لماذا يريد بوتين السيطرة على ماريوبول بأي ثمن؟.. تعرف على التفاصيل
أميرة جادو
أصبحت ماريوبول الأوكرانية من أكثر المدن تعرضًا للغارات والقصف الروسي، خلال الحرب منذ أربعة أسابيع، فقد واجهت هذه المدينة أكبر عدد من الهجمات، وتعتبر ماريوبول حلقة مهمة في الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا، ولكن ما سبب ذلك؟
سبب أهمية ماريوبول لروسيا
هناك أربعة أسباب رئيسية تجعل السيطرة على هذا الميناء بمثابة نصر استراتيجي مهم لروسيا وضربة كبيرة لأوكرانيا، وهي:
1- تأمين ممر بري بين القرم ودونباس
تقع ماريوبول مساحة جغرافية صغيرة جدا في خارطة أوكرانيا، ولكنها تقف الآن عائقا عنيدا في وجه القوات الروسية التي تتقدم شمالا من شبه جزيرة القرم.
تستمر القوات الروسية في تقدمها باتجاه الشمال الشرقي، وذلك في محاولة منها للالتحام مع حلفاء روسيا من الانفصاليين الأوكرانيين في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا.
وفي حال نجاح القوات الروسية في السيطرة على ماريوبول، ستكون روسيا بذلك قد سيطروا على أكثر من 80 في المئة من الساحل الأوكراني على البحر الأسود – ما يمكنهم من قطع نشاط أوكرانيا التجاري البحري، وبالتالي زيادة عزلها عن العالم الخارجي.
وبسبب صمود المدينة في وجه القوات الروسية الزاحفة في الأسابيع الثلاثة الماضية، تمكن المدافعون الأوكرانيون عن المدينة، من إشغال كم كبير من القوات الروسية، ولكن فشل القوات الروسية في احتلال المدينة بسرعة جعل القادة العسكريين الروس يلجأون إلى نسخة معاصرة لتكتيكات الحصار التي كانت معتمدة في العصور الوسطى.
2- خنق الاقتصاد الأوكراني
لطالما كانت المدينة المحاصرة ميناء استراتيجيا مهما على بحر آزوف، المفتوح على البحر الأسود، علاوة على تمتعها بأحواض سفن عميقة، تعد ماريوبول أكبر الموانئ في منطقة بحر آزوف، علاوة على وجود مصانع كبرى للحديد والفولاذ فيها. وكانت ماريوبول، قبل الحرب، مركزا مهما لتصدير الفولاذ والفحم والحبوب من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط ومناطق أخرى.
ومما لا شك فيه أن خسارة ماريوبول ستعد ضربة قاصمة لما تبقى من الاقتصاد الأوكراني.
3- فرصة دعائية
كما تعتبر موطنا لميليشيا أوكرانية تطلق على نفسها اسم كتيبة آزوف (تعود التسمية إلى بحر آزوف الذي يربط ماريوبول بالبحر الأسود)، علاوة على أنها تضم هذه الكتيبة متطرفين يمينيين بينهم نازيون جدد.
ورغم تشكيلهم نسبة صغيرة جدا من القوات الأوكرانية، يعد وجودهم أصلا أداة دعائية مهمة لموسكو منحتها العذر في القول للروس عموما إن الشباب الذين أرسلتهم للقتال في أوكرانيا إنما يقاتلون لتطهير الجار الأوكراني من النازيين الجدد.
وإذا نجحت القوات الروسية في أسر عدد كبير من عناصر كتيبة آزوف، فمن المرجح أنهم سيعرضون في وسائل الإعلام الروسية الرسمية في سياق الحرب الإعلامية المستعرة من أجل تشويه سمعة أوكرانيا وحكومتها.
4- دفعة معنوية كبيرة
مما لا شك فيه أن سقوط ماريوبول، إذا وقع فعلا، سيكون مهما من الناحية المعنوية للجانبين في هذه الحرب، فنصر روسيا في ماريوبول سيسمح للكرملين بالإثبات للشعب الروسي – من خلال الإعلام الرسمي – بأن روسيا تحقق أهدافها وتحرز تقدما في ميادين القتال.
وعن أهمية المدينة المحاصرة للرئيس بوتين، فهو يرى أن الساحل الأوكراني على البحر الأسود يعود لكيان يدعى نوفوروسيا (أي روسيا الجديدة) – وهي أراض روسية يعود تاريخها الى الإمبراطورية الروسية في القرن الثامن عشر.
كما يسعى بوتين في إحياء فكرة “إنقاذ الروس من طغيان حكومة موالية للغرب في كييف” كما يراها. وتقف ماريوبول حاليا عائقا في طريق تحقيق هذا الهدف.
وعلى الجانب الآخر، تعد خسارة ماريوبول ضربة كبيرة بالنسبة للأوكرانيين- ليس عسكريا واقتصاديا فقط – ولكن أيضا بالنسبة للرجال والنسوة في أوكرانيا الذين يدافعون عن أرضهم. ستكون ماريوبول أولى المدن الأوكرانية المهمة التي تسقط بأيدي الروس بعد خيرسون – الأقل أهمية من الناحية الاستراتيجية والتي بالكاد دافع عنها الأوكرانيون.
بالإضافة إلى عامل معنوي آخر، وهو عامل يتعلق بالردع.
والجدير بالذكر، دافعت ماريوبول عن نفسها دفاعا شرسا، ولكن لننظر إلى ثمن ذلك، فماريوبول ستدخل التاريخ إلى جانب غروزني وحلب، وكلها مدن أجبرها القصف الروسي على الخضوع بعد أن أحالها إلى ركام، وستكون الرسالة لبقية المدن الأوكرانية واضحة لا ريب فيها،إذا اخترتم المقاومة كما فعلت ماريوبول، فعليكم توقع المصير نفسه.