عادات و تقاليد

بعد «الفراشيح».. «المندي» أشهر الأطباق على المائدة السيناوية في رمضان

أميرة جادو

يتميز شهر رمضان المبارك بعادات واستقبال خاص لدى بدو سيناء، حيث تحلو “اللَّمَّة” والصحبة حول النار في الدواوين، وتتنافس نساء البدو، في إعداد الأكلات البدوية، لكثرة العزائم ودعوات الإفطار من الأهل والأقارب، وتمتاز الأكلات البدوية في شهر رمضان المبارك باقتصار أنواع الوجبات ما بين اللحوم الماعز والضأن فقط لطيب لحمها ولكونها تأكل من الأعشاب البرية والطبية التي تعطي للحمها فائدة كبيرة ورائحة طيبة و لكون أهل البادية لا يأكلون لحوم الأبقار والجاموس.

“اللحوم والعصيدة”

في البداية، يشير حميد ابو غلبة؛ من بدو سانت كاترين، إلى ان المائدة الرئيسية لهم اللحوم والفراشيح ويعقبه الشاي بالحبق، مضيفًا أن افراد القبائل يتبادلون الإفطار ويتعاونون لإفطار الصائمين الغرباء.

ومن جهته، أوضح الشيخ موسى ابو الهيم؛ أحد مشايخ قبيلة الجبالية، أن البدو كانوا يستطلعون هلال رمضان، قبل الراديو، من على قمم جبال موسى وسانت كاترين ويعلمون سكان الوديان البدوية بالرؤية، مشيرا الى ان البدو القدماء كان إفطارهم تمرا وبلحا ثم “عصيدة” تسوى على النار بالسمن الشيحي وفى السحور يأكلون العصيدة باللبن.

“الفراشيح”

وأضاف الشيخ موسى، مائدة البدو في رمضان تختلف عن باقي الأيام، فيجب أن تكون عامرة باللحوم بالفراشيح، وبعض أهالي البادية يأكلون صيادية السمك في الفرن، والبعض يتجمعون في المقاعد البدوية ويقدم كل بيت صواني الاكل للضيوف والصائمين، علاوة على أن النار لا تطفئ ليلًا، مؤكدًا أن الضيافة عند البدو أمر عظيم لا يفوقها أي أمر آخر، وإكرام الضيف هي الصفة الملازمة لأهل البادية وخاصة في شهر رمضان المعظم وهي أحد أركان عاداتهم وتقاليدهم التي توارثوها.

“المعقد البدوي والضيافة”

كما لفت الشيخ موسى، إلى أن الضيف يتميز بمكانة عظيمة عند البدو، فيتنافسون في تقديم حقه من الضيافة وذلك متى ما دخل في مضربهم وحل في حماهم وكرم الضيافة طبع أصيل تميز به العرب عن غيرهم من باقي الأمم.

وبالرغم من تعدد القبائل في جنوب سيناء واختلافها، أكد الشيخ، أن الارتباط الروحي من أهم العادات والتقاليد التي تتميز بها القبائل البدوية، ففي الماضي كانت القبائل تقطن حول منابع المياه من عشرة الي عشرين أسرة من قبائل مختلفة، علاوة على ما يسمي بالمقعد ( المجمع ) يتجمع فيه الرجال في المساء حتي صلاه العشاء يتسامرون ويستمعون لنشره الاخبار خاصة لإذاعة مونت كارلو الدولية.

وتابع، أنه في شهر رمضان يكون الإفطار جماعي في المقعد، وهو يبعد عن المساكن حوالي خمسمائة متر تقريبا ويعزمون الضيوف وعابر السبيل، وإذا كان في احتياج إلى أي شيء ساعدوه، ويتناوبون في إكرام الضيوف بالدور، مشيرًا إلى اندثار هذه العادات ولم يبق منها إلا القليل في المناطق الجبلية وبعض المدن مثل دهب ونويبع وكاترين وأبورديس وأبوزنيمة ووادي طور سيناء وقرية الجبيل بالكاد.

“الجريشة”

وعن أشهر الأطباق السيناوية في رمضان، قال  الشيخ موسى، إن “الجريشة” وهي أشهر الأكلات الشعبية في رمضان وهي عبارة عن قمح مجروش على الرحى يخلط بالسمن الشيحي واللبن الحامض (السمن الشيحي يستخلص من زبدة ماعز مخلوطة بالكركم والأعشاب الجبلية الجميلة)، بالإضافة إلى المعدوس(الكشري أرز بالعدس)، والسمك المجفف الصيادية، والمسلوقة، واللحم الشطير لحم الصيد، مضيفًا من أشهر السكريات الزلابية، والرقاق بالسكر، وفي السحور الفتة بلبن الماعز الحامض(الرايب).

“محرمات البدو في رمضان”

ومن المحرمات في رمضان عند بدو جنوب سيناء، شدد موسى، على أن شهر رمضان مقدس عند العرب ينتظرون بشغف وحب شديد حتى أصحاب العادات السيئة يتوقفون عنها احتراما لهذا الشهر الكريم، موضحًا أنه في رمضان يحرم الاقتتال والمشاحنات طوال هذا الشهر ولكن للأسف في هذه الأيام كل شيء تغير ولم يبق إلا القليل من هذه العادات الطيبة بفعل المدنية المزيفة التي ألمت بالمجتمع السيناوي وحولته إلى أشباح من الماضي الجميل إلا من رحم ربي ممن يتمسكون بهذه العادات الاصيلة الطيبة ولم يتأثرو بهذه المدنية المزيفة، لافتًا أن من المنبوذات عند أهل البادية في الماضي القريب السرقة، مضيفًا أن السارق يشمس ويهدر دمه بمعنى لو قتله شخص ما فليس له.

أكلات بدو شمال سيناء

وفي السياق ذاته، تشتهر محافظة شمال سيناء، بالعديد من الأكلات الشعبية في شهر رمضان المبارك، حيث تجد معظم الأسر البدوية تفضل هذه النوعية من الأكلات ، علاوة على المشروبات الساخنة، ويعتبر ” المنسف” من الأطباق الرئيسية عند بدو سيناء، وهي عبارة عن فتة عيش ” الرقاق ” بالشوربة ومن ثم يغطى بالأرز الأصفر وفوقه كتل من الحم الماعز أو الضأن الطازج و تغطى برغيف من الرقاق وتقدم ساخنة للضيوف وأهل البيت.

“المندي المشوي”

ومن أهم الأكلات التي يحرص عليها أباء سيناء في رمضان، وجبة المندى المشوي، وذلك لأنها خفيفة على المعدة وقيمتها الغذائية عالية جدا، وهي عبارة عن جدي يتم ذبحه وتفريغه من الأحشاء ويغسل جيدا ثم تضاف إليه  خلطة من البصل والثوم والفلفل الأخضر والليمون وأحيانا يتم حشوه بالأرز، أما عن الحضر فيحرصون علي تحضير وجبة المندي من الفراخ والتي يتم إعدادها داخل براميل مدفونة تحت الأرض بداخلها الفحم، ويقدم مع الفتة والسلاطة وسلطة الطحينة.

ومن الحلويات البدوية في رمضان، يعتبر عيش الرقاق البدوي من أنواع الحلويات القليلة في قائمة طعام البدو، وتنفرد السيدات بإعداده دون الرجال، حيث يحتاج في خبزه إلى دقة لفرد الفطيرة .

وتعد أجزاء من الخروف أو الماعز “الكبد، الطحال ، قطع لحوم حمراء ” المضاف إليها التتبيله، من الأكلات المفضلة لدى أبناء قبائل سيناء على الإطلاق، ويتم تحضيرها من خلال تحمير البصل والطماطم في “طاسة” مسطحة ثم تضاف إليهما القطع المتبلة بعد تصفيتها، وبعد ذلك إضافة الملح والفلفل مع كثير من الكمون وخلطة التوابل.

والجدير بالذكر، يعقب تناول الطعام في بادية سيناء تناول القهوة المطحونة بالهيل المحمص وعادة ما تشرب ساده ويطلق عليها اسم “قهوة عربي أو خضراء “، علاوة على الشاي المضاف إليه الزعتر البري والمرمرية والقرنفل والذي يصنع دائما على حطب النار ليكون مذاقه مميز.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى