عادات و تقاليدقبائل و عائلات

أغرب طقوس الزواج عند قبيلة “البجا”.. من “الشيالة” إلى “هدم منزل العريس”

أميرة جادو

يتميز كل مكان بالعديد من العادات والتقاليد سواء كان قبيلة أو القرى أو النجوع أو البادية، بعضها موروث منذ عقود، تختلف تلك العادات من قبيلة لأخرى اعتمادًا على تاريخ القبيلة وموقعها، نلقي اليوم نظرة على عادات وطقوس الزواج في شرق السودان، وخاصة بين قبيلة “البجا”، أقدم قبائل في منطقة البحر الأحمر.

يحرص أهالي القبيلة على الزواج المبكر لأبناها وذلك للعديد من الأسباب، أهمها مراعاة العادات والتقاليد الأسرية للقبيلة، وحماية الأبناء من الانحراف، ولعدم ترك الخيار للأبناء في الزواج سوى أبناء عمومتهم أو بناتهم في الأسرة، ومن أبرز الأسباب وأهمها أيضًا وهو الإنجاب المبكر حرصا على قوة القبيلة وكثرتها.

ووفقًا لما ذكرته فاطمة موسى، من الباحثين عن توثيق عادات وتراث المنطقة الشرقية لوكالة “سبوتنيك”، إن “أغلب الزيجات تتم بين الأهل، ونادرا ما تكون هناك زيجات خارج الأهل، وإذا كانت الزيجات من الخارج يتم التواصل مع أبو العروس عن طريق عمدة القبيلة، ولا يتواصل أهل العريس مباشرة مع أبو العروسة حتى لا يحصل رفض، حيث أن العمدة يكون له مكانة كبيرة وخاصة، وعندما تتم الموافقة، ويتم الاتفاق على كل شيء تبدأ إجراءات ومراسم العرس”.

مراسم العرس

أوضحت “موسى” مراسم العرس، قائلة: “تختلف الأعراس في الأرياف عن المدينة في شرق السودان، تبدأ المراسم بـ “الشيالة” حيث يقومون بحمل حاجات العروس لتوصيلها إلى بيت العريس، وعند وصولهم يقومو بالدوران حول المنزل 7 دورات وترديد أغاني متعارف عليها تمتدح العروسة”.

وتابعت الباحثة، قائلة: “يستغرق حفل حناء للعريس يومين في المساء، ويأتي يوم السنكاب وهو أهم حاجة في العرس، ويتم عمله بطريقة معينة من سعف النخيل، ويربط به حبال سبعه مرات ويتم ربطه في بيت العروس وفي بيت أهل العريس، وتحمل السيدات السنكاب، وعندما يقتربن من المكان تتعالى زغاريدهن”.

وأشارت “فاطمة” إلى أنه من المعتاد في العرف أن تطوف والدة العريس حول منزل الزوجة وهي على بعيرها، هي ومن معها يزغردن إعلانا للفرح والابتهاج، ثم يحدد مكان اقامة المنزل، على أن يقوم العريس بإشهار سيفه ويطوف حول المكان المحدد لإقامة المنزل، معلنا حمايته لبيته ولزوجته وبعد ذلك تذبح الذبائح ويعد الطعام، ولا يتم عمل السنكاب إلا لمن يتزوج للمرة الأولي، أما من سبق له الزواج فلا يقام له.

هدم منزل العريس

ومن جانبها أوضحت ياكواته بادئديل، إحدى السيدات في المنطقة الشرقية لـوكالة “سبوتنيك”، “إنه عقب إتمام مراسم عقد الزواج يوضع غطاء أحمر على رأس العريس لا يخلعه من رأسه حتى يدخل خيمته أو بيت الزوجية، ومجرد أن يدخل الخيمة ويخلع الغطاء يأتي أصحابه ليقوموا بالدوران حول الخيمة وضربها بالعصا ويرددوا مدائح وطقوس الفرح، والمتعارف عليه أن يقوم أصحاب العريس بتكسير البيت”.

ولفتت “بادئديل” إلى أن البيوت لم يعد سهل تكسيرها كما كان يحدث سابقًا فيقومون بالضرب ثم يتركوه، وهنا يترك العريس البيت ويذهب ليقيم بيتا بجوار بيت أهل العروسة “خيمة”، ثم يقوم بعدها العريس (بعد الزواج) بالمبيت كل يوم عند أحد من الأهل، وعند مغادرته في الصباح يعطية “ماعز أو غنم” ويتكرر هذا الأمر يوميا لمدة شهر أو شهرين بعيدا عن زوجته، بعدها يعود محملا بتلك الهدايا ليبدأ حياته وزوجته.

وأكدت “بادئديل” على اختلاف طعام العرس حسب إمكانيات كل بيت، حيث يقوم بعض الناس بذبح الإبل وهذا في بيت العريس، أما في بيت العروس تقوم النساء بإعداد “العصيدة” وهى مكونة من الدقيق والسمن والسكر.

أغرب الطقوس

أما آمنة مختار، رئيسة لجنة تسيير حزب الخضر السوداني، قالت: “تتمتع المرأة عند قبائل البجا يمكانة خاصة مستمدة من عقيدتهم الآمونية القديمة وتقديسهم لربتهم إيزيس، حيث لا تقوم المرأة بالأعمال الشاقة ولا تحلب الأغنام، ولا تحاسب حتى لو ارتكبت جريمة، وكذلك بوسع المرأة أن توقف الحروب بين القبائل، بمرورها وسط ميدان المعركة، والبجاوي يحترم والدته ونسيبته جدا، ولن يتردد في قتلك لو ذكرت اسم والدته”.

وأشارت رئيسة لجنة تسيير حزب الخضر السوداني، إلى أن هناك العديد من البطلات البجاويات الشهيرات في التاريخ البجاوي، منهم الفارسة الشهيرة توداي (التي كان من ضمن قتلاها هي وفرقتها النسائية المقاتلة الضابط ليوتانت/جيمس برنارد ريتشاردسون أكبر أبناء الثري الإسكتلندي ديفيد ريتشارد سون، من علية القوم في اسكتلندا)، وكذلك هنالك ملكة قديمة موجودة في الذاكرة الشعبية يقال أنها هزمت مملكة أكسوم الحبشية، وقد إنتقل تقديس إيزيس وطقوس جلالها بعد إعتناق البجا للإسلام عبر الطرق الصوفية.. المهدية ثم الختمية.

عادات متوارثة

ينفرد بدو “البجا” في عاداتهم وتقاليدهم، ولا شك حياتهم قد تأثرت بمجمل الظروف والمؤثرات التي سبق ذكرها من اعتناقهم للإسلام وتأثير الصوفية وتأثيرات المجموعات التي وفدت للمنطقة، من عربية وغيرها، وقسوة منطقتهم والرعي المترحل الذي يمتهنون وضعف انتشار التعليم بينهم.

يسجل البدو سنواتهم بأحداثها، ويعرفون الأشهر بأسمائها وفي لغتهم أسم كل شهر، لكن يبدو أن أسماء بعض هذه الأشهر قد تم تعريبها، وقليل من الناس يعرفون كامل أسمائها الحقيقة الآن.

وخلال رحلاتهم في منطقتهم ليلاً، يسترشدون بالنجوم ويعرفونها بأسمائها ومواقعها، لكن خلال النهار يعرفون منطقتهم، جبلًا جبلًا، ويعرفون كل خور وبئر بأسمائها، ويعرفون القبائل التي تقطن حول كل منها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى