تاريخ ومزارات

هروباً من القبائل الجرمانية..يوليوس قيصر أنشأ جسر خشبي في عشرة أيام 

دعاء رحيل

يعد يوليوس قيصر من أعظم وأشهر العسكريين عبر التاريخ، ولكن من قال إن العظماء لا تصدر عنهم أفعال قد يراها البعض جنونية فيما يرونها هم عين العقل والحكمة؟ هذا ما فعله يوليوس قيصر حين قام بواحدة من أسرع عمليات البناء في التاريخ، بل والهدم أيضا!

 

 

يوليوس قيصر

 

اشتهر يوليوس قيصر بجانب أنه إمبراطورا عظيما، أنه كان كاتبا وقائدا سياسيا وجنرالا عسكريا لا يشق له غبار، وقد عرِف منذ شبابه بذكائه ونبله وشجاعته وحنكته السياسية وقدرته على التدبير والتخطيط، ولذا استحقَ عن جدارة وصفه رجل روما وسيدها المنتظر وإمبراطورها المرتقب، حتى تولى الحكم فيما بعد بين تقدير واحترام وتشجيع هائل من قبل أهالي روما.

 

قام يوليوس قيصر بغزو بلاد الغال عام 52 قبل الميلاد، وفي أوائل صيف 55 قبل الميلاد كانت الحدود الشرقية للمقاطعات الجديدة تقع على ضفاف نهر الراين، وتشكَلت القبائل الجرمانية حينها على الجانب الشرقي للنهر والتي شنَّت غاراتها نحو الغرب اعتمادا على الحماية التي وفرتها لهم هذه الحدود الطبيعية، ولسوء حظها كانت هناك أيضا بعض القبائل المتحالفة مع روما على الجانب الآخر للنهر مثل قبائل الـ«أوبيانس» والتي عرضت على يوليوس ‑بل توسلت إليه- وأرسلت سفراءها وحاولت بجميع الطرق إقناعه لاستعمال سفنها لعبور النهر ومحاربة القبائل الجرمانية، ورغم هذا الإلحاح وهذه التوسلات جاءهم الرد بالرفض التام.

 

قام القيصر بناء جسر خشبي ليعبره 40 ألف جندي عوضا عن استخدام السفن، وبالرغم من عمق النهر وسرعة حركته وعرضه يعتبر بناء الجسر أمرا مستحيلا خاصة وأن المطلوب هو إنجازه في زمن قياسي، إلا أن هذا المستحيل تحقق بالفعل، فبالرغم من هذه الصعوبات التي واجهها يوليوس إلا أنه قرر بناء الجسر الخشبي ومده بين الضفتين مستعينا بجيشه الذي بلغ عدده 40 ألف جندي، ومغامرا بهم وبعدته وعتاده في الوقت نفسه.

 

تم بناء الجسر 10 أيام، فقط الأمر الذي أدهش الجميع حتى إنه لم يُعرَف إلى الآن من هو المهندس المسؤول عن هذه التقنية الجديدة حينذاك والتي لم يتم استخدامها من قبل إلا أن شيشرون الكاتب الروماني العظيم وخطيب روما المفوه أشار في رسالة له إلى أن اسمه «مومارا».

 

بمجرد اكتمال الجسر قام يوليوس وجنوده بالعبور إلى الضفة الأخرى حيث كانت قبائل الأوبيانس في انتظارهم، إلا أنه بعد عبور الجسر نما إلى علم يوليوس قيصر أن القبائل الجرمانية فرت نحو الشرق تحسبا لوصوله في أي وقت وهربا من مواجهته، هكذا وبعد انسحابهم من أرض المعركة دون قتال قرر يوليوس العودة بجيشه إلى الضفة الغربية مرة أخرى بعد 18 يوما توغل خلالها في الأراضي الواقعة شمال نهر الراين دون مواجهة أي مقاومة، ثم عبَر الجسر هو وجنوده وأقدم على فعل هو الأغرب في ذلك التوقيت.

 

والغربي في الأمر أن يوليوس قد أمر جنوده بهدم الجسر مرة أخرى إذ انتفت الحاجة إليه وحتى لا يلحق به أحد، وأظهرت استراتيجية قيصر في عملية البناء والهدم التأثير المطلوب، فقد أبرز قوة روما وقدرتها على عبور نهر الراين في أي وقت، وعلى طريقتهم الفريدة دون الاستعانة بأحد ولو كان من الحلفاء، وهكذا كان الأمر استعراضا فريدا من نوعه للقوة، قام يوليوس قيصر بعدها بتأمين حدود بلاد الغال، وامتنعت قبائل الجرمان لعدة قرون عن عبورها، واعتمد يوليوس هذه السياسة التي آتت أكلها في كثير من غزواته بعدها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى