حوارات و تقارير
أوديسا.. الجائزة الكبرى التي تسعى روسيا إلى الفوز بها
أسماء صبحي
يبدو أن الزمن قد عاد إلى الوراء لمدة 80 عاما في مدينة أوديسا التاريخية في أوكرانيا، والتي توصف السيطرة الروسية عليها بكونها حصلت على “الجائزة الكبرى”، حيث أن آخر مرة كانت قد تعرضت فيها دار الأوبرا في أوديسا للحصار خلال الحرب العالمية الثانية، عندما احتلتها القوات المتحالفة مع ألمانيا النازية.
ومرة أخرى، عادات مشاهد الأسلاك الشائكة وأكياس الرمل إلى محيط دار الأوبرا، كغيرها من المناطق في أوديسا، وتنتشر في المدينة الحواجز المضادة للدروع، وتذكر المشاهد في محيط دار الأوبرا بما حدث هناك في الحرب العالمية الثانية.
أهمية أوديسا
ترجه أهمية أوديسا في أن السيطرة عليها تعني عزل أوكرانيا عن البحر الأسود، بما ينطوي على حرمان البلاد من الاستيراد والتصدير، كما أنها ثالث أكبر مدينة في أوكرانيا بعد كييف وخاركيف، وتعتبر عاصمة الجنوب الأوكراني.
ووفقًا لما ذكرته وكالة “بلومبرغ” الاقتصادية الأميركية، فإن 70 بالمئة من تجارة أوكرانيا عبر البحر تتم من خلال موانئ أوديسا، ومن دون أوديسا ستكون كييف معزولة إلى حد كبير عن الأسواق الدولية، وإذا نجحت القوات الروسية في تأمين البنية التحتية للموانئ الأكثر ربحًا في أوكرانيا، فهذا من شأنه أن يمنح موسكو ميزة سياسية واقتصادية غير مسبوقة في منطقة البحر الأسود.
الوصول إلى المنطقة الثالثة
وأشار موقع “ناشونال إنترست” الأميركي المتخصص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، إلى سيناريو نشره قبل اندلاع الحرب، وهو أن تعاني بقية أجزاء أوكرانيا من الفوضى حال السيطرة على أوديسا، ورسم الموقع سيناريو لعملية احتلال أوديسا تشمل استخدام مشاة البحرية الروسية والقوات المحمولة جوا.
وأوضح الموقع، أن أسلوب مشاة البحرية الروسية القتالي يعتمد على هجمات متعددة المتسويات، ويتضمن هجوم القوات الجوية التابعة للبحرية على الدفاعات الساحلية الأوكرانية حتى تتمكن وحدات الإنزال من تأمين رأس جسر لقوة الاجتياح
وهناك أهمية عسكرية لأوديسا بالنسبة لـ روسيا، فإذا نجحت في بسط السيطرة على هذه المدنية، فإنها ستصل إلى منطقة ترانسنيستريا الانفصالية على الحدود الأوكرانية المولدوفية، وبحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تاميز”، فإن المسؤولين والسكان في أوديسا على حد سواء يعتقدون أن الهجوم على مدينتهم حتمي.
ومن جهته، قال عمدة أوديسا غينادي تروخانوف، إنه قلق من اجتياح المدينة من 3 جهات، من البحر الأسود ومن الشرق ومن الغرب حتى تصل القوات الروسية إلى الجمهورية الانفصالية في مولدوفا.
كما قال ألبرت كاباكوف، أحد سكان المدينة ( 58 عاما): “نحن خائفون للغاية لأن الجيش الروسي تجاوز كل الخطوط الحمراء عندما أطلقوا النار على محطة للطاقة النووية”، مضيفًا: “ليس لدي أدنى شك على الإطلاق في أنهم سيتصرفون بنفس الطريقة هنا، ويمكننا فقط إيقافهم”.
الحنين للماضي
وتحمل أوديسا أهمية تاريخية، على الأقل بالنسبة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، الذي تحدث بأسى عن إعادة تشكيل روسيا الإمبراطورية، التي تمتد إحدى مناطقها على طول البحر الأسود ومركزها أدويسا، حيث كانت أوديسا تشكل درة التاج الإمبراطوري الروسي ومنياءً استراتيجيا في العهد السوفيتي.