اللواء وسام حافظ يكشف لـ «صوت القبائل» أسرارًا جديدة عن حرب أكتوبر 73 |حوار|
أسماء صبحي
كشف اللواء وسام عباس حافظ، من المجموعة 39 قتال، وكبير المرشدين بهيئة قناة السويس حاليًا، عن تفاصيل مشاركته في حرب اليمن، وأكد أنه وضع خطة للقبض على محافظ الحديدة، وقائد القوات البحرية اليمنية، ومدير التسليح في الجيش اليمني، وتسليمهم إلى المباحث الجنائية اليمنية.
وأضاف اللواء وسام حافظ، أن المجموعة 39 قتال قامت بتنفيذ غارة كبيرة في ميدان التمساح انتقامًا للشهيد عبدالمنعم رياض، وقتلت كل من كان في الموقع، وأخذت كل المعدات التي كانت بداخله بما فيها لبس العساكر الإسرائيليين، وتقدم اليهود بشكوى ضدها في مجلس الأمن، مشيرًا إلى أن المجموعة نفذت 99 عملية ناجحة، واشتركت في استطلاعات عمليات إيلات، وإلى نص الحوار..
* في البداية من هو اللواء وسام حافظ؟
اللواء وسام عباس حافظ.. كنت أحد ضباط القوات البحرية ولواء الوحدات الخاصة البحرية، حاصل على فرقة صاعقة بحرية، وفرقة معلمي صاعقة، وفرقة الضفادع البشرية، وكنت الأول على الفرقة، وكنت أميل للحياة العسكرية باعتبار أن والدي كان ضابطًا بالقوات المسلحة، وكان والدي من المقاتلين الذين لهم دور كبير في حرب فلسطين، ولأنه كان يعمل بجهد كبير تم أسره في حرب 48، وظل في الأسر لمدة 27 يوما ثم نجح في الهروب من الإسرائيليين.
*كيف التحقت بالكلية البحرية؟
بعدما حصلت على الثانوية العامة كنت أرغب في الالتحاق بالكلية البحرية، ولكن كان هناك وقتها أزمة الانفصال عن سوريا، وبالتالي بعد ما أجرينا الكشف الطبي واختبارات اللياقة البدنية تأخرنا في الدخول بسبب هذه الأزمة، وبناءً على هذه الظروف التحقت بكلية الزراعة جامعة عين شمس لمدة 3 شهور وتركت الكلية بسبب خلاف مع أحد المعيدين وصل إلى حد “الضرب”، ثم جاء موعد كشف الهيئة بالكلية البحرية، وقابلت الفريق محمد فوزي رئيس اللجنة حينها، وسلمني إلى اللواء مكي ثم فوجئت بخطاب وصل إلى البيت بموعد إعلان النتيجة، وكنت رقم 11 ضمن قائمة الطلاب المقبولين بالكلية البحرية، وشعرت بفرحة ما بعدها فرحة بقبولي بالكلية.
الكلية الحربية أصقلت اللياقة البدنية الخاصة بنا، وكانت الرياضات التي نقوم بها عنيفة جدًا، وسباحة، واختراق ضاحية “جري”، وضرب نار، إلى أن جاءت دوريات الامتحانات، وذهبنا إلى منطقة الروبيكي، وكنت مريضا حينها ولكني اجتزت الدورية بنجاح، وعند عودتنا اجتمعنا في أرض الطابور، رئيس أركان حرب الكلية الرائد رشدي حسان يُعلن أنه سيتم إجراء امتحان آخر العام الآن، وتم توزيع ورق الأسئلة علينا، واستمر الامتحان لمدة أسبوع والحمد لله نجحت، وذهبنا إلى الإسكندرية حتى نقضي فترة مستجدين أخرى بالكلية البحرية.
