مع تصاعد أزمة روسيا وأوكرانيا..هل يستعيد “بايدين” شعبيته؟
دعاء رحيل
مع تصاعد الحرب الروسي الأوكراني، يستدعي بعض المحللين الأميركيين عن دور الرئيس الأمريكي جو بايدين متسائلين عن استغلاله للغزو الروسي لاستعادة مكانته المتدهورة في أمريكا.
كما وجه بعض المحللين أصابع الاتهامات على الرئيس جو بايدن، باعتباره مساهما في صنع أزمة أوكرانيا، التي وصلت إلى حد قيام روسيا بغزو كامل لأراضيها. وتركز هذه الأصوات على سياسات بايدن التي ضيقت على استخراج الغاز والبترول الأميركي، وهو ما يقوي من موقف روسيا في سوق الطاقة العالمي، ومن جهة أخرى، يحصل بايدن العديد من اللوم بسبب فشل سياسته لردع الرئيس الروسي عن القيام بالغزو.
وقد حذر بايدن فيو وقت سابق فينهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي من حشد موسكو لعشرات الآلاف من جنودها على طول حدودها الغربية مع أوكرانيا، وعرض بايدن تقارير أجهزة استخباراته أكدت عزم روسيا على غزو أوكرانيا، وذلك على الرغم من رد الفعل المتشكك من العديد من الحلفاء الأوروبيين، ومن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نفسه.
وضع صعب لبايدن
أظهر استطلاع حديث للرأي -أجرته شبكة “إن بي سي” (NBC) الإخبارية- أن 22% فقط من الأميركيين يعتبرون بلادهم تسير بشكل عام في الاتجاه الصحيح تحت حكم بايدن، في حين اعتبر 72% أنها تسير في الاتجاه الخاطئ، ولم يحدد 6% منهم موقفا واضحا.
في الوقت ذاته، كشف استطلاع آخر أجرته صحيفة “واشنطن بوست” (Washington Post) عن موافقة 33% فقط من الأميركيين على طريقة إدارة بايدن لأزمة أوكرانيا.
ومن المؤكد أن هجوم روسيا على أوكرانيا قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار وقود السيارات، وسط أعلى معدلات تضخم تعاني منها الولايات المتحدة منذ عقود، وهو ما يوفر للجمهوريين خطا جديدا للمجادلة ضد فطنة السياسة الخارجية لبايدن وتداعياتها الداخلية، مما يضع الحزب الديمقراطي على أرض أكثر اهتزازا مع توجه الناخبين إلى انتخابات التجديد النصفي نوفمبر/تشرين الثاني القادم، وسيطرة الجمهوريون على معظم مجلسي النواب والشيوخ نوفمبر/تشرين الثاني القادم، وأن يصيب الشلل أجندة بايدن خلال العامين الثالث والرابع من فترة حكمه.
وأدت عرقلة تمرير أجندة الرئيس بايدن المتعلقة بالبنية التحتية واضطراره لتعديلها، ثم عرقلة تشريع “إعادة البناء للأفضل”، إلى تراجع شعبية الرئيس، مع تعهد السيناتور الديمقراطي جون مينشين من ولاية فرجينيا الغربية بعدم التصويت لصالح القرار.
وتعكس تلك الحالات شكوكا متزايدة في قدرات بايدن على قيادة وتوحيد الديمقراطيين، في ظل استمرار الاقتتال الداخلي بين تيارات حزبه، خاصة بين الأعضاء التقدميين والأغلبية التقليدية.
مواجهة بايدن لبوتين
خاض الرئيس بايدن حملته الانتخابية بناء على وعد بالوقوف في وجه روسيا، حيث غرد في وسط حملة انتخابات 2020 الرئاسية بقوله “فلاديمير بوتين لا يريدني أن أكون رئيسا، إنه لا يريدني أن أكون مرشح الحزب، وإذا كنت تتساءل عن السبب، فإنني الشخص الوحيد في هذا المجال الذي يمكن له مواجهته”.
إلا أن استطلاعات الرأي تشير إلى عكس ذلك، حيث يرى أغلبية الأميركيين الرئيس بوتين أكثر قوة من الرئيس بايدن. وحاول الرئيس بايدن بقوة ردع الغزو الروسي في أوكرانيا، في الوقت نفسه، الذي يرى منتقدوه أنه منح الرئيس الروسي بوتين المزيد من النفوذ على إمدادات الطاقة العالمية، بسبب سياسات بايدن المعرقلة لزيادة إنتاج الطاقة الأميركي من غاز ونفط.
انتخابات الكونغرس
سخرت جينا إليس -المستشارة القانونية السابقة للرئيس دونالد ترامب- من أداء الرئيس بايدن في مواجهة الأزمة الأوكرانية، وقالت في تغريدة لها، “بايدن ضعيف وفاشل، أميركا بدون قائد”.
وفي ظل حالة الاستقطاب الحزبي والانقسام غير المسبوق في واشنطن بين الجمهوريين والديمقراطيين، يلقي كثير من قيادات الحزب الجمهوري، مثل السيناتور تيد كروز وزعيم الأقلية في مجلس النواب كيفن مكارثي، باللوم -في وقوع الغزو الروسي- على قيادة الرئيس بايدن الضعيفة.
كما بدأ بعض الجمهوريين بالفعل في استغلال نقاط جديدة للهجوم على بايدن؛ إذ يتهمونه بأنه ليس قويا بما فيه الكفاية ضد بوتين.
كما أكد السيناتور الجمهوري كيفن كريمر، عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، إن سياسة بايدن “لاسترضاء الطغاة والبلطجية، بدلا من إظهار القوة، منحت ترخيصا لأشخاص مثل فلاديمير بوتين، وشي جين بينغ، وإيران، وطالبان. كل ذلك مسؤول عنه بايدن”.
وأضاف “لقد بدأ الأمر بكارثة أفغانستان، التي كانت إشارة من بايدن إلى العالم أنه ضعيف وغير حاسم وغير فعال، وأن بوتين استغل حالة الضعف تلك”.
أوكرانيا فرصة لبايدن
لكن المواجهة بين روسيا وأوكرانيا تعطي بايدن أيضا فرصة لتعزيز شعبيته إذا نجح في إدارة الأزمة بعدما فشل في ردع بوتين. فإذا تمكن بايدن من قيادة المعسكر الغربي وإبقائه موحدا تحت قيادة واشنطن، فقد يراه الأميركيون قائدا قويا.
ويقول خبير شؤون استطلاعات الرأي، جيف هورويت، إنه “ليست هناك رغبة شعبية كبيرة في المشاركة في الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا، ومن ثمّ فإنني أعتقد أن الرئيس يسير على هذا الخط، ويحاول إظهار كفاءة في إدارة أزمة كبرى في السياسة الخارجية، بعدما تعرضت قدرته لضربة موجعة بعد الانسحاب من أفغانستان”.
في هذا الصدد، أكد مايكل ماكفول، السفير السابق لدى روسيا خلال إدارة باراك أوباما، إن البيت الأبيض “بحاجة إلى إعداد الشعب الأميركي لما يحدث في أوكرانيا، وكيف تؤثر تلك الحرب على المصالح الوطنية الأميركية”، مضيفا “يمكننا التظاهر بأن الحروب البعيدة لا تؤثر علينا، لكن التاريخ -وخصوصا الحرب العالمية الأولى، والحرب العالمية الثانية- يظهر أنها تميل إلى التأثير في نهاية المطاف على أمننا”.
كما أن في الوقت الذي يمكن فيه لأزمة أوكرانيا أن تسيطر على العناوين الرئيسية للأشهر القليلة المقبلة، لا يُعرف بعد ما تحمله الأيام للدور الأميركي المتغير في الأزمة، وهل ستبقى عند حدودها الحالية القليلة، ممثلة في فرض عقوبات على روسيا، وتقديم مساعدات لأوكرانيا، أم قد ينتهي الأمر إلى الانجرار والتورط في الصراع بصورة مباشرة، وسيتوقف ذلك على ما سيُقدم عليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الأيام المقبلة.