قبائل و عائلات

إمبراطورية هوارة بالصعيد 

إمبراطورية هوارة بالصعيد
#هوارة_الأصل_والعراقة
لقد نزحت إلي مصر بعد ظهور الإسلام قبائل عربية كثيرة، بيد أنه لم يقدر لقبيلة منها، وبخاصة القبائل التي نزلت بصعيد مصر أن تحظي بالشهرة والمكانة التي حظيت بها قبيلة هوارة بالصعيد بل لم يقدر لواحدة منها أن تبسط نفوذها وسلطانها علي مناطق واسعة من الصعيد بمثل ما فعلت هذه القبيلة.
بعد أن أقامت قبائل هوارة بأقسام البحيرة مع الحكم الفاطمي لمصر ظهر نفوذ هوارة بهذه المنطقة التي كانت مجتمع لأغلب العربان التي نازعوا قبائل هوارة لوق قامت قبائل هوارة بعدة صرعات وثورات ظهرت جليا في عصر المماليك الأول أيان حاكمهم الظاهر برقوق وكان اشد عداءا لقبائل هوارة خوفا من بسط نفوذهم والسيطرة علي حكم مصر فقام بمحاربتهم ولذا زحف أغلب قبائل هوارة الصعيد وأقاموا بها وعملوا علي أعمارها بالتعاون مع القبائل العربية الأخري وتحالفوا معهم
فقد حكم شيخ العرب همام بن يوسف زعيم قبيلة هوارة بالصعيد جنوبي أسيوط حتي اسنا فترة من الزمن، بل لقد امتد نفوذه إلي ابعد من ذلك حتي بلاد النوبة، وأقام دولة في صعيد مصر عرفت في التاريخ باسم دولة شيخ العرب همام استمرت ما لا يقل عن أربع سنوات «1765- 1769»، والباحث في تاريخ الهوارة يجد كذلك الأمير عمر بن عبد العزيز زعيم قبائل الوشاشات الهوارية وأبنه الأمير محمد الذي سبق أمارة أبن عمهم همام ولكن لم تكتب لامارته النجاح مثل شيخ العرب همام بن يوسف وأن نفوذ هوارة في الصعيد قد استند إلي دعامتين رئيسيتين احداهما تتمثل في نظامهم البارز في زراعة الأرض ومثابرتهم دون سائر القبائل الأخري في استصلاح الأراضي الصحراوية والتي مكنتهم من استغلال المساحات الكبيرة منها في الإنتاج الزراعي، والدعامة الأخري تتمثل في شهرتهم الواسعة في تربية الخيول، وامتلاك الكثير منها، وقد كانت عونا لهم في صراعهم مع المماليك والحكومة المركزية من أجل السلطة والنفوذ.
والهوارة قبل أن يصلوا إلي حكم الصعيد دخلوا في صراع مع امراء المماليك ونازعوهم السلطة، وقاموا بالثورات علي الحكومة المركزية في القاهرة، واشتبكوا في حروب معها، حتي إذا ما انفرد علي بك الكبير بحكم مصر شن حربا شعواء عليهم وان لم تقض كلية علي نفوذهم الذي ظل متغلغلا في مراكز وقري الصعيد، إلي أن تولي محمد علي حكم مصر، فسعي إلي القضاء علي نفوذهم إذ امعن بالسيف والاعدام فيهم حتي قتل العديد منهم، كما دمر قراهم واستولي علي ممتلكاتهم فارتاح من منافستهم له علي السلطة ومعارضتهم لحكومته علي نحو ما فعل مع المماليك.
وهكذا كان لهوارة الصعيد دور بارز علي مسرح الاحداث في مصر في القرن الثامن عشر واوائل القرن التاسع عشر في الصراع من أجل السلطة والنفوذ.
وعلي الرغم من أهمية هذا الدور التاريخي لهوارة الصعيد، واثرهم في الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد، فان المؤرخين المحدثين يقصرون عن معالجته أو حتي الاشارة إليه حين يتعرضون لحكم المماليك أو لحكم محمد علي في صراع كل منهما ضد القوي المنافسة له في حكم البلاد-
مع أن المؤرخين المعاصرين من امثال الشيخ عبدالرحمن الجبرتي قد عرضوا له اذ تناول هذا المؤرخ المصري الجليل في كتابه «عجائب الآثار في التراحم والأخبار» قصة الصراع بين الهوارة والمماليك وافاض بصفة خاصة في الحديث عن الحرب الأخيرة التي دارت بين علي بك الكبير وشيخ العرب همام زعيم الهوارة في الصعيد،
كما عرض لهذا الدور التاريخي لقبيلة الهوارة بعض الرحالة الموثوق بهم مثل الرحالة بوركهار الذي ضمنه بعض ملامح كتابه «رحلات في النوبة» وقد ذار هذا الرحالة السويسري مصر والسودان في اوائل القرن التاسع عشر واتيحت له فرصة التعرف علي بعض زعماء الهوارة والاتصال بهم وامكنه ان يلم بجوانب مهمة من تاريخهم وعاداتهم وتقاليدهم ونظم معيشتهم في المناطق التي كانوا قد بسطوا نفوذهم عليها، وبخاصة في مراكز وقري قنا، مما يعد صفحة مهمة مطوية في تاريخهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى