من هو النبي دانيال بحسب الكتاب المقدس؟ وماذا تقول عنه كتب التاريخ؟

يعتبر دانيال واحدًا من أبرز أنبياء بني إسرائيل، وقد عاش في القرنين السابع والسادس قبل الميلاد منحه الله القدرة على تفسير الأحلام، ورؤية أحداث مستقبلية، كما ألهمه لكتابة سفر دانيال الموجود في الكتاب المقدس، وهو السفر الذي يحمل اسمه.
من هو دانيال؟
وفي هذا الصدد قال عضو اتحاد المؤرخين العرب أحمد عبد الفتاح أن دانيال نشأ في مملكة يهوذا التي كانت تضم مدينة أورشليم والهيكل اليهودي، وفي عام 617 قبل الميلاد، اجتاح الملك البابلي نبوخذنصر أورشليم، وقام بنقل نخبة من السكان إلى بابل، وكان من بينهم دانيال، الذي يُعتقد أنه كان لا يزال مراهقًا في ذلك الوقت، كما اصطحب الحراس الملكيون دانيال وعددًا من الشبان الآخرين، من بينهم شدرخ وميشخ وعبدنغو، إلى القصر البابلي، لتلقّي تدريب خاص يؤهلهم للخدمة في الحكومة، ورغم الضغوط التي تعرضوا لها لتغيير معتقداتهم، تمسك دانيال وأصدقاؤه الثلاثة بإيمانهم بالله، يهوه، ولم يتخلوا عنه.
وأضاف عبد الفتاح أن بعد ثلاث سنوات من التدريب، أثنى الملك نبوخذنصر عليهم لحكمتهم ومهاراتهم، واعتبرهم أفضل من جميع الكهنة والسحرة في مملكته بعشر مرات، وعيّنهم لخدمة القصر الملكي.
رؤية دانيال وسقوط بابل
بعد مرور عدة عقود، وكان دانيال في التسعين من عمره تقريبًا، استدعاه الملك بلشصر إلى القصر ليطلب منه تفسير كلمات غامضة ظهرت فجأة على جدار القاعة وبفضل الإرشاد الإلهي، أخبر دانيال الملك أن بابل ستسقط في يد الإمبراطورية الميدية الفارسية، وبالفعل، سقطت بابل في الليلة نفسها.
تحت حكم الميديين والفرس، أصبح دانيال مسؤولًا رفيعًا، وكان الملك داريوس يخطط لترقيته لكن بسبب الغيرة، تآمر عدد من المسؤولين للإيقاع به، وألقوه في حفرة الأسود، لكن الله أنقذه دون أن يصيبه أذى، وفي نهاية حياته، ظهر ملاك لدانيال وطمأنه مرتين قائلاً إنه رجل ثمين وعزيز جدًا في نظر الله.
ماذا تكشف المصادر التاريخية عن دانيال وسفره؟
كتب دانيال أن نبوخذنصر أقام تمثالًا ضخمًا، وأمر الناس بعبادته، ومن يخالف ذلك يلقى في أتون النار، وفقًا لدائرة المعارف البريطانية، نفذ نبوخذنصر مشاريع بناء ضخمة في بابل، ليس فقط من أجل تمجيد ذاته، بل تكريمًا للآلهة أيضًا، وصرح أنه هو من علّم الناس reverence أي التبجيل للآلهة العظام.
أما عمليات الإعدام بالحرق، فقد ورد ذكرها في سجلات بابل القديمة، إذ كان بعض الملوك يأمرون بحرق من يُتهمون بإهانة الآلهة. أحد النصوص البابلية القديمة يعود لعهد نبوخذنصر، ويتضمن أوامر واضحة بإحراق بعض المسؤولين، حيث جاء فيه عبارات مثل دمرهم، احرقهم، اجعل دخانهم يتصاعد، وأنهِ حياتهم بالنار المشتعلة.
فخر نبوخذنصر بإنجازاته العمرانية
كتب دانيال أن نبوخذنصر كان يفتخر بمشاريعه العمرانية، وتؤكد المصادر التاريخية هذا الأمر، إذ تتحدث النقوش التي تركها نبوخذنصر عن ملك عظيم واثق من نفسه وقوته.
في أحد النقوش، يقول الملك إنه بنى سورًا ضخمًا من القرميد والقار، لا يمكن زحزحته، وقام بتحصين معبد إيساجيلا ومدينة بابل، وأراد أن يُخلد اسمه إلى الأبد، ومن المثير أن العديد من الطوب المكتشف في بابل يحمل اسم نبوخذنصر مختومًا عليه.
من هو بلشصر ولماذا عرض على دانيال أن يكون ثالث ملوك المملكة؟
في الفصل الخامس من سفر دانيال، ورد أن الملك بلشصر وعد دانيال بأنه سيصبح ثالث حاكم في المملكة إن تمكّن من تفسير الكتابة الغامضة على الجدار.
ولكن المصادر التاريخية تشير إلى أن الملك الرسمي حينها كان نابونيد، والد بلشصر، وقد أمضى معظم فترة حكمه خارج بابل، وتحديدًا في منطقة شبه الجزيرة العربية، مما جعله يُوكل إدارة شؤون المملكة لابنه بلشصر.
وأوضح المؤرخ ريموند فيليب دوغيرتي في كتابه نابونيد وبلشصر، أن بلشصر كان يؤدي المهام الملكية باسم والده الغائب، وبما أن نابونيد كان أول الحاكمين، وبلشصر الثاني، فقد عرض بلشصر على دانيال المرتبة الثالثة في المملكة، وهي الأعلى التي يمكنه منحها.