*كيف التحقت بفرقة الضفادع البشرية؟
في أحد الأيام فوجئت باستدعائي إلى شؤون الضباط، ووجدت دفعتي كلها مجتمعة هناك، وطلبوا 10ضباط للانضمام إلى لواء الوحدات الخاصة، فلم يرغب أحد في الذهاب إلى اللواء، فقرروا الاختيار بالاسم، وتفاجأت باختياري ضمن الأسماء المقرر أن تذهب للواء الوحدات الخاصة، وطلبت من القيادة الانضمام إلى الضفادع البشرية وليس الصاعقة، وبالفعل وافقوا على طلبي، وحصلت على المركز الأول في فرقة الضفادع البشرية، واستمرت الفرقة لمدة طويلة، وفي النهاية تم ترحيلنا إلى فرقة الصاعقة، وذهبت إلى سيناء لأول مرة أثناء اشتراكي في فرقة الصاعقة.
* حدثنا عن دورك في حرب اليمن؟
بعد انتهاء فرقة الصاعقة ذهبنا من خلال السفينة مكة خلال فترة حرب اليمن، وكان قائد السرية الملازم أول حسن هندي، وكانت السرية تضم الملازم أول أشرف هندي، وسعيد مردان، ومحمد نور الدين حسن، وأنا، وكانت مهمتنا هي تأمين ميناء الحديدة من أي نوع من أنواع العمليات التخريبية التي يمكن تنفيذها ضد الميناء الذي يعتبر الميناء الرئيسي لليمن، وكانت مهمة الجيش المصري في اليمن حينها مساندة الثورة المدنية ضد حاشية الملك.
وأنا في اليمن كُلفت بعملية خاصة للقيادة العامة للقوات المسلحة، وهي إحضار 3 أفراد كانوا يتعاملون مع العدو وهم: محافظ الحديدة، وقائد القوات البحرية، ومدير التسليح في الجيش اليمني، وكانت الخطة بها خطورة عالية جدًا، فوضعت خطة أخرى وعرضتها على قائد المنطقة فوافق عليها.
ووضعت ضباط الفصيلة التابعة لي في منطقة ضيقة بين قيادة القوات البحرية اليمنية وقيادة القوات البحرية المصرية الموجودة في اليمن، على أساس أن ينفذوا كمينا وذهبت بنفسي إلى قائد القوات البحرية اليمني، وأبلغته بأن قائد القاعدة المصري يرغب في لقائه بشكل سري، وأبلغت قائد السيارة أنه قبل الوصول إلى كمين الفصيلة التابعة لي “ينور كشاف العربية مرتين”، وبالفعل جاء معي قائد القوات البحرية اليمني بسيارته، وهجمت الفصيلة على العربة الخاصة بي وحراسة قائد القوات البحرية اليمنية وتم أسره هو وطاقم الحرس بالكامل.
وطلبت من قائد المنطقة أن يقيم حفلا صغيرا، ويرسل دعوة إلى محافظ الحديدة وقائد التسليح بالجيش اليمني، ووضعت خطة لأسر أطقم الحراسة في المطعم بحجة تناول الطعام، وكان معهم أجانب، فأسرناهم جميعًا وتم نقلهم بطائرة خاصة إلى صنعاء، وتم تسليمهم لمكتب المباحث الجنائية في صنعاء.
وخلال الاستجواب كان هناك أسير إسرائيلي وآخر أمريكي، وكنت حينها أجيد اللغتين العبرية والإنجليزية، وفوجئت بأن إسرائيل كانت تراقب تحركات الجيش المصري في اليمن حتى تتعرف على طبيعة الجيش في الحرب وطريقة هجومه وتعامله مع العدو، وهذا يدل على أن هناك خطة تجهز ضد مصر من إسرائيل وأمريكا، وتم توجيهي من قبل القيادة المصرية بعدم ذكر ما سمعته في الاستجواب لأحد، وبعد انتهاء مهمتي عدت إلى القاعدة البحرية المصرية في الحديدة، وأخبرت قائد القاعدة بكل ما حدث معي في المهمة وخلال الاستجواب، وقام بتبليغ القيادة البحرية بما سمعه، وبعد شهر من هذا الموقف حدثت حرب 1967.
* ماذا حدث خلال حرب 1967؟
بمجرد بدء حرب 67، جاءت إلينا أوامر بالعودة إلى السويس، وجاءت مركب نجمة الأقصر لنقلنا إلى الأدبية، وبمجرد خروجنا من المياه الإقليمية في الحديدة وأصبحنا في المياه العامة بالبحر الأحمر، فوجئنا بـ “طراد إنجليزي” يرسل إلينا إشارات بالنور ويسألنا “اسمك إيه”، قلنا “نجمة الأقصر” متجهة من الحديدة إلى الأدبية، وظل هذا الطراد ومعه 3 مدمرات إنجليزية مرافقين لنا طوال فترة الرحلة، وخلال الرحلة عرفنا تفاصيل ما حدث في حرب 67، وأخذنا الخط الأول والثاني والثالث، وفوجئنا بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر يتنحى في الراديو، وشعرنا بالاستغراب من الحالة التي وصل إليها الجيش المصري مع اليهود، ولكننا لم نكن نحارب اليهود، كنا نحارب الإنجليز، والأمريكان، والإسرائيليين أنا أعتبرهم أمريكا وليست إسرائيل، لأن كل المعدات الإسرائيلية واللبس والطعام والسلاح جميعه أمريكي الصنع.
وصلنا الأدبية، ونزلت إلى السويس، ورأيت العلم الإسرائيلي في الضفة الشرقية، ولم أتحمل رؤية ذلك وحملت البندقية وكنت أنوي تصفية كل الجنود الإسرائيليين، ولكن الناس المحيطين بي منعوني وقالوا لي “اوعى تعمل كده لأن كل خط الناس اللي واقفين طابور دول مصريين وهيموتوهم.. اصبر”، وكان الصبر والمشهد صعبا جدًا عليّ في بور توفيق في 12 يونيه 1967.
* ما تفاصيل انضمامك للكتيبة “ك 9” استطلاع؟
قبل انضمامي إلى المجموعة 39 قتال مع إبراهيم الرفاعي، كانت هناك تدريبات مع “ك 9” استطلاع، وكان وقتها هناك سرية استطلاع مؤخرة عدو تتبع القوات البحرية، وكنت أول من تم اختياره في هذه السرية، وكانت هذه الكتيبة تتبع المخابرات الحربية ومتمركزة في القاهرة، وكان أول التدريبات القفز من المظلات في منطقة جنوب الجيزة في الليل وبدون إضاءة أرض الهبوط، وفي الصباح تحركت الكتيبة لعبور نهر النيل من ناحية دهشور، وكلفت مع عساكر المجموعة التابعة لي بمسؤولية عبور “ك 9” بالكامل من البر الغربي إلى البر الشرقي.
وعملنا طابور سير حتى وصلنا إلى منطقة الإسماعيلية، وفي هذا الوقت تقابلت مع الملازم أول مدحت يسري، وحدث بيننا نوع من الصداقة، وأعجبت بطريقته في التعامل مع عساكره، وقمت بتقليده، ووصلنا في النهاية إلى أنشاص، وكنت أنا ومدحت يسري نصوّب نحو الأهداف، فكان هو يقوم بقذف العبوة، وأنا أضرب فتيل العبوة بحيث لا تنفجر، وكان اللواء الجمسي يراقبنا من أعلى دون علمنا، واشترك معنا في التدريب ذاته لتشجيعنا.
* كيف قمت بإرجاع الضابط مدحت يسري من خلف خطوط العدو؟
كان مدحت يسري يرغب في القيام بعملية خلف خطوط العدو، ونظرًا لهيئته التي كانت تشبه الأجانب كان يتم رفض طلبه، فطلب من اللواء الجمسي مساعدته فوافق على تكليفه بعملية خلف خطوط العدو ولكن لمدة قصيرة، وبالفعل تم إرساله بصحبة عسكري آخر للقيام باستطلاعات في منطقة رأس مطارمة جنوب رأس سدر، وكان من المقرر أن يتم إرسال بلنص صيد لأخذه بعد أسبوع، ولكنه لم يأت وظل هناك لمدة 6 أشهر.
وذهب والده إلى قصر عابدين لرؤية جمال عبد الناصر حيث كان ضابطًا في الجيش وعلى معرفة سابقة بالرئيس، والتقى بعبد الناصر وأخبره بأنه لا يعلم شيئا عن ابنه منذ 6 أشهر، وتحدث عبد الناصر مع الفريق فوزي وطلب معلومات عن مدحت يسري، وتواصل مع مدير المخابرات، وأخبره أنه في مهمة مؤخرة عدو منذ 6 شهور، ويرسل رسائل دورية من هناك، ولكن هناك دوريات جوية وبحرية إسرائيلية في خليج السويس تمنعنا من إمكانية الوصول إليه.
وأبلغ مدير المخابرات الفريق فوزي بالتفاصيل، فقرر الفريق فوزي عقد اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، واستمر النقاش لمدة 6 ساعات ولم يتوصلوا إلى حل للوصول إلى مدحت يسري، فطلب الفريق صادق من إبراهيم الرفاعي الحضور إليه، وحكى له تفاصيل قصة مدحت يسري، فقال له الرفاعي “بكرة الصبح مدحت يسري هيبقى في مكتب سيادتك”، وفوجئت بإبراهيم يتصل بي في بيت أبي الساعة 2 ظهرًا لتنفيذ العملية، وتحركنا على الفور، ووضعنا خطة للتنفيذ، ثم ذهبنا إلى السويس وتحركنا مع المغرب في اتجاه رأس مطرنة، وتم التواصل مع مدحت يسري لإبلاغه بأن المجموعة في الطريق لإرجاعه إلى مصر.
وتواصلت معه عن طريق اللاسلكي وعندما سمعت صوته عرفت أنه مدحت يسري، طلبت منه أن يعطيني ضوءا وكان أمامي فأخذته مع “البهجة” التي تحتوي على الخرائط والصور والمعلومات، واشتبك معنا الطيران الإسرائيلي، فقذفت قنبلة فسفورية واشتبك معها الطيران إلى أن وصلنا بسلام إلى الضفة الغربية، ثم انطلقنا إلى مقر وزارة الحربية وتم تسليم مدحت يسري للفريق صادق.
* كيف انضممت إلى مجموعة الصاعقة البحرية؟
بعد ذلك، ركبنا القطار الحربي ووصلنا في اليوم التالي إلى كتيبة الصاعقة البحرية في الإسكندرية، وفوجئت بأن قائد الكتيبة عرض عليّ عرضا وترك لي حرية الاختيار في القبول أو الرفض، وهو ترشيحي للعمل مع مجموعة ستدخل خلف الخطوط وستنفذ إغارات على المواقع الإسرائيلية شرق قناة السويس، ورحبت جدًا بالعرض وكنت سعيدًا جدًا به، وبالفعل قابلت قائد المجموعة النقيب إسلام توفيق، وكان معنا 26 صف ضابط، وسنبدأ التدريب من بعد غد، وسمح لي بـ 72 ساعة إجازة لرؤية أهلي في القاهرة.
وكان التدريب في المجموعة يشمل كل أنواع التدريب من قفز مظلات وسباحة وعمليات إنزال وسباحة وتجديف وغيرها الكثير، وكان هناك مؤامرة في الجيش لتثبيت عبد الحكيم عامر وانتهت بانتحار المشير عامر، واستمر التدريب 3 شهور، وضرب الطيران المصري بعض المواقع الإسرائيلية، ونسف إبراهيم الرفاعي الذخيرة الإسرائيلية، وضرب المدرعات الإسرائيلية عند الكيلو 19 من قبل فصيلة صاعقة، وتدمير المدمرة إيلات، وبدأت عمليات ضرب النار والاشتباك مع إسرائيل خلال حرب الاستنزاف، واستكملنا تدريبنا في فرقة الصاعقة بالجيش في أنشاص.
* كيف انضمت الفصيلة إلى مجموعة الشهيد إبراهيم الرفاعي؟
في ذاك الوقت، تقابل قائد فصيلتنا مع إبراهيم الرفاعي وطلب منه انضمام الفصيلة إلى مجموعته، وبالفعل انضممنا إليهم، وكان وقتها الرفاعي يقوم بالفعل بتنفيذ عمليات عسكرية ضد إسرائيل، وأمر الفريق صادق مدير المخابرات الحربية حينها، المقدم إسلام توفيق باستطلاع الجبهة، وعلم بذلك الفريق الشاذلي قائد القوات الخاصة “الصاعقة والمظلات”، وكان يرغب في أن تتم جميع العمليات الخاصة عن طريق القوات الخاصة وليست المخابرات، فأخبر اللواء سعد الدين متولي كبير ياوران عبد الناصر، أن يبلغ عبد الناصر أن إبراهيم الرفاعي جمع ضباطا من الصاعقة البحرية كي ينفذوا مؤامرة مثل مؤامرة المشير عامر، فصدر قرار بترحيل فصيلة البحرية إلى رأس شوقير، ولا نستطيع نزول إجازة إلا بأمر من مدير قائد منطقة البحر الأحمر.
* كيف تكونت المجموعة 39 قتال؟
نصب الإسرائيليون صواريخ على طول الجبهة من الكيلو 19 حتى بور توفيق بالسويس، وأصيبت هيئة العمليات المصرية بالحيرة، وطلب الخبراء الروس صاروخًا للتعرف عليه وكشف هويته، وهو ما يتطلب أحد أفراد الصاعقة البحرية حتى يستطيع السباحة إلى هناك وإحضار صاروخ، وجاءت مجموعة كبيرة من القيادات العسكرية إلينا في رأس شوقير، وأخبرونا بالأمر ووافق إسلام توفيق على العملية، وتم تحديد موعد ومكان العملية، وقام صف ضابط يدعى “غلوش” بالسباحة إلى مكان تواجد الصواريخ ومعه حبل به أكياس بلاستيك، وقطع أول صاروخ ووضعه بالكيس، ثم قطع الثاني والثالث وربطهما بالحبل، وسحبوا “غلوش” بالصواريخ إلى الجهة الأخرى، وعلم الرئيس جمال عبد الناصر بالأمر، وأمر الرئيس بانضمام الفصيلة إلى الفريق صادق بالمخابرات الحربية، وتم نقلنا من رأس شوقير إلى القاهرة.
وبدأنا في التدريبات بشكل يومي على مركب “قاصد خير” عند كوبري قصر النيل، ويوم السبت من كل أسبوع نقوم بعمليات تفجير ألغام ضد اليهود بعد عملية استطلاع محكمة، وبدأنا نحضر أسرى يهودا إلى القيادات المصرية، وبعد قيامهم بقتل الشهيد عبدالمنعم رياض، قمنا بتنفيذ غارة كبيرة في ميدان التمساح انتقامًا للشهيد عبدالمنعم رياض وقتلنا كل من كان في الموقع، وأخذنا كل المعدات التي كانت بدخله بما فيها لبس العساكر الإسرائيليين، وتقدم اليهود بشكوى ضدنا في مجلس الأمن، وقرر الرئيس جمال عبدالناصر أن يعزمنا على الفطور في بيته بعد انتهاء العملية.
وبدأ بعد ذلك تحسين قدرات المجموعة وتزويدها بـ “قوارب كاوتش، قوارب فايبر جلاس، مواتير أقوى، مدافع مضادة للدبابات”، وانضمت معنا مجموعة محيي نوح، وتكونت المجموعة 39 قتال، ونفذنا 99 عملية ناجحة، واشتركنا في استطلاع عمليات إيلات، إلى أن جاء قرار وقف إطلاق النار بعد ما أنهينا 99 عملية قتالية.
