أفراح القبائل البدوية في شمال سيناء.. بداية من «نحر الذبائح ورقصة الدبكة» إلى «الحمولة»
أميرة جادو
يتمسك البدو بالعادات والتقاليد المتوارثة عبر الأجيال، ومنها مراسم الزواج في قبائل شمال سيناء التي تعكس الماضي العريق للبادية، والذي يتسم بالبساطة والبعد عن الإسراف والبذخ، من الخطبة والمهر حتى حفل الزفاف، وعلى الرغم من ظهور مواقع التواصل الاجتماعي والتي أحدثت أثرًا بالغًا في تغيير بعض المفاهيم والعادات والتقاليد في بعض المحافظات، إلا أنها لم تؤثر في عادات أهالي سيناء.
المهر والخطبة
ومن جهته، أكد حسين سالم، أحد أبناء قبائل شمال سيناء: «نحتفظ بعادات الآباء والأجداد، فأفراحنا تظل بطابع التراث القديم، الذى لا نستطيع الاستغناء عنه، فهو مصدر البهجة والسعادة، فهذه العادات بها من المودة والمحبة والمشاركة ما يجعلنا نحتفظ بها، وعندما يتقدم الشاب لدينا لخطبة فتاة، يطلب والده من مشايخ القبائل الذهاب معه، والذى يصل عددهم إلى عشرين شخصا، وذلك احترامًا لوالد الفتاة وتقديرًا له، مع أخذ الهدايا حسب عرف كل عائلة، ويبدأ الحديث في تفاصيل الخطبة الأكبر مقاما وسنا، ثم بعد ذلك يتم أخذ موافقة العروس لتحديد المهر وحفل الزفاف».
وأوضح «حسين»، «يختلف المهر من عائلة إلى أخرى، فيكون عبارة عن مبلغ مالي أو بعض الحلى الذهبية، والقرابة عامل مهم في تقدير المهر، فيتم تسهيله وتيسيره للأقربين لإتمام الزواج، وفى حالة عدم وجود قرابة بين العروسين يكون المهر أكثر، ولكن على قدر المستطاع، فأهم ما يرجوه الآباء لبناتهم، رجال يتمتعون بالشهامة والرجولة والنبل، قادرين على احترام الحياة الزوجية والتكفل بالأمور المعيشية».
نحر الذبائح والدبكة
وفي هذا الصدد، أضاف «حسين»: «أهم ما يميز أفراح أهالي شمال سيناء، هي نحر الذبائح منذ الصباح الباكر في يوم الزفاف من الضأن والماعز، وذلك لإعداد الوليمة والمكونة من الفتة (عيش الصاج والأرز) واللحم، وتقدم كغداء وعشاء أيضا للمدعوين، ويحضر العريس عروسه في موكب سيارات جماعي (الزفة)، ويقوم أصدقاء العريس بإحياء حفل الزفاف، ومن أهم الطرق لإحياء الحفل هي رقصة (الدبكة)، والتي تتكون من عدة أشخاص يصل عددهم إلى ما يقرب من العشرة يدعون دبيكة، يقدمون خلالها عروض السامر البدوي، وهم يحركون أقدامهم ويصفقون، والبعض الآخر يحضرون فرق شعبية خاصة بأداء هذه الرقصة إلى جانب ترديد الأغاني البدوية».
الجود أو الحمولة
وأشار «سالم»، إلى أن العريس يجلب أقارب العريس الأغنام والخراف له وهى دين عليه لا بد له من وفائه، وتسمى (الجود) أو (الحمولة)، ويقوم بذبحها مع ما يملك من أغنام، وتقدم الوليمة في مجلس القبيلة، فيقوم شباب القبائل بحمل الصواني والسير في صف مستقيم وبشكل منظم، تعبيرًا عن فرحتهم واظهارًا لمدى ترابطهم، ويحضر الرجال أطفالهم إلى مجلس القبيلة لتناول الطعام، وبعد ذلك يتم تقديم الشاي والقهوة، أما السيدات فيقام لهم خيمة بالقرب من منزل العريس، وتقدم لهم الوليمة بداخلها، ويقوم بعملية الذبح وطهى اللحم الرجال، أما السيدات فيقمن بطهي الخبز (العيش الصاج) وذلك بكميات كبيرة تكفى لجميع العائلات، وفى ثاني أيام العرس تقدم وليمة لأهل العروس فقط، فينحر الذبائح تقدريًا وإكرامًا لهم.
العريس يتكفل بكل شيء
وفي السياق ذاته، قالت سليمة محمد، إحدى سيدات القبائل البدوية في شمال سيناء: «تستيقظ جميع النساء باكرًا في يوم الزفاف وذلك لتحضير الخبز (العيش الصاج)، وذلك بمساعدة نساء العائلات الأخرى، في جو يسوده البهجة والسرور، ونتبادل الحديث فيما بيننا والنكات مع ترديد الأغاني البدوية، وتختلف عادات أهل سيناء في الزواج من قبيلة إلى أخرى، إلا أن العريس في معظم قبائل سيناء يقوم بتجهيز مسكن الزوجية بالكامل ولا تتحمل العروس شيئا، كما أنَّه يعطيها أموالًا لشراء الملابس، وتتحمل هي وأسرتها تكاليف الحنة في منزلها، وعلى الجانب الآخر يوجد أيضًا من يساعد من أهل العروس في شراء الأجهزة الخاصة بالمطبخ، والستائر والسجاد، وبعض مستلزمات المطبخ لتخفيف العبء على العريس».
وأضافت «سليمة»، «عندما يقبل الشاب على الزواج فهو يكون مناسب لتلك المسئولية من حيث الشهامة والرجولة والقدرة على نفقة منزله والتعهد بمعاملة زوجته بالمعروف أو الانفصال بإحسان، لذلك نسبة الطلاق قليلة جدًا فى شمال سيناء، فلا يفضل أحدًا من الرجال أو النساء أن يقدموا على خطوة الطلاق، إلا فى حالات نادرة، واذا استقر الأمر على الطلاق، أخذ الزوج زوجته إلى أحد الأشخاص المشهود لهم بالنزاهة والسمعة الحسنة ليتم التطليق، وذلك بعد محاولات عديدة للصلح، فبعض الأزواج تستجيب للصلح والبعض الآخر لا يستجيب وينتهى الأمر بالطلاق».