قبائل و عائلات

العبابدة “محاربو الصحراء”.. قبيلة في أحضان الجبال يستخرجون الذهب ويشتهرون بتجارة الجمال

أميرة جادو

قبيلة العبابدة، من الصعب الكتابة عنها فلا يمكن تلخيص تاريخها وتتبع حياتها وعاداتها وتقاليدها في سطور قليلة، لأنها قبيلة كبيرة لها تاريخ عريق وقديم يمتد إلى “الزبير بن العوام”، ابن عمة رسول الله، كما أنها من القبائل التي ربطت مصر والسودان بالقرابة والزواج المختلط والعادات والتقاليد لمئات السنين وما زال حتى اليوم.

وإذا كانت هناك صورة ذهنية مرسخة أنهم قبائل التي تعيش في الصحراء، فهذا ليس غير صحيح، حيث يعيش الكثير منهم الآن في المدن، واكتسبوا الكثير من العلم والمعرفة، ويعتمدون على التكنولوجيا الحديثة في حياتهم وعلاقاتهم، لكنهم ما زالوا متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم التي ورثوها عن أسلافهم لمئات السنين.

العبابدة من القبائل التي لا تزال مرتبطة بالعادات والتقاليد على عكس العديد من المدن التي اختفت فيها العادات نتيجة وصول الثقافات الأجنبية.

فمنذ دخولك القبيلة تظهر ملامح أهلها الدكنة فيقولون لك هذا “عبادي”، وهذا “بشايري” ، فتيقن أنهم ينتمون إلى القبائل العربية التي عاشت لفترة طويلة من العصور القديمة على طول خط البحر الأحمر.

تميزت القبيلة في الماضي، بالتجارة الحدودية علاوة على النشاط الأساسي من رعي الماشية وتربية الإبل والصيد، حيث كانت تعتمد في حياتها على اتجاه الرياح والشمس، وهذا كان سبب تنقلهم المستمر من مكان إلى آخر بحثًا عن الماء والمراعي يعيش بعضهم في جنوب الصحراء الشرقية بين وادي النيل والبحر الأحمر، ويتقاطعون مع النوبيين بالقرب من وادي النيل.

كما أن جبالهم مليئة بـ” الميكا والسبار والذهب والفضة وغيرها من المعادن” ومنذ سنوات قريبة، كانت رزقهم الوحيد، وكانوا يستخرجون الذهب بالجرامات، ويبيعونه، ليوفروا قوت يومهم.

أماكن تواجدهم

تتواجد قبيلة العبابدة من مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد، علاوة على وادى العلاقي حتى خط عرض 22، وتمتد حتى شمال شرق السودان، ويتميزون بتجارة الجمال الدولية بين مصر والسودان ويسافرون بها 45 يوماً عبر الصحراء من السودان إلى مصر.

تفرعت من العبابدة أربع قبائل كبيرة، وهي:

1. العشاباب

2. الفقراء والمليكاب

3. العبودية

4. والشناتير

ثم قبائل الجميلية التي كانت تعيش منذ البداية في المناطق الحضرية فلم يكن لها آبار ووديان في الصحراء، حيث استقر جدهم الأكبر بعيدًا عن الصحراء وحاليًا يتواجدون في محافظة قنا، وتحديدًا في مركز قوص ونواحيها.

وتفرع من كل قبيلة من الأربع قبائل مائة من القبائل الصغرى أو بطون كما يطلق عليها، وعلى الرغم من عودة جذور القبيلة إلى الصحراء الشرقية، فإن وجودهم لم يعد مقصورًا على الصحراء، بالطبع لا يزال هناك تواجد للعبابدة في الصحراء والوديان والجبال، ولكن أكبرها موجود في معظم محافظات مصر، وخاصة الإسكندرية وسوهاج والشرقية والبحيرة ومرسى مطروح.

