ثورة 30 يونيو.. حينما قالت سيناء «لا لحكم المرشد»
شيخ عائلات «أولاد سليمان»: الثورة صحّحت المسار واستعادت مصر من الجماعات الإخوانية التي تاجرت بالدين

محمود حسن الشوربجي
قبل ثورة 30 يونيو 2013م بنحو 3 أشهر، انطلقت حملة تمرد المعارضة لنظام حكم الإخوان في مصر، ومن ثم انتشرت في ربوع المحافظات ومنها شبه جزيرة سيناء، وبدأت في توزيع استمارات توقيع لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي في عام 2013، وفي مطلع شهر مايو 2013م أعلنت الحملة بدء توزيع استماراتها في مدن شمال وجنوب سيناء للإعلان عن انتخابات مبكرة وسحب الثقة من الرئيس مرسي، وقد قوبلت حركة تمرد في بدايتها بحالة من الشجب والاستنكار من قبل جماعة الإخوان والتيارات الإسلامية السياسية، وبدأت الاتهامات تتجه نحو هذه الحركة بتحريضها على العنف والتحالف مع النظام السابق أو الحزب الوطني السابق.
وشارك في الحملة بشمال سيناء شباب التيار الشعبي وحزب الدستور وحزب الكرامة وتم طبع 10 آلاف نسخة للنموذج المخصص لذلك، على أن يتم جمع التوقيعات من جميع القرى والمدن وبمشاركة شباب الجامعات والمعاهد، وقبل 30 يونيو أعلنت الحملة أنها جمعت أكثر من 15 مليون توقيع من المواطنين بجميع المحافظات.
بالتوازي مع جمع التوقيعات في العريش خرجت مظاهرات ومسيرات تطالب بإسقاط نظام الإخوان في شارعي 23 و26 يوليو في قلب المدينة عاصمة شمال سيناء، وجابت المسيرات خلال هذا الشهر أحياء كثيرة داخل مدينة العريش أكثر المدن ازدحاما، واستقرت المظاهرات في الأيام الأخيرة في ميدان الرفاعي بوسط العريش، وكان يتجمع المئات يومياً في هذا المكان مطالبين بسحب الثقة من الرئيس مرسي وإسقاط نظامه، ومن الشعارات التي تم الهتاف بها “يسقط يسقط حكم الإخوان” .. “يسقط يسقط حكم المرشد” “ارحل يا مرسي”،” أنا مش كافر أنا مش ملحد .. يسقط يسقط حكم المرشد” ، “ثورة ثورة حتى النصر .. ثورة فى كل شوارع مصر”.. “من سيناء للتحرير بنطالب بالتغيير”.. “عبد الناصر قالها زمان.. الإخوان مالهمش أمان”.
وفي يوم 30 يونيو 2013 اندلعت واشتدت المسيرات المناهضة لحكم الإخوان في العريش بميدان الرفاعي، حيث نظمت أحزاب سياسية وتيارات مختلفة مسيرات جابت شوارع العريش في ذلك اليوم واستمرت لأكثر من 3 أيام متتالية، ورفع المتظاهرون أعلام مصر وعدد من اللافتات والشعارات التي تطالب برحيل النظام من بينها لافتات كبيرة كُتب عليها “ارحل” .. مطالبين بإسقاط الرئيس مرسى وأركان نظامه وتقديمهم للمحاكمة.
وشارك في المسيرات والتظاهرات في هذا اليوم جميع الأحزاب والحركات السياسية ومنها أحزاب “الكرامة، والوفد، والدستور، والمؤتمر، والتيار الشعبي، وكتلة سيناء المستقبل، وحركة 6 أبريل، وحركة أحرار سيناء” بخلاف المواطنين العاديين، وكانت المظاهرات تتسم بالسلمية رغم سخرية الكثير من الذين كانوا ينتمون للتيارات الإسلامية ولم يتوقفوا بل زادوا بالتهديدات اللفظية وغيرها في ذلك الوقت.
ويسود المجتمع السيناوي القبلية والعائلية التي قد تجعل الكثير في حالة وقوف في خط مستقيم بين الجانبين خوفا من التعرض للهجوم اللفظي من قبيلته أو عائلته وحتى لا ينال من سخريتهم، وقد أثرت ثورة 30 يونيو في جميع أطياف المجتمع السيناوي رغم رفض البعض لها واعتبروها انقلابا.
وبعد 30 يونيو 2013م وبعد إعلان رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا مؤقتا للبلاد، من هنا بدأت تخرج مظاهرات مماثلة للتيارات الإسلامية كل يوم في شوارع العريش، فالأمر يعد صدمة كبيرة لهم تحتاج إلى وقت كبير للاستفاقة منها، وبالتوازي بدأت الدولة شق طريقها نحو التنمية والتعمير والإصلاح، رغم سخرية هؤلاء – التيارات الإسلامية السياسية- من أي عمل تنموي يتم إنشاؤه على أرض الواقع، ومن هنا كان الشعار “يد بتبني ويد بتهدم”.
إن من أهم تأثيرات ثورة 30 يونيو 2013 في شبه جزيرة سيناء قاطبة هو استرداد مكانتها وقوتها وهيبتها بعد سنوات من الضياع والفوضى التي حلت بالبلاد، وبالرغم من استمرار الفوضى لسنوات بعد ثورة 30 يونيو في سيناء، إلا أنه كان هناك مشروعات تنموية كبيرة تتم إقامتها، وقد قوبلت هذه المشروعات بالهجوم من تلك الجماعات مهددين كل أبناء سيناء الذين يقومون بالتنمية في هذه المشروعات بالقتل وحرق معداتهم، وبالفعل حدث الكثير من هذه الأعمال طوال الـ 7 سنوات الماضية.
لم يكن استرداد هيبة الدولة هو التأثير الوحيد الناتج عن ثورة 30 يونيو، وإنما عودة سيطرة المؤسسات الحكومية مرة أخرى بعد توقفها كل في مجاله وتفعيل القوانين العامة وإعادة هيكلة المؤسسات الحكومية بسيناء من الأشخاص المتطرفين الذين تم تعيينهم أثناء حكم الإخوان.
ولكن هذا لم يعجب التيارات الإسلامية المتشددة وبدأت في مواجهة مسلحة مع الجيش والشرطة في سيناء متهمة إياهم بالمرتدين، وواصلت هذه الجماعات هجومها بين الحين والآخر، ولم يكن هجومها على الأجهزة الأمنية فقط بل تطور الهجوم على المدنيين أيضاً، وبسبب العمليات الأمنية والحرب على الإرهاب كانت مسيرة التنمية تسير بشكل متوسط، مما عرقل الخطة الزمنية المطروحة للمشروعات التنموية.
وتضرر الأهالي والمواطنون في كافة مدن سيناء بسبب الحرب على الإرهاب في أكثر المناطق التي شهدت أحداثا إرهابية مثل مدن رفح والشيخ زويد والعريش ومدن وسط سيناء وبئر العبد.
30 يونيو صحّحت المسار
يقول الشيخ محمد الخليلي، شيخ قبيلة أولاد سليمان بشمال سيناء، دائرة قسم ثان العريش، “شيخ حكومي”، إنه يتذكر بكل فخر واعتزاز ثورة تصحيح المسار، ثورة استرجاع مصر من الجماعة الإخوانية المارقة التي تتاجر بالدين، والتي كانت تُريد أن تنفذ أجندات خارجية لتقسيم القطر المصري، مضيفا “نوجه كلمتنا بكل الحب والاعتزاز لرجال الجيش والشرطة المصرية لتهنئتهم على انتصاراتهم المتتالية والملموسة، كل عام وأنتم أقوى، كل عام وهاماتكم مرفوعة في ظل القيادة السياسية والعسكرية الرشيدة”.
وأضاف “الخليلي”، أن مصر حازت على عناية الله تعالى، بقدر امتلاكها أجهزة استخباراتية على أعلى مستوى من الدقة وتحليل المعلومات وإدراك المخاطر، فقد تعاملت باحترافية عالية وتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي للعمل على صد الخطر ومواجهته وحماية البلاد من الخطر المحدق بنا، لافتا إلى أن الرئيس أخذ على عاتقه حماية الشعب بعد طلب تفويض منه ونزوله بالميادين بعد ثورة 30 يونيو التي طالبت بإسقاط نظام الإخوان، وقد لبى الشعب النداء بجموع غفيرة وملايين الناس من جميع الفئات لتفويض القيادة السياسية بكل إيمان للتصدي لأخطار الحرب المحتملة التي كانت تتوقعها من قبل، فنزل أكثر من 30 مليون مصري حر للتفويض والدعم.
وأشار “الخليلي” إلى أن من أهم مكتسبات ثورة 30 يونيو، أن الدولة استطاعت، بدعم الأهالي الشرفاء، مجابهة ومحاربة الإرهاب الذي كان يهدد كل أرجاء القطر المصري، وأيضا استطاعت تحجيم الجماعة الإرهابية “الإخوان” وغيرهم، ولعل أهم مكتسبات الثورة هو إعادة الثقة بالحكومة في محاربة الفساد والمفسدين وخاصة داخل المؤسسات الحكومية، ولاحظنا أن كل مفسد من المسئولين أو من يستغل منصبه تتم إحالته للمحاكمة مهما كان وضعه، موضحاً أهمية المشروعات الضخمة التي تم تنفيذها خلال الـ 7 سنوات الماضية والتي تمت بدقة عالية وبسرعة ملحوظة مما أكد لنا حرص القيادة السياسية وإصرارها على استمرارية عجلة التنمية في كل ربوع مصر.
وأوضح شيخ القبائل أن دعم وحماية الدولة تم من خلال القوات المسلحة بدعمها وتطويرها بأسلحة متنوعة من مصادر مختلفة، حيث إنها الدرع والسيف لحماية الدولة والأمة المصرية بعد عناية وحماية الله تعالى، موجها الشكر والتقدير لقوات التأمين في سيناء لما بذلوه من جهود لدحر الإرهاب ولهم الفضل في إعادة الاستقرار إلى مدن الشمال الشرقي من شبه جزيرة سيناء “رفح والشيخ زويد والعريش”.



