الكحالين.. تاريخ طب العيون عند العرب قديمًا

أميرة جادو
بلغ الأطباء العرب مكانة مرموقة في الطب بشكل عام وطب العيون بشكل خاص، ويعد “الكحّال” أو الطبيب المختص في طب العين من أشهر الأطباء عند العرب، والكحالة لفظ مشتق من كلمة الكحل، وتعني في اللغة العربية “كل ما يوضع في العين يستشفى به مما ليس بسائل”، والكحال هو من يضع الكحل في العين، ومنه فن الكحالة، والمقصود به طب العيون.
وصل طب العيون مستوى عالي جدًا خلال القرن الرابع الهجري، ومن المحتمل أن يكون انتشار أمراض العيون في البلاد العربية الإسلامية السبب في الاهتمام الزائد من قبل الأطباء العرب بهذا الاختصاص، وفي كتاب ابن أبي أصيبعة نجد ما لا يقل عن اثنين وثلاثين كتاباً عربياً في طب العيون، ومثيل ذلك من الأطباء، بل إن ابن أبي أصيبعة كان هو نفسه كحَّالاً.
ويعد كتاب دغل العين لأبي زكريا يوحنا بن ماسويه (242-190 هـ)، أقدم الكتب في أمراض العين، وهو مسيحي من أطباء البلاط في بغداد. والكتاب مكتوب باللغة العربية وحافل بالمصطلحات اليونانية والسريانية والفارسية.
مشاهير الكحالين العرب
علي بن عيسى الكحال (توفي عام 400هـ / 1010م) : أشهر الكحالين قاطبةً. ويعود سبب شهرته إلى انتشار كتابه “تذكرة الكحالين” الذي ترجم إلى اللاتينية.. واستمر تدريسه في مدارس الغرب حتى القرن الثامن عشر، رغم أنه ليس أجود ما كتبه العرب، ترجم كتابه إلى الألمانية الأستاذ هيرشبرغ. وكتابه مطبوع بالعربية في الهند (حيدر آباد الدكن ـ عام 1963).
عمار بن علي الموصلي (توفي عام 400هـ /1010م) : عراقي الأصل، لكنه مارس المهنة في القاهرة في عهد الحاكم بأمر اللّه الفاطمي، ويعد من أفضل الكحالين العرب نشاطاً وإبداعاً، وكتابه أفضل ما كتب بالعربية، وهو المنتخب في علاج أمراض العين وعللها ومداواتها بالحديد. وهو موسوعة تامة تتضمن على كل المعلومات السائدة في زمانه بالنسبة لأمراض العين. وصلت شهرته إلى الأندلس حتى ذكره الزهراوي في كتابه التصريف. وهو مبتكر طريقة قدح الساد بالمص التي ظلت مستعملةً زمناً طويلاً في أوروبا. ولقد قام الدكتور محمد ظافر الوفائي بتحقيق كتابه ونشره.
خليفة بن أبي المحاسن الحلبي. عاش في القرن الثالث عشر الميلادي في مدينة حلب. واشتهر في جميع أنحاء سوريا، حيث كانت سوريا وقتها شهيرةً بطب العيون وعلاج المرضى من كل البلاد. وله كتاب الكافي في الكحل. وفيه وصف دقيق للغاية لعملية قدح الساد، مع رسوم للآلات والأدوات التي كان يستعملها. وكان واثقاً من نتائج عمليته على الساد، إذ كان لا يتردد في قدح العينين في وقت واحد.