كيف كان لقاؤك الأول بالرئيس الراحل أنور السادات؟
انتهزت فرصة وقف إطلاق النار بعد مبادرة “روجرز” في أغسطس 1970، للذهاب إلى الكلية البحرية للحصول على الفرق التي لم أحصل عليها مثل فرقة “الملاحة البحرية”، وكان هناك امتحان مسابقة فدخلت الامتحان وبعده بشهر واحد تمت ترقيتي من رتبة ملازم أول إلى نقيب، وفي سبتمبر توفي الرئيس جمال عبد الناصر وتولى أنور السادات الرئاسة، وقرر السادات أن يلتقي المجموعة 39 قتال، وسلم علينا “نفرًا نفرًا”، وحصلت منه خلال هذه الفترة على النجمة العسكرية، وتمت ترقيتي ترقية استثنائية إلى رتبة رائد.
*كيف تم الاستعداد لحرب أكتوبر 73؟
في أكتوبر انضممت إلى فرقة “الملاحة البحرية”، وخلال هذه الفترة أخذنا من اليهود قواذف صواريخ 130 ملم، وكان وزن القاذف 50 كيلو، وأرسلته إلى الورشة 3 وحصلنا على تصديق من الفريق صادق بتصنيعه لسهولة حمله، وبالفعل صنعنا 1000 قاذف صاروخ، وكنا نستخدمها في العمليات بعد ذلك، وكنا حينها نحضر لعمليات حرب 73، وحصل خلال هذه الفترة أصبح إسلام توفيق ملحقا عسكريا في عدن، وأنا أصبحت قائد المجموعة البحرية 39 قتال في العمليات الخاصة، وكنت قائد قسم العمليات والاستطلاع نظرًا لحصولي على فرقة استطلاع، بالإضافة إلى مسؤوليتي عن اللانشات والوحدات البحرية التي نعبر بها خليج وقناة السويس.
* حدثنا عن دور المجموعة 39 قتال في حرب أكتوبر 73؟
في أحد الأيام، تفاجأنا الساعة 2 ظهرًا بقرار بدء حرب 73، وهو يوم 6 أكتوبر لعام 1973، وأول عملية كانت الساعة 2 ظهرًا حيث قامت 3 طائرات من مطار ألماظة وضربت مطار بلاعيم، وتم تدمير بترول بلاعيم، وصدر قرار بأن نذهب إلى الغردقة لضرب قاعدة شرم الشيخ بالصواريخ الـ 130 ملم التي قمنا بتصنيعها، وكانت هذه هي العملية الثانية للمجموعة، وكان البحر حينها عاليًا جدًا، وكنا سنذهب إلى منطقة تسمى مرسى بريكا غرب شرم الشيخ لضرب القاعدة، وتبلغ هذه المسافة 130 كيلو متر إبحار، والبحر عالٍ جدًا، فتم تأجيل العملية لليوم التالي، وقررنا أن نقلص عدد القوارب من 12 إلى 4 قوارب فقط، وأن نضع في كل قارب قاذفين و4 أفراد بما فيهم قائد القارب، وبالفعل في اليوم التالي 11 أكتوبر انطلقنا مع المغرب من شدوان، وبعد التحرك جاءت إشارة من اللواء مصطفى كامل وهو القائد الذي يرشدنا ويتابعنا أثناء العملية، يطالبنا بالرجوع لأن الطيران الإسرائيلي رصدنا، وإبراهيم الرفاعي أغلق الجهاز واستمررنا في العملية.
عندما وصلنا إلى رأس محمد كان البحر هادئًا تمامًا، وبدأ الاشتباك بيننا وبين اليهود، وكنت أنا خارج دائرة إطلاق النار لليهود، وبالتالي فهم لم يتمكنوا من رؤيتي، فقررت الاقتراب منهم وضربهم بمدفع 84 ملم، ولكن اللنش تعطل قبل الوصول وتحولت نيرن العدو إلى اللنش الخاص بي، ولكنها كانت تمر من فوقنا ولم تصبنا، فضربت اللنش الأول وقتلت 2 وأصيب 3 آخرون، واستمرت المناورات بيني وبين الطيران الإسرائيلي لمدة ساعة ونصف ثم تمكنت من الهرب منهم والعودة سالمًا.
