عادات و تقاليد

طقوس الزواج والعزاء عند بعض القبائل في قنا

 

 

كتبت : رانيا سمير

يعتز أبناء القبائل بأصولهم القبلية، كما أنهم ما زالوا يحتفظون بعادات وتقاليد جرت العادة عليها كلما جاءت مناسبة زواج أو تقبُّل عزاء ، فكل قبيلة تحتفظ بطقوس معينة تميزها عن الأخرى توارثتها منذ وطئت أقدامها أرض جنوب مصر، ورغم خروج البعض منهم من عباءة التقاليد إلا أنهم يعتبرون أن «لكل قاعدة شواذ»

 

حيث تمتلك هذه القبائل دساتير وقوانين وأعرافاً مختلفة من عادات وتقاليد تشكل حياة أبنائها فى أمور كثيرة، كما أنها تلعب دوراً كبيراً فى تحديد ماهية الكثير من الأشياء، مثل تقبل العزاء فى وفاة الرجل أو السيدة وغيرها.

وترصد مجلة القبائل ( أوجه الاختلاف بين العادات والتقاليد فى الماضى والحاضر ) بين القبائل المختلفة منذ مئات السنين فى الزواج والعزاء

الزواج

ففي قبيلة الأشراف يحظرون زواج بناتهم من خارج رجال القبيلة حفاظاً على نسبهم ويتركون للشبان حرية الاختيار

فهناك بيت شعر شعبى تطبّقه معظم القبائل بحذافيره، وهو «أبناؤنا أبناء بنينا.. وأبناء بناتنا أبناء الأباعد»، فما زالت العادات والتقاليد تتحكم فى كثير من تصرفات ابن القبيلة، ومنها اختيار شريكة حياته، كما أن فتاة القبيلة عليها أن تقبل بذلك شاءت أم أبت

وقبيلة «الهمامية»، أحد فروع «الهوارة» فى قنا، إنه «يُعرض على الرجل منا بنت عمه التى جاء دورها وتقدم لها شخص للزواج منها، كما تُعرض عليه مواصفاتها إذا قبل بها فعلى الفتاة القبول بابن عمها لأنه أقرب من تقدم لها من العرسان، ولا بد أن ترضخ لقرار الأسرة ولا تراجعهم فيه، وفى حالة المخالفة تُمارَس ضغوط اجتماعية على الأسرة على المدى البعيد وتُعزل اجتماعياً».

وأحيانا المستوى الاجتماعى والمادى قد يكون عائقاً داخل القبيلة، فمثلاً أبناء الطبقة الدنيا اجتماعياً ومادياً من القبيلة لا يمكنهم اختيار فتاة من طبقة متوسطة أو من أسرة يتقلد رجالها مناصب عليا وذوى أملاك، لأن هذه منظومة اجتماعية صارمة، وما يحدث من حالات ارتباط أبناء طبقة فقيرة بفتاة أسرتها ثرية يكون الرجل إما ذا علم أو منصب قيادى».

حيث أن «الحالات النادرة من الفتيات اللاتى خرجن وتزوجن خارج أبناء العمومة أو القبيلة هى حالات فردية تحمل فى طياتها غضباً عارماً ويُعتبر هذا جرماً كبيراً يخل بتقاليد القبيلة ويُنظر للفتاة وأبنائها نظرة متدنية».

أما الزواج عند قبيلة الأشراف التى تمثل نسبة ليست بقليلة من سكان المحافظة، فله طابع خاص، حيث إنهم يعتبرون أن زواج الفتاة من ابن القبيلة «واجب قبلى» للحفاظ على نسبهم الذى يعود لأحفاد النبى عليه الصلاة والسلام، ويقول هشام قدوس، أحد أبناء القبيلة، إن «الأزمة تنحصر فى الفتاة التى تُعتبر مصدر إزعاج لأسرتها حال خروجها عن عباءة العادات والتقاليد، ولكن الرجل من الأشراف فله حرية الاختيار من أى قبيلة أخرى كما يشاء».

حيث أن الأسرة التى تسمح بزواج ابنتها من شخص غير مرغوب فيه عليها أن تتحمل الضغوط القبلية من حيث عزلها اجتماعياً، أما أفراد قبيلة «الأشراف» الذين خرجوا من القرى وتعايشوا فى محافظات الوجه البحرى فلا يتقيدون بذلك الإرث، فهم يتكيفون على عادات وتقاليد الأماكن التى يسكنونها، إلا القليل منهم يتمسك حفاظاً على النسب..

ولكن اختلفت الأمور فى الوقت الحالى عن الماضى، وبات الناس أكثر انفتاحاً عن الماضى، فكانت الفتاة لا تتزوج إلا ابن قبيلتها والرجل عليه الزواج من ابنة عمه أو عمته أو أقربائه أو بنت قبيلته فقط، ولكن ما يحدث حالياً نتيجة التقدم والتطور والحداثة وزيادة نسبة التعليم كان له أثر كبير على الناس، حيث أصبح (كل واحد حر فى اختياره)».

العزاء

اختلفت طقوس العزاء على مدار الـ50 عاماً الماضية، كما أنها تختلف باختلاف الشخص المتوفى سواء كان رجلاً أو سيدة، وهو أمر يختلف من قبيلة إلى أخرى، من حيث عدد أيام العزاء التى تختلف حسب الأحوال والعادات والتقاليد.

وعند قبيلة «الأمارة» كان واجب العزاء قديماً 5 أيام للمتوفى والمتوفاة من أبناء القبيلة، وكان الرجال يلبسون الجلباب الأبيض، والسيدات يرتدين لباسهن الأسود المعروف، وكانت السيدات يتقبلن العزاء فيما بينهن من أبناء القبيلة على مدار 7 أيام.

غير أن هذا التقليد اختلف تماماً، وأصبح العزاء يوماً واحداً، سواء للرجل أو السيدة المتوفاة، وهو يقام فى مضيفة عائلة المتوفى، وأثناء أداء هذا الواجب تخرج «صوانى الأكل» فى الظهيرة وفى صلاة المغرب أو بعد الأذان، كما تقدم المشروبات للحضور من شاى وقهوة وماء، وأثناء تلاوة القرآن الكريم يكون السرادق أو المضيفة فى حالة سكون ليس كما تفعل بعض القبائل الأخرى بأن يلقى صاحب الواجب والأقارب جملة على المعزين «شكر الله سعيكم» ليردوا بمقولة «غفر الله ذنبكم».

أما عند قبيلة الهمامية الهوارية، فإن عدد أيام العزاء بالنسبة للرجال والسيدات المتوفين كان 5 أيام فى الماضى، وأصبح الآن 3 أيام، ويتم استقبال المعزين وسماع تلاوة القرآن، ويلقى الأفراد على المعزين جملة «شكر الله سعيكم»، كما أنه فى الذكرى الخامسة عشرة وذكرى الأربعين يُقرأ القرآن كاملاً ويتم تقديم الطعام للمشايخ والأقارب.

وأما فى قبيلة البلابيش الهوارية، عدد أيام العزاء يختلف بالنسبة للرجل 3 أيام، والسيدة يوم واحد، وكان قديماً الرجل 7 أيام والسيدة 3 أيام تنقص يومين، أما واجب السيدات فى منزل المتوفى أو المتوفاة 7 أيام».

وتتشابه مراسم العزاء لدى قبائل العرب فى المحافظة، فالرجل المتوفى كانت أسرته تقبل العزاء 7 أيام والمتوفاة 5 أيام يخرج خلالها أهل المتوفى بصوانى الطعام إلى السرادق، ، وأصبحت اليوم 3 أيام لكل من الرجال والنساء.

أما عن مراسم العزاء عند قبيلة الأشراف «العزاء منذ قديم الأزل للرجل المتوفى والسيدة المتوفاة 3 أيام لم تتغير، بعد تشييع الجثمان إلى المقابر، ويقام العزاء داخل المضايف أو ما يطلق عليه «المندرة» ويتم الاستعانة بمقرئ لتلاوة القرآن للحاضرين «المعزين»، ويقدم مشروب الشاى أو الينسون أو القهوة حسب الطلب».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى