عادات و تقاليد

موروثات البادية.. جلسات القبائل العربية في صحراء قنا

أميرة جادو

تعايشت القبائل العربية بين المجتمعات الجديدة في مناطق مختلفة من مصر ورسخت فيهم روح وطنية جديدة تسمى “مصر”، لكن العادات والتقاليد الموروثة عن آبائهم وأجدادهم لم تتغير منذ أكثر من قرنين ولا تزال في أذهانهم، ويتجسد ذلك في حياتهم اليومية، ولا تتغير بمرور الوقت، ففي كل مناسبة سعيدة، يتخلى كبار العائلات وعائلاتهم عن ملامحهم الجادة ليشاركوا ابنائهم في جلسات أو حلقات “الزريبي” و”الرجيعي” و”المتيني” وغيرها من الفنون الموروثة عن آبائهم وأجدادهم.

لم يقدم أبناء قبائل الرشايدة وعبابدة والعوازم إلى شبه الجزيرة العربية بالفنون والألعاب فقط، ولكن لا يزال الكثير منهم يتشبثون بالملابس القديمة الموروثة عن أسلافهم، ولا تزال القهوة العربية والجبن مشروبهما الرسمي في حالات مختلفة، وقد انعكس ذلك في اجتماعاتهم وأحداثهم في صحراء نقادة في محافظة قنا.

تنتشر القبائل العربية في العديد من محافظات مصر المختلفة، علاوة على عائلاتهم الكبيرة الممتدة في شبه الجزيرة العربية، وفي قنا، استقر العديد منهم في صحراء قرية طوخ التابعة لمركز نقادة، حيث زرعوا مئات الأفدنة الصحراوية القاحلة وحولوها إلى مكان أخضر مليء بالخير والنماء.

فنون  تقليدية

ومن جهته، قال الشيخ عايش منسى حمدان الرشيدي: “قدمنا من الجزيرة العربية إلى مصر منذ أكثر من 250 عامًا وتعايشنا مع المجتمع المحيط، في مناطق كثيرة ومحافظات مختلفة تنتشر بها قبائلنا، ورغم تعايشنا وتأقلمنا مع الحياة والمجتمعات المحيطة، إلا أننا مازلنا متمسكين بعاداتنا وتقاليدنا التي توارثناها عن آبائنا وأجدادنا والتي تمثل تراثا عريقا نفخر به ونعمل على إحيائه بشكل دائم لكى يتوارثه أبناؤنا وأحفادنا”.

فن “الرجيعي”

وأوضح الشيخ عايش الرشيدي، أحد شيوخ قبيلة الرشايدة في مصر: “من ضمن ألوان التراث التي توارثناها عن آبائنا وأجدادنا فنون “الزريبي والمتينة والرجيعي” وهى فنون غنائية برقصات معينة، نمارسها في أفراحنا ومناسباتنا السعيدة، ويتعلمها أطفالنا خلال أدائنا لحركاتها وكلماتها التي نحفظها عن بعضنا البعض، فهي فنون لا تدرس ولا يمكن لأي فرقة من خارج قبائلنا أن تؤديها أو تتقنها لأنها فن شفهي يتم تناقله عبر الأجيال، وهذه بعض الكلمات التي نرددها خلال رقصاتنا “يا بخت من عاشر الطيب وأكل من زاده” و”ليه ليه يا ليالي وليه يا زمان.. دفنت الأسود تحت الرمال”.

وأشار إلى أن الأجيال الجديدة لا تعيش في عزلة عن المجتمع المحيط بها، ففي الآونة الأخيرة، إلى جانب الجمل الغنائية التقليدية القديمة، تظهر قطع غنائية جديدة في مواقف مختلفة، يطلق عليها اسم “بدعة”  بسبب الطبيعة المبتكرة لهذه الأعمال وأدائها في المناسبات الخاصة أو حول  حدث محدد.

فن “الزريبى”

وأوضح أحمد عيد، من قبيلة العوازم: “انتشرت قبائل كثيرة في مختلف محافظات مصر، جئنا من شبه الجزيرة العربية، ورثنا العديد من التقاليد عن أجدادنا، وتوارثناها من جيل إلى جيل، وينعكس هذا التراث في أعيادنا وأعراسنا “.

وتابع عيد: “من الفنون التي نتغنى بها “الزريبى”، ينقسم المشاركين خلاله إلى مجموعتين، كل مجموعة عددها من 10 إلى 20 فردا في كل صف، ويرددون كلام موزون ومقفى ضمن الجمل التراثية التي ورثناها وحفظناها عن أجدادنا ومنها على سبيل المثال “إن يا ندهت انده كريم.. يحيى العظام وهى رميم”، و”الشاى والنعناع غاية كيفنا.. اذبح سمين الضأن وأكرم ضيفنا”.

وفي السياق ذاته ، قال محمد امبارك من قبيلة الرشايدة: “كل الكلمات والأغاني التي نغنيها هي تراث أجدادنا، نحفظهم من الكتابة والقراءة، ومن  أكثر الفنون التي ما زلنا نمارسها، لعب الرجيعي نقول فيها “ليه ليه يا ليالى وليه يا زمان.. وحلوم الليالي قلقتنا المنام”.

فن “المتينة”

أشار محمود محمد امبارك، إلى أنه من بين الفنون التقليدية التي هجرنا بها من شبه الجزيرة العربية، “فن المتينة” ، حيث يتم من خلاله تشكيل سلسلة من صف واحد، مقسمة إلى فريقين، كل فريق يرد على الفريق الآخر بكلمات موزونة في نفس سياق الموضوع، مثال على ذلك فريق يردد “ورسالتي لك دمع عيني في زجاج أخضر”، فيرد الفريق الآخر “وليك من عندنا سلام من عندنا تحضر”، وهذه رسالة لأخ غائب يريد بها توصيل السلام من خلال لعب إرث حقيقي.

كما لفت حسن سلمان علي من قبيلة الرشايدة العربية إلى أن الفعاليات والتجمعات الكبيرة تصاحبها مشاركة وحضور ضيوف، يجب احترامهم وعلى الجميع أداء واجباتهم أمام الضيف وبعدها لابد أن يتناول القهوة العربي التي يتم إعدادها في حضور الضيف، وقال: “شرب القهوة عندنا له قواعد وأصول في الشرب”، وفق موقع “صدى البلد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى