كتابنا

يوم الانتصار

اللواء أحمد زغلول مهران يكتب…

 

٦ أكتوبر يوم النصر •• لما جنودنا قصدي أسودنا •• لما عَدّوا ساعة العصر •• جايبين راية النصر لمصر ..

بهذه الكلمات الرقيقة المُعبرة عما بداخلى من فخر، أردت أن أبدأ حديثى مع قُرّاء مجلتنا العزيزة فى هذه المناسبة الغالية على قلوبنا جميعاً. إنه يوم العزة والكرامة، يوم الشرف والانتصار وعودة الأرض المغتصبة، إن أبيات الشعر التى سردتها هى كلمات تغنيت بها وأنا طفل صغير عندما قامت مدرستى الحبيبة (العائلة المقدسة للبنين بحلوان) بعرض أوبريت مسرحى يُجسّد ملحمة العبور والانتصار، وكنت من ضمن التلاميذ، الذين لا يعرفون من هذه الدنيا سوى الابتسامة، والذين قاموا بالأداء التمثيلى الذى لم أنساه على مدار أكثر من أربعين عاماً، حيث شعرت وأنا أقوم بتنفيذ ما قمنا بالتدريب عليه لتجسيد لحظة عبور قناة السويس أمام زملائنا الطلبة وأولياء الأمور وسفير الفاتيكان بالقاهرة وبعض قيادات وزارة التربية والتعليم آنذاك ، ورفع العلم على الضفة الشرقية لقناة السويس، شعرت بأننى فعلاً أعبُر وأحرر الأرض وأرفع علم الوطن خفّاقاً على أرض سيناء، وأتذكر أننى أثناء العرض كنت أعدُو كأننى جندى داخل الأرض التى تمثل أرض المعركة.

 

ولا أنسى محدثات الصوت والمؤثرات الصوتية والإضاءة التى كانت تُصاحب أداءنا الحركى التى جعلتنى أشعُر فعلاً وأنا طفل بأننى أحرر الأرض من المغتصب، وأذكر أن العرض كان فى فناء المدرسة، وكان تصفيق الحضور له مردود إيجابى على أدائنا، ونحن نخترق حصون العدو وندمّر مركباته ومعداته ونقتل جنوده الذين كان يجسدهم زملاء لنا، وكان ضمن أحداث الأوبريت قتال متلاحم بيننا وبين جنود العدو. بالفعل احتفالية لم ولن أنساها ما حييت، ودائماً أتذكرها وأتذكر مؤلف ومُلحن ومُخرج هذا الأوبريت أستاذ الموسيقى بالمدرسة الأستاذ/ توفيق النحاس، ولن أنسى ناظر مدرستى العظيم الحبيب مسيو/ إلياس صادق معوض قدوتى والذى كان له دور هام فى إخراج العرض الذى حُفر فى ذاكرتى طوال هذه السنين (دعواتى لهما بموفور الصحة والعافية).

 

إن ما قدماه من عمل فنى يُجسّد بطولة لن تُمحى من ذاكرة التاريخ، وستبقى أبد الدهر نبراسا يضيء لنا طريق النجاح، وأنه تأكيد لدور المدرسة فى تربية النشء على حب الوطن والانتماء والولاء له، ولن أنسىٰ أيضاً عندما أقام ناظر مدرستى العظيم قدوتى، احتفالية لتكريم أبناء المدرسة القدامى، وكنت من بين المُكرمين، حيث قدم هدية تذكارية لكل خريج عبارة عن ميدالية فضية محرر عليها كلمتان معبرتان هما *(إلى جيل تميز خُلقاً وعلماً)* وعندما حاورته وقلت له: لماذا قدمت كلمة الخُلق على العلم؟ قال لى هذه العبارة التى أثلجت صدرى (أنتم جيل تربى وتحلّى بالخلق، لذا تفوقتم فى العلم).

 

إنهم فعلاً رجال تحمّلوا رفع راية تربية وتعليم جيل بأكمله يبنى ويُعمّر الوطن الذى ضحّى من أجله أبطالنا العظام الذين سبقونا، والذين قدموا أرواحهم وأغلى ما يملكون لكى نبقى ونكمل مسيرتهم التى يجب أن تكون أمام عيوننا حتى *تبقى مصر أم الدنيا بحجم الدنيا *

 

وفى نهاية حديثى أريد أن أبعث برسالة لأبنائنا الشباب، أبناء الوطن ذخيرة المستقبل “أنتم الجيل الذى سيُكمل المشوار ويرفع راية الوطن لتكون دائماً فى مُقدمة دول العالم، يجب أن تضعوا نُصب أعيُنِكم من قدموا للوطن الغالى والنفيس لكى يبقى مرفوع الهَامة.. الأجيال التى سبقتكم تنظر لكم وتنتظر منكم الكثير، لكى يبقى الانتصار أسلوب حياة لتحقيق الذات •• هيا بنا يداً بيد نحقق ما نحلم به من تقدم وازدهار فى جميع مناحى الحياة، لكى نحارب الجهل والفقر والفساد سوياً، حتى نرى وطننا المُفدى كما كان أعظم حضارة على مرّ الزمان وقِبلة العلم والعلماء”.

 

•• تحية إجلال واحترام وتقدير لأبطال الانتصار الذين ترفرف أرواحهم على أجناب الوطن تحميه وتذود عنه•• ودائماً ستبقى مصر أمان آخر الزمان.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى