حوارات و تقاريروطنيات
الإعلامية الشهيدة سلوى حجازي.. وأسرار مقتلها
أسماء صبحي
سلوي حجازي مذيعة منحوتة من تراب هذا الوطن، قتلها الصهاينة حينما ضربوا الطائرة التي كانت تركبها أثناء عودتها من ليبيا وتصويرها حلقات برنامجها الشهير “عصافير الجنة”.
نشأتها وعملها
وسلوى حجازي من مواليد القاهرة مايو 1933، والدها المستشار رضوان حجازي، وبعد حصولها على التوجيهية – فرنسي – تزوجت من القاضي محمود شريف بطل النادي الأهلي ومصر في الجمباز والمستشار فيما بعد عام 53، تقدمت للعمل كمذيعة باللغة الفرنسية بالتليفزيون مع بدايته الأولى 1960.
نجحت في تقديم أشهر برنامج للأطفال (عصافير الجنة)، وقدمت أمسية الأربعاء- العالم يغني- شريط تسجيل المجلة الفنية وكانت تقدم نشرة الأخبار بالفرنسية، كما كانت شاعرة موهوبة تنظم الشعر بالفرنسية، وقدمت 4 دواوين (أضواء وظلال – إطلالة – سماح – أيام بلا نهاية) و أهدتها أكاديمية الشعر الفرنسية ميداليتها الذهبية عام 1964، وفازت بميدالية ذهبية في مسابقة الشعر الفرنسي الدولي عام 1965.
وفاتها وتكريمها
وفي شهر فبراير 1973 سافرت مع بعثة تليفزيونية تضم المخرج عواد مصطفى لتصوير حلقات للتليفزيون من ليبيا، وأتمت المأمورية بنجاح، ولكن خلال رحلة العودة اعترضت طائرتها التابعة للخطوط الليبية طائرات إسرائيلية أسقطتها داخل الأراضي المصرية وكان على متنها صالح بوصير وزير الخارجية الليبي السابق ولقي جميع ركاب الطائرة مصرعهم.
منحها الرئيس الراحل أنور السادات وسام العمل من الدرجة الثانية، وكرمها الرئيس حسني مبارك بمنح اسمها وسام استحقاق من الدرجة الأولى، وفي شريط التسجيل الموجود بالصندوق الأسود كان هناك الحوار التالي في كابينة الطيار، حيث تساءل مهندس الطائرة وسط أصوات إطلاق النار ما هذا رد عليه الطيار الثاني لقد شاهدت بعض الصواريخ، وقال مهندس الطائرة لقد أصابونا، وأبلغ قائد الطائرة برج المراقبة في القاهرة “اعتقد أننا نواجه مشاكل في البوصلة وفي الاتجاه لقد أصابتنا طائراتكم الآن”، إلا أن الطيار الثاني صحح معلوماته بقوله إنها طائرة إسرائيلية مقاتلة، طائرة إسرائيلية مقاتلة، وتوقف التسجيل بضع دقائق قبل أن تتحطم الطائرة.
مأساة غير متوقعة
بعد وقت قصير وصلت مروحيات الإنقاذ التابعة لسلاح الطيران الإسرائيلي إلى المكان الذي تحطمت فيه الطائرة وكان عضو الكنيست اليعيزر كوهين الذي كان قائد سرب مروحيات آنذاك ضمن أول من شاهدوا حجم الكارثة، وهو يقول أنا رجل ذو أعصاب قوية لا أشعر بالتأثر من أي شيء لقد شاهدت كل شيء في حياتي إلا أن ما شاهدته هنا كان تناقضًا هائلا بين أن تطلق النار على طائرة تشكل خطرًا عليك، وبين أن تطلق النار على طائرة مدنية.
وقد عثر مراسل مجلة نيوزويك الذي زار مكان الحادث بعد فترة قصيرة من إسقاط الطائرة على بقايا المأساة مبعثرة على الأرض، ملابس، كتب، لعب أطفال، جثث احترق معظمها ويصعب تمييزها، وكان بعضها مازال مربوطًا بالمقعد، وفي مستشفى بير جفجافة التقى كوهين بالطيارين الإسرائيليين اللذين أسقطا الطائرة وصلا بسيارة جيب لرؤية ما حدث لقد أصيبا بصدمة بعد أن أدركا فداحة ما حدث.
وتعامل الساسة مع حادث إسقاط الطائرة بلا مبالاة وعدم اكتراث، وقد قررت الحكومة عدم تشكيل لجنة تحقيق استنادًا إلى فتوى المستشار القانوني للحكومة آنذاك ميئير شمجر الذي قال إن سلاح الطيران عمل من خلال الالتزام بالقانون الدولي.
رفض تعويض إسرائيل
وخلال مناقشات جرت بالكنيست، قال حاييم تسادوك رئيس لجنة الشئون الخارجية والأمن، أية محاولة للتعرف الآن على مدى سلامة القرار في تلك اللحظات المصيرية لن تأتي بفائدة، وقد شارك كل من رئيس هيئة الأركان العامة وقائد سلاح الطيران في مناقشات الكنيست، وقدصافحاهما الكثير من أعضاء الكنيست بحرارة كما لو كانا عائدين من عملية عسكرية مجيدة، وليسا كمسئولين عن مقتل 106 مدنيين بلا مبرر.
وفي نهاية الأمر قررت الحكومة دون أن تعترف بالمسئولية منح 30 ألف دولار لأسرة القتيل، ومن 10 إلى 3 ألاف دولار لكل مصاب تبعًا لخطورة الإصابة، لكن الحكومة المصرية رفضت ذلك التعويض آنذاك.
ويقول عاموس لبيدوس الذي تولى قيادة سلاح الطيران في السنوات من 1982-1987: “كانت الصدمة شديدة، لقد سارت الأمور وفقًا لما هو معمول به، كل فرد قام بدوره ثم حدث ما حدث، إلا أن حرب يوم الغفران نشبت بعد ذلك وفقدنا ما يقرب من مائة طائرة، وتعرضنا لصدمات أخرى عنيفة، هذه هي الحياة من المؤكد أنهم استخلصوا الدروس والعبر فالرأي العام العالمي في النهاية سيقول إن سلاح الطيران الإسرائيلي قد أسقط طائرة مدنية”.
ومن ضمن أفراد طاقم الطائرة الليبية والركاب البالغ عددهم 106 أشخاص، لم يبق على قيد الحياة إلا سبعة، وكان معظم الضحايا من العرب ومن بينهم سلوى حجازي المذيعة بالتليفزيون المصري، و هي أم لأربعة أبناء، وصالح بصير وزير خارجية ليبي سابق، والدكتور محمود أبو وافية رجل قانون مصري شهير.