ثلاجات عصور ما قبل الميلاد.. من بيوت الثلج إلى قوافل الجليد
أميرة جادو
بيوت الثلج، وهي غرف تحت الأرض ذو قاعدة مخروطيه من صنع الإنسان تم بناؤها بالقرب من مصادر ثلجية طبيعية، يتم نقل الثلج من مصادره إلى المنازل الثلجية، حيث يتم عزله باستخدام بعض المواد الخام مثل القش ونشارة الخشب للحفاظ على الثلج في صورته الصلبة لعدة أشهر، أحيانًا من الشتاء إلى الشتاء.
تظهر الأدلة التاريخية أن الفرس القدماء (إيران حاليًا) كانوا روادًا في بناء البيوت الثلجية وأطلقوا عليها اسم “يخجال”، كما ورد في مخطوطة تعود إلى عام 1700 قبل الميلاد، وهاجروا منهم إلى أجزاء كثيرة من العالم.
قوافل الجليد
أما العرب فكانوا على دراية بالجليد سواء من خلال رحلات القوافل إلى بلاد الشام حيث يتشكل الجليد على ارتفاع معين، أو لأنهم رأوا الثلج يتساقط مع العواصف الرعدية وتحوله إلى ماء يروي المحاصيل، بالإضافة إلى علمهم بفكرة التبريد ذاتها عن طريق التبخير والترطيب.
ولفتت بعض الوثائق التاريخية أن الأمويين استوردوا الثلج من جبال لبنان والمرتفعات السورية في الشمال، أما العباسيين فكانوا يستوردون قطع الثلج من تركيا (عبر دجلة والفرات) ومن جبال أفغانستان (على ظهور الجمال والبغال).
وتبدأ رحلة الثلج من أحد الجبال العالية في أفغانستان أو تركيا أو لبنان (حيث يتم تقطيع الثلج إلى مكعبات ورشها بخامات نباتية تحميها من الذوبان)، وكلما كانت القطعة أكبر، كلما كان ذوبانها أبطأ وكلما طالت مدة بقائها، ثم يتم تغطيتها بقطعة قماش سوداء ومعزولة بالقش أو اللباد أو جلد الغنم.
يتم نقل كتل الجليد على الحمير أو الجمال (أو عبر البحار والأنهار) إلى المناطق النائية والساخنة دون أن تفقد أكثر من 10٪ من حجمها الأصلي، وكانت قوافل الجليد هذه مربحة للغاية، حيث كان عملاؤها الرئيسيون هم الأغنياء والأثرياء في دمشق، وبغداد، والقاهرة.
لم يقتصر نقل الثلج على المدن العواصم السياسية (للخلافة)، بل تجاوزه ليصل مثلا إلى مكة والمدينة المنورة، رغم أنهما ليستا مقرًّا للحكم، ولم يعد مقتصرًا على نخبة القوم، بل أصبح جزءًا من الصدقات التي يقدمها أتقياء الناس إلى المتصوفة والمجاورين.