
كتبت – شيماء طه – يعد الكابيتول أحد أروع المعالم الأثرية في مدينة دقّة التونسية، وهو معبد روماني ضخم بني في القرن الثاني الميلادي تكريمًا لآلهة الثالوث الروماني المقدس: جوبيتر، جونو، ومينيرفا. يتميز هذا المعبد بجماله الهندسي الفريد، ويعكس قوة وتأثير الحضارة الرومانية في شمال إفريقيا.
تاريخ بناء الكابيتول
شُيد معبد الكابيتول عام 166 ميلاديًا خلال حكم الإمبراطور ماركوس أوريليوس، في فترة شهدت ازدهارًا عمرانيًا كبيرًا في دقّة، التي كانت آنذاك مدينة رومانية مهمة. كان الكابيتول بمثابة مركز ديني رئيسي، حيث كان سكان المدينة يؤدون الطقوس الدينية والتضحيات فيه.
كما تم إختيار موقعه بعناية على هضبة مرتفعة، مما يجعله يهيمن على باقي مباني المدينة، في تعبير عن قوة الدين والدولة في الإمبراطورية الرومانية.
الهندسة المعمارية للكابيتول
يعد الكابيتول نموذجًا رائعًا للطراز المعماري الروماني الكلاسيكي، حيث يتميز بـ:
1. الأعمدة الضخمة
كما يتكوّن المعبد من ستة أعمدة أمامية ضخمة، بارتفاع يصل إلى 8.5 متر، وهي منحوتة بدقة وفق الطراز الكورنثي، مما يضفي عليه فخامة وعظمة.
2. واجهة مزخرفة
الواجهة الأمامية مزينة بنقوش حجرية رائعة، تجسد مشاهد من الأساطير الرومانية، بالإضافة إلى كتابات لاتينية تروي تاريخ بناء المعبد.
3. القاعة الداخلية (الناووس)
كان المعبد يضم قاعة داخلية (الناووس)، حيث كانت توضع التماثيل الضخمة للآلهة الثلاثة:
جوبيتر (إله السماء والبرق)
جونو (إلهة الزواج والخصوبة)
مينيرفا (إلهة الحكمة والحرف اليدوية)
4. السلالم والموقع المرتفع
بينما تم بناء الكابيتول على قاعدة عالية، مع درج ضخم يؤدي إلى المدخل الرئيسي، مما يمنحه مظهرًا مهيبًا، ويجعله مرئيًا من جميع أنحاء المدينة.
دور الكابيتول في المجتمع الروماني
لم يكن مجرد معبد للعبادة، بل كان رمزًا للسلطة الرومانية في المنطقة. فقد كان المكان الذي تقام فيه الاحتفالات الرسمية، والتجمعات السياسية، والطقوس الدينية، التي كانت تعزز ولاء السكان المحليين للحكم الروماني.
“الكابيتول اليوم”معلم أثري عالمي
رغم مرور أكثر من 1800 عام على بنائه، لا يزال صامدًا في مدينة دقّة، ويعتبر واحدًا من أفضل المعابد الرومانية المحفوظة في تونس. وهو اليوم جزء من موقع دقّة الأثري، المُصنّف ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.
يستقطب المعبد آلاف الزوار سنويًا، سواء من الباحثين في علم الآثار أو عشاق التاريخ والسياح، الذين يأتون لإستكشاف عظمة الهندسة الرومانية والتقاط صور بين أعمدته الشاهقة.
تحفة معمارية خالدة
يُمثل الكابيتول في دقّة تحفة معمارية مذهلة، تجمع بين الفخامة الرومانية والطابع الديني العريق.
ورغم مرور القرون، لا يزال شاهدًا على حضارة عظيمة، جعلت من دقّة واحدة من أبرز المدن الأثرية في تونس والعالم.