“قولة الخير” و”حبس العروس”.. أغرب تقاليد الزواج عند القبائل السودانية
أميرة جادو
يتمسك كل شعب بعاداته وتقاليده التي تختلف عن الشعوب الأخرى والتي تعكس تراثه وثقافته، ومن بين تلك الشعوب السودان حيث تختلف العادات والتقاليد المتوارثة داخل القبائل السودانية من قبيلة إلى أخرى حسب درجاتها، ولكن هناك عادات توحد كافة القبائل، منها عادات الزواج.
ولكل قبيلة ومنطقة طقوسها الخاصة التي تختلف عن غيرها، خاصة وأن السودان متعدد الأعراق والأجناس، علاوة إلى ذلك يختلف الأصل الذي ينبع منه هذه الطقوس والعادات، فمنها الفرعونية، حيث أنها سائدة في المناطق الشمالية، والعادات الأفريقية نجد كلما اتجهنا إلى الجنوب، ويرجع ذلك لاختلاط الدم العربي مع الدم الأفريقي، لتصبح هذه الطقوس والعادات نموذجًا غير مسبوق، ونستعرض بعضها فيما يلي:
اختيار العروس
بعد اختيار الشاب للفتاة، يبدأ في المشاورة مع أسرته للتحقق من هذا الاختيار إذا كان هناك إقناع ومباركة للاختيار، فيذهب والد الشاب ليسأل أهل الفتاة رسميًا ويطلب يدها من والدها، ويطلب والد الفتاة غالبًا موعدًا حتى يتمكن من التشاور مع جميع العائلة، وإذا لم يكن هناك اعتراض، يقوم والد الفتاة بإبلاغ والد الشاب بموافقته على إتمام مراسم الخطوبة أو الزواج الفوري إذا رغبوا في ذلك.
عادات الزواج
هناك العديد من عادات وطقوس الزواج التي تميز القبائل السودانية، ومنها:
قولة الخير: وهو اجتماع صغير يتم بين لكبار الأسرتين، وذلك بغرض التعرف على نسب وصفات كل عائلة فيما يتعلق بالأصل والعراقة، ويطلب فيها أعمام الشاب أو الأب عادة يد العروس.
الخطوبة: من الطقوس المستحدثة والتي انتشرت في الفترة الأخيرة، حيث لم تكن موجودة في الماضي، لأنه الزواج كان يتم من داخل الأسرة أو الجيران في الحي، وتتوج هذه الخطوبة بشيء من القبول من المجتمع والأسرة الممتدة.
سد المال: وهو ما يسمى بالمهر، وفي هذه المرحلة يبدأ التجهيز الفعلي للزواج، وسد المال هو تجهيز العروس من ملابس وعطور والأحذية (شيلة) بالإضافة إلى المال، وتختلف هذه الاستعدادات حسب القدرة المالية للعريس.
ليلة الحنه: وفي هذه الليلة تقام الحفلات بشكل منفصل. ويتم صبغ أقدام وأيادي العروس والعريس بالحناء، ويقدم الطعام وتعقد جلسات الغناء.
طقوس العرس
العقد: هو عقد يتم على يد المأذون، وذلك بحضور كل من ولي العروس ووكيل العريس، حيث يتلى القرآن الكريم ويتم تذكير الحاضرين بفوائد الزواج على المجتمع، ثم يلي ذلك عرض من ولي العروس إلى وكيل العريس، ويوافق وكيل العريس على الصداق المتفق بينهما.
وليمة العقد: عادة ما تكون وجبة الغذاء، حيث يتم دعوة العائلة والأقارب والأصدقاء لمباركة هذا الزواج، وعادة ما يتم ذلك في “صيوان” أو في خيمة بالقرب من المنزل.
الحفلة: وهي من العادات الجديدة، تقام الحفل يتم فيها دعوة المعازيم من أبناء القبيلة والمطربين والموسيقيين.. ويتم تقديم العشاء، وغالبًا ما تكون هذه الحفلة في المساء وتستمر حتى الحادية عشرة على الأكثر.
الجرتق: تعتبر من أقدم العادات السودانية، ويقال أنها تعود إلى جذور الفراعنة. حيث يرتدي العروس والعريس ملابس حمراء، ووتقوم النساء الأكبر سنا في الأسرة بـ “بجرتقة” العروس والعريس. وذلك عن طريق وضع قطعة من الحرير الأحمر عليها هلال ذهبي على جبهة كل من العروس والعريس.
بخ اللبن: يأخذ الشاب والفتاة قليل من الحليب في وعاء، ثم ينفخ كل منهما في وجه شريكه المستقبلي.
قطع الرحط: عندما تصل العروس بقطعة من الحرير حول خصرها، يقطعها العريس ويرميها على الحضور.
تحهيزات العروس
تتم تجهيزات العرس قبل الزفاف، بفترة قد تطول أو تقصر حسب الظروف. إذ يتم “حبس العروس” بحيث لا تخرج ولا تظهر في أي تجمع، وتكون في تلك الفترة موضع اهتمام وعناية من أسرتها، ولا تقوم بأي عمل. بل تستمر في الراحة وتناول نوع خاص من الطعام حتى تبدو في صحة جيدة عند الزواج.. وكذلك تعد لها زينة خاصة يطلق عليها اسم “الكابريت” حيث تصبغ يداها وقدميها بالحناء.. كما يعد لها حمام ناري بدخان الطلح وتعطر بعطور مركبة معدة بشكل خاص. تسمى “ريحة العرس”.
يتم حفل الزفاف في نفس يوم العقد، وفي حالات أخرى يتم في وقت أخر. حيث يحضر العريس بين أصدقائه، وبعد حفل الزفاف يأخذ عروسه إلى منزل العائلة المجهز.
والجدير بالذكر، يمر المجتمع السوداني، مثل العديد من المجتمعات الأخرى بالعديد من التغييرات. خاصة في ظل المحاولات العديدة لتحديث وتقليد الدول الأخرى. حيث يميلون إلى ارتداء الأبيض بدلاً من الأحمر في ليلة زفافهم، ويسافر العروس والعريس أحيانًا عقب العرس، ربما في الخارج لقضاء شهر العسل. وهو أحد العادات الغربية التي تغلغلت في المجتمع السوداني.