وطنيات

حكاية نوبي حفظ “السرّ” 40 عامًا.. من هو أحمد إدريس صاحب شفرة حرب أكتوبر؟

أميرة جادو

الموت لا يفرق يخطف الجميع، ولكل شخص دوره الخاص، وها هو يختار أحمد إدريس عن عمر يناهز 84 عامًا، ليطوي صفحة جسد وروح هذا الشيخ في الـ21 من سبتمبر 2021، ويعيد ذكر بطولة سطرها شبابه.

ولد إدريس، في عام 1937، في قرية توماس وعافية بمحافظة أسوان، وفي عام 1954 التحق بالجيش في حرس الحدود، وشارك في حرب العدوان الثلاثي، وبقي في صحراء سيناء من عام 1957 حتى حرب اليمن، ثم دخل حرب 1967، ثم كان له الفضل في فكرة استخدام اللغة النوبية كرمز لكسب حرب أكتوبر، ولم يعرف أحد خطة الكود لحرب أكتوبر حتى قبل بضع سنوات اعتبرها سرًا عسكريًا واحتفظ بها لمدة 40 عامًا، قبل سنوات كشف عنها وعبر عنها بطولته بتقدير مصري لن يطويه الموت.

“صاحب الشفرة النوبية”، هكذا أطلق على الصول أحمد إدريس ابن النوبة، فخلال قضاء فترة خدمته بالقوات المسلحة كانت فكرة تشفير الاتصالات اللاسلكية بين الوحدات والقيادة العامة تشغل عقل الجيش في وقت نجح الإسرائيليين فيه بالتنصت عليها وفك شفراتها في احيان كثيرة، ليقترح إدريس استخدام اللغة النوبية في التواصل، والتي استندت إلى وضع جندي نوبي على جهاز إرسال واستقبال في كل وحدة عسكرية، بينما يتبادل الجنود الكلمات السرية النوبية، ووافق الرئيس الراحل محمد أنور السادات على الاقتراح وتدرب النوبيون على الخطة الجديدة واستخدمها الجيش من عام 1971 حتى حرب 1973 ويرجع لها فضل تحقيق النصر.

في مركز أبو صوير بالإسماعيلية، مقر خدمة إدريس وقتها، لم يمر يوم دون أن بليغ الأهالي عن وجود جاسوس، ففزع عندما استدعاه قادته فجأة ذات يوم، ليجد نفسه مقيدًا بـ “كلبشات حديدية” وحوله عدد من الضباط، وفي جو يحيط به الصمت التام، كان يخشى فقط أن يتهم بالتجسس قبل أن يجد نفسه في منطقة مصر الجديدة، وكان السادات ينتظره! دخل عليه حاملاً عصاه والغليون، لمفاجأته، مؤكدًا على أهمية فكرته وتناقش معه، قائلًا : “فكرتك ممتازة، لكن هننفذها ازاي؟”، فأجابه إدريس، قائلًا: “لازم جنود بيتكلموا النوبية، ودول متوفرين في سلاح حرس الحدود”، ليهز السادات رأسه ويحدثه بلهجة حاسمة: “استخدام اللغة النوبية ده سر لو طلع هحاكمك”، ويطلب منه عدم إفشاء السر بعيدًا عن قائد الجيش، قائد الأركان، قائد اللواء، حتى أنه نبه عليه بأن لا يخبر أحد عن هذه الفكرة حتى زوجته وأشقائه وزملائه، قبل أن يكافئه بمبلغ 100 جنيهًا.

وبعد موافقة الرئيس، تم تدريب النوبيين على الخطة الجديدة، واستخدمها الجيش من عام 1971 حتى حرب 1973، وكان لها الفضل في هزيمة العدو في أكتوبر “الساعة الثانية”، وظل استخدام هذه اللغة كرمز في البيانات السرية بين القادة والألوية حتى عام 1994.

ومن بين أشهر الكلمات النوبية التي استخدمت في الحرب كلمة “أشرايا” يعني اضرب، و”ساع أوي” أي الساعة الثانية، وظل استخدام هذه الكلمات بين القادة مستمرًا حتى عام 1994م.

ترك إدريس الخدمة عام 1994 م، واحتفظ بها إدريس كأحد الأسرار العسكرية لمدة 40 عامًا، ومن ذلك التاريخ حتى 2010 م لم يتحدث لأحد عن النصر وهذا السر على الإطلاق، حتى أبناؤه لم يعرفوا شيئًا عن بطولته، حيث أكد إدريس أنه لم يكافأ أيضًا مالياً ولا معنويًا بعد الانتصار في حرب أكتوبر حتى كرمه الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومنحه وسام النجمة العسكرية لما قدمه من خدمات جليلة من أجل الوطن

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى