من هم الصقالبة المسلمون؟ الذين أسسوا القاهرة والأزهر الشريف

كانت الحركة التجارية للعرب بمثابة نقطة انطلاق مهمة لانتشار الدين الإسلامي في العديد من المناطق المختلفة، على رأسها الصين وروسيا، إذ وصل الإسلام إلى أقصى الشرق الآسيوي على يد التجار أولاً، قبل أن تبدأ الحملات الإسلامية في طرق أبواب تلك البلدان.
من هم الصقالبة السلاف؟
اشتهر العرب بالتعرف على الشعوب السلافية من خلال التجارة، كما زار بعض تجار تلك الشعوب الجزيرة العربية، وأطلق عليهم العرب اسم “الصقالبة”، وهو اسم أطلق على العنصر السلافي الذي يشكل الغالبية في شعوب روسيا، بولندا، أوكرانيا، تشيكيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، البوسنة والهرسك، مقدونيا، صربيا، الجبل الأسود، علاوة على وجودهم الكبير في شرق ألمانيا، رومانيا، جورجيا، وسائر دول القوقاز.
وبفضل ما عرف عن السلافيين من قوة البنيان والمهارة القتالية، استخدموا كجنود في جيوش الدول الإسلامية المختلفة، من الأمويين والعباسيين إلى الفاطميين والبيزنطيين، بل وحتى الأيوبيين والمماليك والعثمانيين، كما تولوا مناصب بارزة في شؤون الحكم والإدارة.
وقد أنشأ معاوية بن أبي سفيان فرقة عسكرية مكونة من 5000 مقاتل صقلبي مسلم، وكانت هذه الفرقة هي التي أنقذته في مواجهته لجيش الإمام علي بن أبي طالب قبل التحكيم، كما وجدت فرقة صقلبية كاملة في العهد العباسي، وكان لها قلعة تعرف باسم “قلعة الصقالبة” تقع في شمال سوريا.
وكان الخليفة العباسي المستعين بالله، أحمد بن المعتصم بن هارون الرشيد، قد وُلد لأم صقلبية تُدعى مخارق.
صقالبة الدولة الفاطمية
ووفقًا لما ذكره المؤرخ تقي الدين أحمد بن علي المقريزي في كتابه “اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء”، فأن المسلمين ساهموا في توطين الصقالبة في مناطق آسيا الوسطى، كما كان لهم حضور فاعل في الدولة الفاطمية، وشاركوا في الفتح الفاطمي لجنوب إيطاليا، حتى أن اسم “صقلية” الذي أطلق على جنوب إيطاليا آنذاك، جاء من لفظ “صقلبية”.
ويلقب جوهر الصقلي، بـ “جوهر الصقلبي”، وكان من أصول سلافية وينتمي إلى مدينة دلماسيا الواقعة في كرواتيا المعاصرة، كما كان يلقب في بعض المناطق التي خضعت للفاطميين بـ”جوهر الرومي”، في إشارة إلى خلفيته الأوروبية.
تأسيس القاهرة والأزهر الشريف
والجدير بالإشارة أن جوهر الصقلبي أو “جوهر الرومي” يعد الفاتح الفاطمي الذي قاد الجيش نحو الفسطاط، عاصمة مصر العباسية، في السادس من يوليو عام 969م، وقد أسس مدينة القاهرة لتكون عاصمة مصر، وظل يتولى إدارتها حتى وصول الخليفة الفاطمي إلى مصر عام 972م. كما أسس الجامع الأزهر، قبل أن يكلف بضم فلسطين وسوريا ولبنان إلى الدولة الفاطمية.
وبحسب ما جاء في كتاب “كنز الدرر وجامع الغرر… الدرة المضيئة في أخبار الدولة الفاطمية” للمؤرخ المصري أبو بكر بن عبد الله بن أيبك الدواداري، فإن الصقالبة لعبوا دورًا محوريًا في البلاط الفاطمي، وكانوا منافسين لنفوذ البربر المغاربة في القاهرة.
علاقة الصقالية بحارة برجوان
عندما توفي الخليفة الفاطمي العزيز بالله عام 996م، اشتد الصراع بين الصقالبة بقيادة القائد أبو الفتوح برجوان، والبربر بقيادة أبي محمد بن عمار، من أجل بسط السيطرة على الدولة، مستغلين صغر سن الخليفة الجديد الحاكم بأمر الله، الذي تولى الحكم وهو ابن 11 عامًا، وكانت والدته روسية صقلبية.
تولى برجوان الصقلبي الوصاية على الخليفة الصغير، وحكم الدولة فعليًا من عام 996 إلى عام 1000، وتمكن من صد هجمات بيزنطية على ولايات الشام وليبيا.
غير أن هذا الصراع بين الصقالبة والبربر دفع الحاكم بأمر الله إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لاستعادة زمام السلطة، إذ أمر باغتيال برجوان على يد القائد الصقلبي ريدان، ثم أمر بقتل كل من ابن عمار وريدان نفسه، كما لم يتردد في إصدار أمر بقتل حسين بن جوهر الصقلبي رغم مكانته لدى الأسرة الفاطمية.
والجدير بالذكر أن “حارة برجوان” في حي الجمالية بالقاهرة تنسب إلى هذا القائد الصقلبي الذي نافس الحاكم بأمر الله على حكم الدولة الفاطمية في وقت مبكر من توليه العرش.