أسماء صبحي
اشتهر ملوك المصريين القدماء وقادة المؤسسة العسكرية المصرية بمهارتهم العسكرية والحضارية. وظهر ذلك جليًا فيما قدمه أولئك الملوك المصريين القدماء العظام من أعمال جليلة للحفاظ على أرض مصر الطيبة والدفاع عن حدودها. بل وزيادة رقعتها الجغرافية حتى أصبحت الإمبراطورية المصرية مترامية الأطراف.
وكانت لهذه الأدوار التي أدّاها أولئك الملوك المصريين العظام في أعز وأمجد وأغلى فترات التاريخ المصري القديم أثر كبير على قلوبنا. وذلك لأصالتها وقوة تأثيرها على العالم القديم في ذلك الوقت.
أول جيش نظامي في التاريخ
الجيش المصري هو أول جيش نظامي في التاريخ ويعود إلى عصر الأسرة السادسة. ومنذ فجر التاريخ والجيش المصري عقيدته هي الدفاع وليس الهجوم. فهو يقاتل بضراوة في مواجهة الأعداء ولكنه يلتزم بأخلاقيات الحرب مثل عدم الاعتداء على الضعفاء أو السيدات والتعامل مع الأسرى بإنسانية ومن دون تنكيل وعدم تدمير الموارد الطبيعية. والجيش المصري يؤمن بأن قوته ليست في عسكريته فحسب، بل تكمن في سلوكه المتحضر أيضاً.
ومصر القديمه ابتدعت الأخلاقيات العسكرية المصرية في العالم. حيث وضعت قواعد أخلاقيات الجيوش والحروب منذ آلاف السنين. فهي سبقت المواثيق الدولية في العالم. ومن جانب آخر تطورت أسلحة الجيش المصري على مدار السنوات وعرف المصريون العجلة الحربية من الهكسوس واستخدموها.
الدبلوماسية في مصر القديمة
ولم يعتمد ملوك مصر القديمة فقط على الحرب في التعامل مع الدول الأخرى وفي صدّ الاعتداءات. وإنما كانت هناك أيضاً جهود دبلوماسية اعتمد عليها المصريين القدماء في علاقاتهم بالدول الأخرى اتّخدت أشكالاً متعددة وأتت ثمارها في أوقات كثيرة.
وكانت هناك طريقتان في مصر القديمة اتخذهما ملوك المصريين القدماء للتعامل مع العالم، هما الحرب والدبلوماسية. وكانت معظم العلاقات الخارجية لمصر في هذا الوقت هي مع بلاد الشرق الأدنى القديم المتمثلة في سوريا وفلسطين والعراق ومنطقة البحر المتوسط. فهناك ملوك استطاعوا أن يوطدوا وضع مصر من خلال الحرب مثل تحتمس الثالث الذي قاد 17 حملة لم يهزم في أي منها.
وبالنسبة إلى الدبلوماسية فقد اتخذت أشكالاً متعددة استخدمت في الحرب والسلم على السواء. منها إرسال الهدايا إلى الدول الأخرى كشكل من أشكال توطيد علاقات الصداقة بين البلدين. ومنها الزواج الدبلوماسي الذي كان فكرة شائعة آنذاك مثل زواج رمسيس الثاني من ابنة ملك الحيثيين بعد توقيع معاهدة السلام بينهما والتي تعد أول معاهدة سلام في التاريخ. ومنها أيضاً استقدام أبناء حكام الدول الأخرى ليتعلموا في مصر فيكبرون ولديهم ولاء لمصر وانتماء إليها.
الملك رأس الدولة المصرية القديمة
كانت للملك مكانة عظيمة في مصر القديمة، فهو قمة السلطة الدينية والدنيوية على السواء. ومن أهم سلطاته قيادة الجيش وتحقيق الانتصارات وتدعيم ركائز الدولة وصدّ أي مجال لاعتداء محتمل. وعن هذا الأمر يقول عبد البصير: “كان الملك رأس الدولة في مصر القديمة وكان مصدر كل السلطات خصوصاً السلطتين الدينية والدنيوية حتى يكون قادراً على النهوض بمهام الملكية المقدسة المُلقاة على عاتقه. ويدير السياسة الداخلية والخارجية. وله الحق في إصدار المراسيم والقوانين التي تكفل تحقيق العدالة والأمن والاستقرار للمجتمع”.
وبوابة مصر الشرقية غالباً ما كانت مصدر الخطر والاعتداءات على مصر. ولذلك حرص كثير من ملوك المصريين القدماء على بسط نفوذهم في منطقة الشرق الأدنى القديم لتأمين حدودهم من الناحية الشرقية. ففي هذه الحالة يمكن لو حدث اعتداء. التعامل معه خارج حدود مصر والقضاء عليه قبل وصوله إلى أراضيهم وبالفعل دائماً ما كانت حماية الدولة من أهم أدوار الملك والجيش.
نقلًا عن هاجر حنيش، كاتبة وباحثة فى الآثار المصرية القديمة وعضو في فريق حراس الحضارة.