تاريخ ومزارات

كيف عذب الله قوم لوط؟

أميرة جادو

شعر لوط عليه السلام بأنه في حزن شديد وابتلاء عندما أتته الملائكة لزيارته في هيئة رجال حِسان، حيث اشترط عليه قومه ألا يستضيف أحدا عنده بالبيت، وشعر بأنه يجب عليه حمايتهم من قومه، ولهذا عندما رآهم لأول وهلة حاول أن يصرفهم عن القرية، وقال لهم إن أهلها هم أخبث ناس على وجه الأرض، ومشى وانصرف عنهم، لكن الملائكة أصرت على أن تحل بالمدينة، فكرر لهم لوط نصيحته 4 مرات، حتى وجد في النهاية أنه لا مفر من استضافتهم لديه، بحسب ما روى ابن عباس وقتادة ومحمد ابن اسحاق.

ووفقًا لما جاء في كتاب “قصص الأنبياء” للإمام الحافظ ابن كثير، لم يعلم أحد بأمر هؤلاء الرجال الحِسان إلا آل بيت لوط، فذهبت امرأته لتخبر رجال القرية بأمرهم، فجاءه قومه يهرعون إليه، وذلك كما ورد في قوله تعالى “وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ”.

حث لوط قومه للزواج من النساء دون الرجال، لكنهم رفضوا، وذلك كما جاء في قوله تعالى “قَالوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نرِيد”، حيث قالوا له دون خشية إنهم لا يريدون زوجاتهم، بل ضيوفه، فقال لهم لوط إنه يتمنى لو أن لديه عشيرة ينصرونه عليهم، ويحل بهم ما يستحقون من عذاب.

ما هو العذاب الذي أنزله الله على قوم لوط؟

أكد المفسرون إن لوط حاول باستمرار منع قومه من الدخول إلى بيته وهو يعظهم من ارتكاب الحرمات، بينما هم من ناحية أخرى يحاولون فتح الباب المغلق للدخول لضيوفه، فأوى لوط إلى الله يشكو إليه الموقف الصعب، فخرج على قومه جبريل عليه السلام، وضرب وجوههم بطرف جناحه فطمست أعينهم، ولم يبق لها محل ولا أثر، فعادوا إلى منازلهم وهم يتحسسون الطريق ويتوعدون أن ينتقموا من لوط في اليوم التالي.

حينها طلبت الملائكة الكرام من لوط أن يذهب هو وأهله في آخر الليل، ولو سمعوا صوت العذاب لا يلتفتوا إليه أبدا، لكن اختلف المفسرون في زوجته عندما قال الله تعالى “إلا امرأتك”، فقيل إن لوط ترك زوجته في المنزل تنفيذا لأمر الله، بينما قيل في رواية أخرى إنها خرجت من البيت مع زوجها وابنتيها، لكنها عندما سمعت الصيحة وسقوط البلدة التفتت إليها وقالت: “وا قوماه”، فسقط عليها حجر من السماء، فدمغها وألحقها بقومها، حيث كانت على دينهم، وعينا لهم على من يكون عند لوط وعلى ضيفيه.

اقتلع جبريل أرض سدوم التي يعيش عليها قوم لوط بطرف جناحه، وكانت تتكون الأرض من 7 مدن يعيش عليها 400 نسمة، وفي رواية أخرى قيل 4 آلاف نسمة وما يعيش معهم من الحيوانات، فقام جبريل برفعهم جميعا إلى السماء حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم، ثم قلبها عليهم، فجعل عاليها سافلها، كما غشّاها بحجارة من سجيل مسوّمة (أي متتابعة) مرقومة، مكتوب على كل حجر اسم صاحبه الذي سقط عليه، الحاضرين منهم في بلدهم، والغائبين عنها من المسافرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى