تاريخ ومزارات

مدينة الشمس.. أهم المناطق التراثية شهرةً في منطقة الشرق الأوسط

دعاء رحيل

تعد مدينة الشمس من أهم المناطق التراثية شهرةً في منطقة الشرق الأوسط، التي رويت حولها الأساطير، وتميزت بآثارها ومعابدها القديمة وهياكلها الضخمة التي لا نظير لها، وفي هذا المقال سنتعرف على مدينة الشمس وأبرز المعلومات عنها.

 

ما هي مدينة الشمس

إنّ مدينة الشمس هي بعلبك، وتعتبر واحدة من المدن اللبنانية التي تتبع إداريًا لمحافظة البقاع وقضاء بعلبك، الذي اشتهر بغناه ووفرة محاصيله الزراعية لامتداد أراضيه وغزارة مياه نهر الليطاني التي تروي أراضيه، وهي مركز محافظة بعلبك الهرمل، واشتهرت عبر العصور لموقعها على الخطوط البرية، وشيد الرومان معابد ضخمة فيها، وآثاره الجاذبة للسياح تشهد على عراقتها، ويقام فيها مهرجانات عالمية تستقطب أشهر الفنانين العرب والأجانب، كما نالت بعلبك قسطًا وافرًا من اهتمام شعراء عصر الجاهلية القديم.

 

وللأهمية التاريخية والثقافية لأثار وهياكل بعلبك، قامت المديرية العامة للآثار في لبنان، بالتعاون مع المعهد الألماني للآثار وشركة فلاي أوفر زون الأميركية المتخصصة في تصميم الجولات الافتراضية، بإطلاق تطبيق “إعادة إحياء بعلبك”، والتطبيق يعتبر هو الأول من نوعه ضمن سلسلة تطبيقات ستقدم جولات افتراضية ثلاثية الأبعاد في المواقع الأثرية بمدينة بعلبك، وذلك في إطار مشروعٍ لإعادة إحياء المدينة من جديد.

 

جغرافيا مدينة الشمس

جغرافيا مدينة بعلبك حيث في الجزء الشمالي من سهل البقاع، وشرق النهر الليطاني، وهي منطقة محاطة بسلاسل جبلية من جهتي الشرق والغرب، وترتفع عن مستوى سطح البحر بنحو 1163 متر، ويفصل بينها وبين العاصمة اللبنانية بيروت مسافة تقدر بـ 83 كيلو مترًا من الجزء الشمالي الشرقي، وتتأثر مدينة الشمس بعلبك بمناخ البحرِ الأبيض المتوسط، ويتصف بأنه مناخ شبه قاحل، فيكون حارًا وجافًا صيفًا، أما شتاؤها فيكون باردًا نسبيًا، وتشهد المدينة تساقطًا للثلوج أحيانًا، وتسجل معدل سقوطِ أمطار بنحو 593 مليمتر سنويًا.

 

 

سبب تسمية بعلبك بمدينة الشمس

سميت المدينة من قبل الكنعانيين الفينيقيين قبل آلاف السنين، إذ ذكرت في التوراة باسم “بعلبق”. وقد ذكر أنيس فريحة في كتابه “أسماء المدن والقرى اللبنانية” أن اسم المدينة هو سامي ومصدره كلمتي “بعل” وتعني “مالك” أو “سيد” أو “رب”؛ وكلمة “بق” وتعني البقاع رافضًا أن يكون اسم إله كما يدعي البعض لعدم وجوده في اللغات السامية، فيكون معناها “إله وادي البقاع”، وهناك من عرب اسمها إلى “مدينة الإله بعل”، وأطلق على المدينة أيام الرومان بالـ”هيليوبولس” أي مدينة الشمس عند الرومان، وتحديدًا بإسم “مستعمرة جوليا أغوسطا مدينة الشمس”. كما سماها الأمويون بالقلعة.

 

آثار مدينة الشمس

بنى الرومان في المدينة أضخم معابدهم لثلاثة من ألهتهم وهم: “جوبيتير وفينوس وميركوري”، وفي القرن السادس الميلادي ضرب البلاد زلزال دمر العديد من معالمها، ويعتبر معبد جوبيتر أضخم المعابد الرومانية على الإطلاق، ولم يتبق من الأعمدة الكورينثية الـ 54 إلا 6 أعمدة فقط، أما معبد باخوس فهو من أفضل المعابد الرومانية حفظًا في الشرق الأوسط، ويعد معبد باخوس أكبر من الـ “بانتيون” في أثينا، ومعبد فينوس فهو بناء أصغر من بقية المعابد، وشيد جنوب شرق المجمع، وحول المعبد خلال العصر البيزنطي إلى كنيسة تكريمًا لـ القديسة بربارة، ولم يتبق من معبد مركوري سوى جزء من الدرج المؤدي إليه على هضبة الشيخ عبد الله على مقربة من موقع المعبد الأساسي

وخلال الحكم الأموي بني مسجد أثاره ما زالت أمام مدخل الاكروبوليس إلى الشرق من مدخل المعبد الكبير، وعند مدخلها الجنوبي يقع مقام السيدة خولة بنت الإمام الحسين، ويستطيع الزائر قبل مغادرته بعلبك مشاهدة بقايا جامع أم عياد الذي يقال إنه بني على انقاض كنيسة مار يوحنا التي بناها البيزنطيون، وعندما كانوا متواجدين في المنطقة، وأيضًا من المعالم الأثرية الأخرى قبتا أمجد ودوريس، وهما عبارة عن بقايا لجامعين بنيا من حجارة استخدمت من معابد بعلبك، كما بإمكان الزائر رؤية محطة القطار التي تعود إلى حقبة الثلاثينيات والتي بناها الفرنسيون في فترة انتدابهم للبنان، ويقدم فندق بالميرا (Palmyra) الذي يعود تأسيسه إلى حوالي 120 سنة والواقع في الشارع المقابل للأثار منظرًا رائعًا للمقيمين، كما يحتوي على متحفه الخاص الذي يحكي تاريخ بعلبك في إحدى صالاته، وقد استقبلت غرفه العديد من الشخصيات الهامة التي زارت بعلبك أمثال الجنرال الفرنسي شارل ديغول والكاتب جان كوكتو، إضافة إلى ذلك هناك قبر والد شيخادي في هذه مدينة.

 

المهرجانات في بعلبك

بدأت فكرة المهرجانات في مدينة بعلبك مع الانتداب الفرنسي وكانت بشكل غير رسمي وبعد استقلال لبنان ظهر أول مهرجان في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي على أدراج بعلبك، ومذ ذلك الوقت أصبحت مقصدًا لمحبي الموسيقى والفن بأشكاله المتعددة، ويقام فيها مهرجان بعلبك الدولي وهو من أهم المهرجانات في العالم، وقد شكلت المهرجانات جزءًا من ذاكرة أهل المدينة الذين كانوا يحضرون العروض التحضيرية ويحفظون الأغاني قبل عرضها، ويتذكرون عمالقة الغناء عندما حضروا لتلك المدينة العريقة كسيدة الغناء العربي أم كلثوم، حينها وضعت السماعات في كل أرجاء المدينة في شوارعها وساحاتها ومقاهيها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى