مرأه بدوية

طقوس خاصة.. عدد الضفائر رمز الحالة الاجتماعية للمرأة في قبيلة الهيمبا

أسماء صبحي

الهيمبا هي واحدة من القبائل الأفريقية التي تتمركز في شمال وشمال غربي دولة ناميبيا، وتعتبر “ناميبيا” من أقل دول العالم كثافةً بالسكان، وأكثرهم هدوئاً واستقراراً من الناحية السياسية.
 
وقبيلة “الهيمبا” من أوائل القبائل التي تمركزت في دولة ناميبيا، ويتراوح أعدادهم بين 40 و50 ألف نسمة، ومن المتوقع أنهم فروع منحدرة من شعوب الهيريرو، التي انتقلت في القرنين الخامس والسادس عشر الميلادي من بوتسوانا (وهي دولة تقع جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا الجنوبية) واستقرت في شمال ناميبيا، لعيشوا هناك معتمدين على الصيد وتربية المواشي.
 
ويحتفظ أبناء هذه القبيلة ببدائيتها وحياتها خارج نطاق المعاصرة والحداثة التي نعيشها الآن، فهم متمسكون بتراثهم التقليدي القديم، ويحافظون على عادات وتقاليد أجدادهم الأوائل، ويعيشوا وفقاً لطقوسهم الخاصة بهم، دون أن يتأثروا بالمجتمع المتقدم الذي يحيطهم.
 

تاريخ قبيلة الهيمبا

ويعرف تاريخ هذه القبيلة بكونه يمتلئ بالكوارث والحوادث المهلكة، من جفافٍ وقحطٍ وصراعات وحروب، وخاصةً في فترة حرب الاستقلال الناميبية، وكذلك الصراع الداخلي مع دولة “أنجولا” كذلك حملة الإبادة الجماعية التي تعرضوا لها مع باقي جيرانهم من جماعات الهيريرو، من قِبل الألمان الذين كانوا مستعمرين لتلك الأرض بقيادة لوثير فون تروثا.
 
وفي عام 1980، سادت مناطق تواجدهم حالة من القحط تسببت بمقتل ما لا يقل عن 90% من قطعانهم، مما اضطرهم إلى الهجرة الجماعية إلى منطقة أوبو (Opuwo) ليعيشوا في المناطق العشوائية هناك، وهذه الحادثة كانت على وشك أن تؤدي إلى انقراض طبيعة وتراث القبيلة من الوجود.
 
وبدءً عام 1990، بدأت قبيلة الهيمبا بالعودة إلى أرضهم التاريخية القديمة، والبدء بالعيش من جديد هناك وفقاً لطريقتهم وأسلوبهم الخاص بهم.
 

المرأة في قبيلة الهيمبا

تلعب المرأة في قبيلة الهيمبا دوراً أكبر مما يلعبه الرجل، ومعظم الأعمال والأنشطة التي تتطلب جهداً تقوم بها النساء، فتربية المواشي وحلبها وإحضار الماء من الأنهار للقرية من شأن النساء، كذلك جلب الحطب وبعض الصناعات اليدوية وبناء المنازل وتربية الأطفال من اختصاص النساء.
 
وتتعاون نساء القبيلة فيما بينهن لأداء هذه الأعمال، وفي كثير من الأحيان قد تجد إحدى النساء تبرعت لتعتني وترعى أطفال نساء أخريات إلى جانب أطفالها.
 
وحين تصل الفتاة الصغيرة إلى سن البلوغ يتم الاحتفال بها وسط أجواء روحانية خاصة بهم، حيث تؤخذ إلى المكان المقدس بالقبيلة والمخصص للشعائر الدينية التي يؤمنون بها، وتبقى هناك جالسة في حماية الأجداد حتى قدوم رفيقاتها وقريباتها إليها، وهنَّ يحملن هدايا لها فرحاً ببلوغها ووصولها للسن الذي تستطيع أن تتزوج وتنجب فيه.
 
وأغرب ما يواجه المرأة في هذه القبيلة، أنها عندما يقترب موعد ولادتها تقوم بمغادرة القرية برفقة امرأتين لتلد في الخارج، ومن ثم تعود مع مولودها لتبدأ عندها احتفالات طهور الصبي.
 
وتعد ولادة التوائم أمراً منبوذاً عندهم، فهو بالنسبة لهم غضب من الأجداد ولعنة على المرأة والتي يعتقد وفقاً لأفكارهم إنها قد حملت من رجلين في آن واحد.
 
ومن بين الأمور التي تميز نساء هذه القبيلة عن غيرهن من النسوة، هو استعمالهن لخليط يصنعنه بأنفسهن من دهن الماعز وأكسيد الرصاص وبعض أنواع النباتات مع خلطها ببعض الروائح الذكية، للاحتماء من أشعة الشمس المحرقة وكذلك لحماية أنفسهن من الحشرات، مما يعطي لأجسادهن لوناً أحمر يرمز عندهم إلى بركة الأرض التاريخية التي يعيشون عليها، وإلى دم الإنسان والذي هو رمز الحياة واستمراريته.
 
أما الرجال فقليلاً ما تجدهم في القرية، وفي أغلب الأحيان يكونون في الحانات يشربون الخمر، أو يذهبون إلى المدن بحثاً عن عمل، والرجل لا يكتفي أبداً بزوجة واحدة، وإنما له عدة زوجات والكثير من الأطفال.
 

الديانة

تتبع الهيمبا ديانة تقدس أرواح الأجداد الميتون، فإلههم اسمه (موكورو Mukuru) إله واحد خالق لكل شيء في الوجود، ولكنه إله بعيد لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال أرواح الأجداد الذكور فقط، الذين يتحولون بمجرد موتهم إلى كائنات مقدسة.
 
وتمثل النار المقدسةOkuruwo حلقة الوصل بين الحياة وأرواح الأجداد لذا تظل مشتعلة دائماً، ويتم الاهتمام بها من قبل زعيم القبيلة الذي يعد الصلاة حولها ويطلب البركة والرحمة من الأجداد ويعتبر الاهتمام بهذه النار من إحدى واجباته الأساسية.
 

الشعر

للشعر عند هذه القبيلة أهمية خاصة، فلكل تسريحة دلالاتها، ولكل عمر تسريحته، فالنساء يقمن بعمل جدائل لشعورهن ثم يقمن بصبغها بالمزيج الذي يصنعونه من دهن الماعز وأكسيد الرصاص وبعض النباتات، ليأخذ بذلك لوناً أحمر يتطابق مع لون أجسادهن المصبوغة بنفس اللون.
 
وتختلف عدد الضفائر باختلاف الحالة الاجتماعية لكل واحدة منهن، فالفتاة الصغيرة الغير بالغة تمتلك ضفيرتين أثنين كبيرتين تنسكبان على جبينها، أما الراشدة فتزداد أعداد ضفائرها وتصبح أصغر في الحجم، وعندما تتزوج تضع على رأسها تاج صغير مصنوع من جلد الماعز دلالة على دخولها عرش الحياة الزوجية.
 
أما الرجال فلا يصبغون شعورهم لكنهم يملكون قبل البلوغ ضفيرة واحدة تنسدل على الجبين، وعند بلوغهم يتم توجيهها بشكل منحني نحو الخلف على شكل ذيل، وعند الزواج يضع الرجل على رأسه عمامة تخفي شعره.
 

اللباس والزينة

لا يلبسون سوى القليل جداً من الثياب على أجسادهم، فالمنطقة العليا من الجسد (البطن والصدر)، تكون عارية تماماً عند الذكور والإناث على حد السواء، أما المنطقة السفلية فيتم تغطيتها فقط بتنورة قصيرة جداً مصنوعة من جلد الماعز.
 
ومن حيث الزينة، فتتزين النساء ببعض الإكسسوارات التي يصنعنها بأنفسهن سواءً من العظام أو النحاس أو جلود الحيوانات، يضعونها في رقابهم وأيديهم، كما إنهن يضعن خلخالاً في أسفل قدمهن للحماية من لدغات الحشرات السامة، وعندما تزوج الأم إحدى بناتها فإنها تزيل الخلخال الموضوع في القدم اليسرى لمدة عام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى