في اليوم العالمي للرقص.. حكاية “رقصة الموت” لعنة أنهت حياة المئات
أميرة جادو
يعتبر “الرقص” من مظاهر الفرح والسعادة، فلا يمكن أن تكون سعيد وتجد الموسيقى ولا تقرر أن تتحرك على إيقاعها، فهو جزء من تاريخ وفلكور الدول التي تعتز دائما بعرضه ولكن هناك دول اعتبرت الرقص لعنة أصابت مواطنيها وأنهت حياة المئات منهم في عصر كان الرقص مجرد طاعون والرقص هو بداية الموت.
ولكن هل يمكن أن ترى شخص يرقص في الشارع بشكل هستيري بلا مقدمات أو أسباب في منتصف الطريق حتى بلا موسيقى قد يكون الأمر في بدايته طبيعي ففي النهاية هي حالة فردية ولكن حينما تجد أن شخص آخر في محاولة للسيطرة على الراقص قد بدأ في الرقص هو الآخر بشكل هستيري بمجرد لمسه وكأنه مرض معدي فإن الشك قد يتملكك.
ومع تفشي هذه الحالة الغريبة عند المئات من الأشخاص تشعر وكأن الأمر خرج عن السيطرة ليتحول إلى هيستريا جماعية بأعراض مرضية واضحة ولكن بأسباب غامضة عجز الجميع عن تحديدها وسط العديد من النظريات وبعودة تاريخية سريعة بالزمن إلى قرون مضت تكتشف رقصة الموت فكن على استعداد لرحلة سريعة للقرن الـ 16.. عصر الطاعون الراقص.
بداية اللعنة
ظهر كل شيء في يوم صيفي، في يوليو من عام 1518 عندما وجد سيدة تدعى “فراو تروفيا”، أحد سكان مدينة ستراسبورج الفرنسية، تقف في وسط إحدى الشوارع وترقص بشكل هستيري في بداية الأمر لم يهتم الناس كثيرا ولكن مع استمرار “فراو تروفيا” بالرقص منفردة لمدة أسبوع كامل دون توقف ما بين الالتفاف والدوران والاهتزاز بصمت حتى انهارت من الإرهاق وبعد فترة قصيرة من الراحة استأنفت نشاطها المحموم القهري في موقف وقف أمامه الجميع مندهشا.
ووفقا لما ذكره موقع “هستوري”، جاء أحد المارة في محاولة للسيطرة عليها وبمجرد أن لمسها بدأ هو الآخر بالرقص بشكل هستيري وفي خلال أسبوع واحد وصل عدد الحالات المصابة بهستيريا الرقص أكثر من 30 شخص ممن استمروا في تجاوز نقطة الإصابة.
موت العشرات
وفي شهر أغسطس بلغ عدد حالات طاعون الرقص نحو 400 إصابة لتصبح شوارع ستراسبورج الفرنسية ممتلئة بالراقصين الموهوسين الذين انتقلت إليهن حمى الرقص دون حسيب ولا رقيب وعلى ما يبدو غير راغبين للرقص المستمر على مدى أيام متتالية وحتى بدأ أن يسقط أعداد كبيرة منهم ما بين الإصابة بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية والارهاق.
ومع عدم وجود تفسير علمي للظاهرة شعرت السلطات أن السبب في ذلك هو “الدم الساخن” ورأت أن الحل يكمن في مزيد من الرقص حتى يطردوا شياطينهم وبهدف السيطرة على الوضع قامت السلطات بتشييد خشبة مسرح وأحضرت راقصين محترفين وفرقة موسيقية مرافقة لمساعدة المنكوبين على مواصلة الرقص.
ولكن لم يمضي وقت طويل على بناء المسارح حتى ازداد التأثير السلبي وانهار العديد من الراقصين من الإرهاق الشديد حتى أن أعداد الوفيات بسبب السكتات الدماغية والنوبات القلبية قد زادت واستمر الهوس لمدة شهرين تقريبا حتى اختفت في سبتمبر عندما تم نقل الراقصين إلى ضريح على قمة جبل للصلاة من أجل الغفران لينتهي طاعون الرقص بشكل غامض كما بدأ وترك الساحة للعديد من النظريات المفسرة وغير المؤكدة بحسب موقع “بريتانك”.
نظريات طاعون الرقص
اختلفت التفسيرات حول أسباب الإصابة بطاعون الرقص وانتشاره كالحمى بين الجميع وما بين نظريات لا يقلبها العقل وأخرى مستحيلة ظل السبب غامض ليكون لغز يضاف إلى قائمة الغاز التاريخ التي تحتاج إلى فك طلاسمها.
حيث أعادت إحدى النظريات السبب في رقصة الموت إلى تناول الراقصين للخبز المصنوع من دقيق الجاودار الملوث بمرض الشقران الفطري السام والمعروف عنه ما يسببه من تشنجات ولكن هذا التفسير لم يكشف السبب وراء تحملهم المذهل لنوباتهم التي تستمر لأيام.
لعنة فيتوس
فيما رأى آخرون أن ما أصاب سكان المدينة هو “لعنة الرقص” المتعلقة بالقديس الكاثوليكي “سانت فيتوس”، حيث آمن الأوروبيون في القرن الـ 16 أن هذا القديس لديه القدرة على لعن الناس الذين فشلوا في استرضاءه وكونه شفيع المصابين بالصرع فإن تظهر في صورة الطاعون الراقص وإجبار هؤلاء على الرقص.
لتقترح نظرية أخرى أن الراقصين كانوا أعضاء في طائفة دينية ويقومون بهذا الرقص الهستيري لجذب النعمة الإلهية ووسط كل هذه النظريات كان التفسير الأقرب للمنطق والأكثر قبولا هو الاعتقاد بأن الطاعون الراقص هو شكل من أشكال الاضطراب النفسي الجماعي والتي تحدث في ظل ظروف من الإجهاد الشديد.