محاربي الصحراء

ويطلق على قبائل العبابدة والبشارية اسم محاربي الصحراء، فهم المدافعون عن الحدود الجنوبية لمصر، وشاركوا في الدفاع عن الوطن في جميع الحروب التي شاركوا فيها، ويعود نشأة سلاح حرس الحدود في بدايته لأبناء العبابدة والبشارية، لأنهم يحفظون دروب الصحراء جيًدا، كما أنهم قصاصون للأثر، وهذا جعلهم خبراء في هذا المجال.

وتختلف كل قبيلة من العبابدة والبشارية في شكل “الوسم” الخاص بها، وهو عبارة عن قطعة من الحديد تتخذ شكلاً معينًا ويتم تسخينها في النار ليكوى بها رقبة الجمل، مثل العلامة التي يعرفها كل مالك للإبل، كما يشتهر أبناء هاتين القبيلتين بتجارة رعي الأغنام والماشية، وكذلك بجمع الأعشاب الطبية التي تنمو في الصحراء بعد هطول الأمطار.

عادات الزواج

من عادات وتقاليد الزواج لدى القبيلتين، هو اختيار توقيت العرس نفسه ليكون خلال الأيام القمرية للشهور العربية وهى 13 و14 و15.

الشيلة

تبدأ ليالي العرس بما يسمى بـ “الشيلة”، حيث تحمل كل قبيلة أشيائها الخاصة وهدايا الفرح لتذهب معهم إلى حفل الزفاف، وعادة ما تكون رائحتها حنة سودانية وأشياء أخرى من الفرح، وفي السابق، كان يتم التضحية لمعازيم الفرح، وأحيانًا تصل إلى 40 رأسًا من الأغنام.

تستغرق أيام العرس 7 أو 8 ليالٍ، حيث تجري خلالها مبارزات بالسيف وسباقات الجمال ورمي الرمح وغيرها من الاختبارات التي تعتمد على اللياقة البدنية.

ليالي السمر

في ليالي السمر، يشارك أبناء العبابدة والبشارية في الأغاني والطرب والنخيل، ويرقصون أيضًا “تربلة” وهي رقصة سيف ودرع تسمى “دركه”، خلال هذه الرقصة أيضًا يقوم مجموعتان من الشباب بالوقوف وتحدي الكرابيج، ويستعد شاب للضرب ويقف على طرف إصبع قدمه بينما تكون القدم الأخرى بجوار ركبته ويضع قبعة بيضاء على رأسه، عندما يضرب، يتم قياس قدرته على التحمل والمرونة ودرجة ثباته وعندما يهتز تقع من رأسه الطاقية، ويشير هذا النوع من التحدي إلى الرجولة وقوة التحمل والصبر.

أغاني الطمبورة

ومن أشهر مطربي العبابدة والبشارية، هو حسين طاهر البشاري ومحمد البدري، ومن أشهر الأغاني “ظلموك أحبابك ظلموك” و”القمر بوبا” و”الغربة قساية”، وتستخدم آلة “الطمبورة” لعزف الأغاني والتي تشبه العود في تصميمها، علاوة على موهبتهم في إلقاء الشعر، كما يعرف عن البعض عادة تسمى “ضرب الودع” وينجم الذين يمارسونها بجزء من مستقبل الإنسان في الخير والشر.

أشهر مأكولات ومشروبات العبابدة

من أبرز الأكلات “السلات” وهى عبارة عن لحم مشوي على الزلط، ويتم إعداده بعد يجمع الحطب ويضعه تحت الزلط ويشعل النار حتى يسخن الزلط ويشوى اللحم.

ومن أشهر المشروبات “الجبنة” بفتح الجيم والباء، وهى القهوة وتحضر عن طريق وضع القلاية الفخارية ويوضع فيها البن الأخضر ثم توضع على الفحم حتى يتم تحميصه ويدق بالهون الفخاري، ثم يحضر الجنزبيل المطحون بالحبهان وتحضر بذلك الجبنة.

المصدر:

موقع اليوم السابع

موقع الأهرام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى