ممشى ديليسبس في بورسعيد.. شاهد على التاريخ وأيقونة العشاق

تتميز كل مدينة في العالم بمعالم تعكس هويتها وتاريخها. وتزخر بورسعيد بعدد من المشاهد الفريدة التي تجعلها واحدة من أبرز المدن المطلة على البحر الأبيض المتوسط. ومن بين هذه المعالم يبرز ممشى ديليسبس، الذي يمثل جزءًا أصيلًا من التراث البورسعيدي. ويمتد بمحاذاة المجري الملاحي لقناة السويس. أحد أهم الممرات المائية في العالم. يعرفه الأهالي باسم “حجر ديليسبس”، كما يلقبونه بـ”ناصية العالم” نظرًا لإطلالته على قارتين هما آسيا من خلال مدينة بورفؤاد. وأفريقيا من خلال مدينة بورسعيد.
تاريخ ممشى ديليسبس
يصل طول الممشى إلى 200 متر، ويتكون من مدخلين، الأول شمالي حيث كانت قاعدة تمثال ديليسبس قبل إزالته. والثاني جنوبي باتجاه ساحة مصر، الميدان الذي أنشئ مؤخرًا ويخضع للتطوير حاليًا في حي الشرق. أرقى أحياء بورسعيد. صمم الممشى ليكون موقعًا آمنًا للعائلات ومكانًا مثاليًا للنزهة. بعيدًا عن زحام السيارات والدراجات البخارية، مما يجعله نقطة جذب للسكان المحليين والزوار من المحافظات الأخرى. ويضفي موقعه الفريد المطل على قناة السويس والميناء السياحي سحرًا خاصًا عليه، حيث يفضل العشاق وضع أقفال حديدية على أسلاكه، تعبيرًا عن أملهم في استمرار حبهم.
تمثال ديليسبس كان في الأصل نصبًا تذكاريًا للمهندس الفرنسي فرديناند ديليسبس، صاحب فكرة حفر قناة السويس. نصب التمثال عند المدخل الشمالي للقناة يوم 17 نوفمبر 1899، في الذكرى الثلاثين لافتتاح القناة للملاحة العالمية. وخلال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، لعب أبناء بورسعيد دورًا بطوليًا في مقاومة المحتلين، ومع اشتعال مشاعر الغضب تجاه الدول المعتدية، قرر الفدائيون إسقاط التمثال. فتمت إزالته ليبقى فقط قاعدته الحجرية، بينما نقل التمثال لاحقًا إلى متحف قناة السويس في الإسماعيلية.
صمم التمثال الفنان الفرنسي إيمانويل فرميم من البرونز والحديد، وبلغ وزنه 17 طنًا بارتفاع 7.5 متر، وكان مطليًا باللون الأخضر البرونزي. حفر على قاعدته المعدنية اسم المسبك الذي صنعه وتاريخ إنتاجه، وفي عام 2017 سجل التمثال ضمن قائمة الآثار المصرية، ليتم نقله رسميًا إلى متحف قناة السويس.
احتضن ممشى ديليسبس مشاهد من فيلم “المشبوه”، أحد أشهر أفلام السينما المصرية، الذي قام ببطولته عادل إمام وسعاد حسني وفاروق الفيشاوي، وأخرجه سمير سيف. ظهر الممشى في أحد المشاهد كجزء من الخلفية المميزة التي أضافت طابعًا بصريًا مميزًا للفيلم، مما جعله يحظى بشعبية أكبر بين عشاق السينما.
قصة نسف التمثال وسقوطه
تؤكد شهادات تاريخية أن إسقاط تمثال ديليسبس لم يكن مجرد فعل عشوائي. بل جاء كرد فعل وطني بعد قيام جندي إنجليزي بدهن التمثال بالشحم ورفع علمي إنجلترا وفرنسا فوقه، ما أثار غضب أهالي بورسعيد. قاد مجموعة من الفدائيين عملية إسقاط التمثال. حيث حاولوا تفجيره ثلاث مرات متتالية، نظرًا لقوة بنيانه وربطه بأعمدة مسلحة متينة. وعندما سقط التمثال أخيرًا، ظل لفترة في موقعه، قبل أن يتدخل مسؤولو هيئة قناة السويس لحمايته من السرقة عبر تخزينه بموافقة أول رئيس مصري للهيئة، المهندس محمود يونس.