من هم يهود خيبر؟.. وسبب تسميتهم

أميرة جادو
سكنت العديد من القبائل اليهودية في الجزيرة العربية، من بينهم يهود خيبر، والذي يعود أصلهم إلى يهونا داب بن ركاب كما ذكر في التّوراة عندهم، وقد هاجروا إلى خيبر في المدينة المنورة بعد خراب الهيكل الأول عام خمسمئة وستة وثمانين، وظلّوا فيها إلى عهد الخليفة عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-، واشتهرت المنطقة التي يسكنوا فيها بكثرة الماء وغزارته، ما جعلهم يشتغلون بالزّراعة وخاصّة زراعة النّخيل والحبوب، علاوة على شهرت المنطقة بالحمى لمن يدخلها، فكانت تنسب الحمى إليهم، وقد قام يهود خيبر عندما وصلوها ببناء حصون وقلاع لحمايتهم، وقيل إنّهم بنوا سبعة حصون.
سبب التسمية
تعدّدت روايات المؤرّخين، عن سبب التسمية، فمنهم من قيل أن اسمهم نسبة إلى رجل يسمّى خيبر كان أوّل شخص نزلها فنسب المكان إليه، وقيل إنّ كلمة خيبر كلمة أصلها عبري تعني الحصن، ويقال إنّ معناها الجماعة والطّائفة.
موقف يهود خيبر من دعوة الإسلام
لم يعتنق يهود بني خيبر الإسلام، مع أنّهم يعلمون ويعرفون بشأن دين الإسلام، فقد جاء في كتبهم إشارة إلى نبوّة محمّد -صلّى الله عليه وسلّم-، قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
ومع ذلك ذكر المؤرّخون في السيرة النّبوية، أن موقفهم ضد الدعوة الإسلامية اختلف عن يهود يثرب الذين تواطئوا مع كفّار قريش لصدّها، فلم يظهر يهود خيبر أي موقف عدائي من دعوة الإسلام، بل ظهروا على الحياد من هذه الدّعوة، وظلّ موقفهم كذلك حتّى بعد هجرة النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه إلى المدينة المنوّرة، ومع أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- حارب بعض قبائل اليهود وأجلاهم، إلّا أنّهم استمروا في موقفهم الحياديّ.
ولكن تغير موقفهم عندما لجأ إليهم بعض قبائل اليهود الذين أجلاهم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من يهود بني النّضير وقريظة؛ من بينهم حيي بن أخطب وسلام بن الحقيق، فجعلوا ينشرون الفساد في يهود بني النّضير ويزرعون الفتنة بين ظهرانيهم للكيد بالإسلام، فأراد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- معاقبتهم على ذلك فقام بغزوهم، ولكنّه كان رحيماً بهم؛ بسبب مواقفهم السّابقة، فلم يقم بطردهم بل اكتفى بتأديبهم بأخذ نصف ثمارهم.
حرب النبي مع يهود خيبر
بعد أن انتهى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من حرب بعض القبائل اليهودية المحيطة وطردهم من المدينة، كان لا بدّ من تنظيف المدينة المنوّرة من كل ما يهدد أمن المسلمين، وكان يهود خيبر قد تحالفوا مع كفّار قريش في غزوة الخندق، وحزّبوا الأحزاب، ووضعوا خطّة مع قريش لدخولهم من جهتهم لتطويق المسلمين، وهم الذين حاولوا اغتيال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-، فقررّ غزوهم ليلاً وحاصرهم دون علمهم.
ولكنّهم كانوا في حصون منيعة، ومع ذلك استمات المسلمون في الدّفاع والقتال، إلى أن خرج زعماؤهم وطلبوا الاستسلام، وخرجوا من بيوتهم بثيابهم فقط، وغنم المسلمون منهم غنائم كثيرة، إلّا أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أبقى المزارعون فيها على أن يتم إعطاء نصف ما تُحصِّل الأرض للمسلمين.
إجلاء يهود خيبر
في عهد خلافة عمر بن الخطاب نقض يهود خيبر العهد في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقتلوا واحداً من المسلمين يسمّى مظْهر، فخرج عمر بن الخطّاب لنصرته وقتالهم، وقد أراد أن يجعل المدينة خالية من أيّ ملة غير ملّة الإسلام، تحقيقاً لحديث رسول الله -عليه الصلاة والسّلام-: (لا يترَك بجزيرةِ العربِ دينانِ)، كما أنّه لم يعد المسلمون بحاجة لمزارعيهم، وقد تعلّم منهم الكثير هذه المهنة، فقام عمر بن الخطّاب بإجلائهم من المدينة المنورة.