وعُدنا بعدها إلى قناة السويس وانتهت الحرب، وكُلفت بإرشاد سفينة إسرائيلية تدعى “زيم سياتل” عام 96 الساعة 2 صباحًا من الإسماعيلية إلى السويس، وصلنا البحيرات الساعة 4.5 صباحًا، وتفاجأت بأن قائد السفينة كان أحد أفراد القوات البحرية التي شاركت في حرب أكتوبر وكان من المشاركين في واقعة شرم الشيخ، والأغرب من ذلك أنه كان قائد اللنش الذي قمت بضربه، وعندما علم ذلك قال لي نصًا باللغة الإنجليزية “انت مفتري”.
*كيف شاركت المجموعة في عملية تدمير الثغرة بالإسماعيلية؟
بعد انتهاء المعركة الثانية، قامت المجموعة بضرب رأس شراتيب بالصواريخ، وضربنا مطار الطور بالصواريخ أيضًا يوم 17 أكتوبر، ويوم 18 أكتوبر عُدنا إلى القاهرة، وطلبت من القيادة زيارة أبي وأمي وتناول الفطور معهما، ووافقوا وبالفعل ذهب إلى هناك وبعد تناول الفطور جاءني تليفون بأننا سنذهب إلى الإسماعيلية، وتحركنا إلى الإسماعيلية وكانت المرة الأولى التي نأخذ فيها الطريق الزراعي وليس الصحراوي، وعند العباسة قالوا لنا: “استعدوا للاشتباك”، وخلال سيرنا في الطريق شاهدنا عربات مصرية مدمرة وجثثًا ملقاة يمينًا ويسارًا، فأخذنا بطاقات الهوية ومشتملات كل شخص ووضعناها في ظرف حتى نعطيها لذويهم وقمنا بدفن الجثث، وذهبنا إلى مكتب المخابرات حتى نفهم ماذا حدث.
في مكتب المخابرات التقينا بالمقدم مازن مشرف، قائد المكتب، وأبلغنا أن الفريق الشاذلي يرغب في رؤية إبراهيم الرفاعي، فذهبت برفقة إبراهيم الرفاعي والدكتور علي نصر إلى الفريق الشاذلي، وذلك لأن الإسرائيليين يعبرون من الشرق للغرب من خلال معدّية عليها 3 دبابات إم 80 حتى يقوموا بعمل الثغرة، وكانت مهمتنا الأساسية تدمير المعدية من خلال الغطس وتلغيم العبارة وتفجيرها، وعندما ذهبنا إلى مكتب الفريق الشاذلي في الإسماعيلية طُلب من الرفاعي الدخول من الغرب حتى جنوب نفيشة، وهو يقوم مع قوات المظلات بعمل هجوم مضاد على القوات الإسرائيلية في الثغرة والقضاء عليها، فأخبره الرفاعي بأن لديه مهمة أخرى فقرر إلغاء مهمتنا الأساسية وتزويد الرفاعي بـ “فصيلة ملوتيكا” وهي صواريخ بالسلك تضرب الدبابات.
وفي تمام الساعة 11 ظهرًا يوم الجمعة 19 أكتوبر 73، بدأت المجموعة في التحرك سيرًا على الأقدام حتى نفيشة، وتم تقسيم المجموعة إلى مجموعة شرق المعاهدة، ومجموعة غرب المعاهدة، و3 مجموعات في الخلف، وبعد مرور وقت قليل أخبرنا أحد أفراد مجموعة الغرب أن أمامه 4 دبابات إسرائيلية والمدفع به عطل، فذهب إليه إبراهيم الرفاعي وبمجرد وصوله أصيب بطلقتي قناصة نصف بوصة واستُشهد فورًا.
وثبتنا جميعًا في مكاننا عند نفيشة، وكان هناك هدوء تام فأرسلت ضابط استطلاع ولكنه لم يعُد، وذهبت بنفسي للاستطلاع وأخبروني باستشهاد إبراهيم الرفاعي، وكانت من أصعب اللحظات التي مررت بها، وجاءت الأوامر أن آخذ مكان الرفاعي، وحسني صلاح الدين كان غرب طريق المعاهدة، وحسن العجيزي في الخلف، وكان موقعي حدث فيه اشتباك ومن المتوقع أن يأتي الطيران ويضربني أو المدفعية، والأسوأ أنني لن أرى من يضربني، فقررت أخذ العساكر والنزول جنوبًا 3 كيلو، وأخذنا قسطًا من الراحة، وفوجئنا بقدوم 2 من العساكر “الدهشان” ومعه مدفع آر بي جيه و “عبد الفتاح”، وقالوا إن الأوامر أن يذهبوا إلى قيادة الجيش الثاني في الإسماعيلية، وطلبت منهم أن يبقوا معنا فوافقوا.
وفي الـ 8 صباحًا، جاءت كتيبة صاعقة وأبلغتني بأن الأوامر أن أذهب إلى مكتب المخابرات، وبالفعل ذهبت إلى هناك ووجدت عبدالفتاح هناك وأبلغني أنه عندما ضرب الدبابة قال له الدهشان “تعالى نضرب الـ 3 دبابات اللي عند أبو عطوة”، ولما ذهبنا إلى أبو عطوة قمنا بضرب الـ3 دبابات وجاءت دفعة رشاش وكنا عند حافة المياه، فغرق الدهشان، ولما اشتد الضرب عليّ عدت إلى كتيبة الصاعقة فلما أبلغتهم بالاسم أحضروني إلى هنا.
* كيف التحقت بالخدمة السرية؟
كلفت بعد ذلك بعمل إمدادات للجيش الثالث بعد محاصرته، فذهبت إلى بير عديب وقابلت أخي هناك، وفي الليل ذهبت إلى شمال رأس السدر ثم إلى عيون موسى حتى لا يتم التقاطي بالرادار، وكان معي (صواريخ مولتيكا، صواريخ استريلا، وأكياس الدم) وكنت الوحيد الذي تمكن من توصيل هذه الإمدادات إلى اللواء بدوي، وعدت بنفس الطريقة، وبالنسبة لي انتهت حرب أكتوبر تقريبًا، وتفككت المجموعة والتحقت بالخدمة السرية لمدة عامين، وانتهزت أول فرصة للقدوم إلى الإسماعيلية والاشتراك في مجموعة المندوبين الأجانب، فكنت أقوم بتطهير قناة السويس مع عمل مجموعة المندوبين الأجانب.
*كيف التحقت بهيئة قناة السويس؟
كان اللواء مشهور رئيس هيئة قناة السويس حينها، والتقيت به عند عملية نسف الكوبري الذي كان يستخدمه العدو لدخول الإسماعيلية، وطلب مني الانضمام إلى الهيئة فوافقت على الفور، وطلبت منه أن يقوم هو بنقلي إلى الهيئة، وأحضر لي تصديقًا من الرئيس أنور السادات بتحويلي إلى وظيفة مدنية في هيئة قناة السويس، ومن هذه اللحظة مرشد في قناة السويس وحتى الآن، وحضرت كل تطورات القناة منذ عام 76 وحتى الآن.
* كيف التحقت بطاقم التدريس في جامعة قناة السويس؟
بعد انضمامي إلى الهيئة تم ترشيحي بناءً على طلب جامعة قناة السويس لتدريس المساحة البحرية والأرصاد الجوية لطلبة علوم البحار في الجامعة، وبالفعل كنت سعيدًا بهذه المهمة، وأضفت عليهما تعليم الغطس تحت الماء، وكانت جميع أعمالنا في مدرسة البيئة في شرم الشيخ بالبحر الأحمر، وبعد ذلك طلبت منّي إدارة الجامعة أن أتولى رئاسة مدرسة البيئة وتطويرها حتى تتحول إلى مركز أبحاث علوم البحار خاص بجامعة قناة السويس، فوافقت بشرط الحفاظ على عملي في هيئة قناة السويس.