين يختلف عن أي محصول آخر، فزراعته وخدمته أقل مقارنة بالمحاصيل الأخرى التي تحتاج إلى خدمة أكبر، علاوة على الأسمدة والكيماوي، فالياسمين لا يحتاج سوى الري كل 15 يوما، والرش بجانب المغذى الذي يصل ثمنه إلى 150 جنيها للكيلو الواحد كما أنه يحتاج إلى كيماوي عند زراعته لأول مرة، وبالنسبة لـ 3 قراريط تحتاج إلى شيكارتين نترات وسوبر حتى تصبح زهرة الياسمين كبيرة ولونها أبيض ناصعا.
“سر تركيب العطور”
ولفت “محمود” إلى أنه هناك العديد من الصعوبات التي نواجهها في صناعة العطور، أننا على غير دراية بالسر النهائي لتركيب العطور الذى يحتفظ به الفرنسيون، حتى نظل نصدر لهم إنتاجنا الفاخر من الفل والياسمين مطالبا الحكومة بضرورة توفير الباحثين العلميين لمساعدتنا في التوصل الى طرق وأسرار صناعة العطور النهائية لأنه إذا علمنا سر المهنة لن نصدر الخام إلى الخارج، وسوف تقوم القرية بالإنتاج الذاتي وستعمل على تصديره من مصر إلى العالم كله، ورغم أن معظم أهالي القرية بسطاء يجهلون القراءة والكتابة، إلا أننا قادرون على إنتاج العطور من الألف إلى الياء.