في موريتانيا «الشَعر الجالب للبركة» عادة رمضانية فريدة

كتبت – شيماء طه – يكتسي شهر رمضان في موريتانيا طابعًا خاصًا يمزج بين الروحانيات العميقة والتقاليد العريقة، حيث يجمع بين العبادة، والتكافل الإجتماعي، والموروث الثقافي الفريد.
ورغم بساطة الحياة، إلا أن هذا الشهر الفضيل يتحول إلى إحتفال متكامل يجمع بين الإيمان، الكرم، والعادات التي توارثها الموريتانيون عبر الأجيال.
ومن بين أغرب تلك العادات، يلجأ الرجال والأطفال إلى حلق شعورهم بالكامل في اليوم الأول من رمضان، إعتقادًا بأن الشعر الذي ينبت خلال الشهر الكريم يجلب البركة.
“إستقبال رمضان” أجواء إيمانية وزينة إحتفالية
مع إقتراب شهر رمضان، تعم الفرحة أرجاء موريتانيا، حيث يبدأ الأهالي بتزيين المنازل والمساجد وتنظيفها استعدادًا للشهر الكريم ، كما تعقد حلقات تلاوة القرآن في البيوت والمساجد، ويكثر التسبيح والدعاء في الأحياء والأسواق، تعبيرًا عن التهيئة الروحية.
ومن العادات اللافتة، يتوجه الرجال والأطفال إلى الحلاقين من أجل حلق رؤوسهم بالكامل، في تقليد قديم كان في السابق من مهام الأمهات والجدات بإستخدام الأدوات التقليدية، إلا أنه اليوم يمارس داخل صالونات الحلاقة العصرية، التي تشهد إزدحامًا شديدًا في اليوم الأول من رمضان.
اللباس الأبيض أول أيام الصيام
في اليوم الأول من الصيام، يرتدي الرجال “الدراعة” البيضاء الفضفاضة، رمز النقاء والروحانية، بينما تتزين النساء بملابسهن التقليدية الملونة “الملحفة”، مما يضفي طابعًا احتفاليًا خاصًا.
مائدة الإفطار.. البُصرة والشاي رمز الكرم
عند مغيب الشمس، يجتمع الموريتانيون حول موائد الإفطار، حيث يبدأون بتناول التمر والماء، ثم ينتقلون إلى “البُصرة”، وهو حساء تقليدي من الأرز أو القمح مع اللحم، يلي ذلك طبق الكسكس الشهير.
ولا يمكن الحديث عن الإفطار دون ذكر “أتاي” (الشاي الموريتاني)، الذي يحضّر عبر ثلاث مراحل ليكتسب نكهته القوية ورغوته المميزة، وهو ليس مجرد مشروب، بل طقس اجتماعي يجمع العائلة والأصدقاء.
السحور على الطريقة الموريتانية.. “الزريق” لمقاومة العطش
وجبة السحور في موريتانيا لها طابعها الخاص، حيث يشتهر الموريتانيون بمشروب “الزريق”، وهو خليط من الماء، والسكر، والحليب، وقليل من الدقيق، يشرب باردًا لمقاومة العطش خلال النهار.
“التراويح وختم القرآن” نفحات إيمانية خاصة
تشهد المساجد إقبالًا كبيرًا لصلاة التراويح، حيث يتنافس الموريتانيون في ختم القرآن خلال الشهر الكريم. وفي ليلة السابع والعشرين، يقام احتفال كبير بختم القرآن، حيث يجتمع المصلون، وتلقَ الخطب الدينية، ويوزع الطعام والصدقات على الفقراء.
التكافل الاجتماعي وزكاة الفطر
رمضان في موريتانيا ليس مجرد صيام وعبادة، بل هو موسم للكرم والعطاء. يحرص الناس على إخراج زكاة الفطر في شكل طعام، مثل الأرز أو القمح، وتوزيعها على المحتاجين. كما تنتشر موائد الرحمة في مختلف المدن.
تحضيرات ليلة العيد.. الكسكس يجمع العائلات
في الليلة الأخيرة من رمضان، تتجمع العائلات لتحضير الكسكس باللحم أو الدجاج. وهو الطبق الرئيسي في صباح العيد، حيث يجتمع أفراد العائلة حوله احتفالًا بقدوم عيد الفطر.
رمضان في موريتانيا أكثر من مجرد صيام
رمضان في موريتانيا ليس مجرد شهر للصيام، بل هو موسم للفرح، والتكافل، وإحياء العادات العريقة. و
بينما تتزين ليالي رمضان بالتراويح والتلاوات القرآنية، تبدأ أيامه الأولى بمشهد الحلاقين. الذين يتحولون إلى آلات حلاقة بشرية، في واحدة من أغرب العادات الرمضانية. والتي تعكس أصالة المجتمع الموريتاني وحرصه على ترسيخ تراثه جيلاً بعد جيل.
