د. محمد رجب فضل الله يكتب..
اقرأ أسرع … تفهم أكثر
السرعة في القراءة مهارة قرائية ذات وجهين لا ينفصلان، أحدهما حركي، والثاني عقلي، وهي مهارة تتطلب تدريسا منفصلا ومباشراً ومقصوداً.
والسرعة المقصودة في القراءة هي السرعة في فهم المادة المقروءة، وليست السرعة في الانتهاء من قراءة المادة، ولذلك يجب الحذر في الدعوة إلى السرعة في القراءة.
إن تسريع القراءة يؤدي إلى توفير الوقت، وزيادة التحصيل الدراسي، واتاحة فرص أكبر للتثقيف، وصقل الشخصية، والإحساس بالذات، ومسايرة العصر، ومتطلباته، وملاحقة الثروة المعلوماتية المتدفقة، وغير ذلك.
ويختلف مستوى السرعة المطلوبة في القراءة وفقا لما يلي: طبيعة المادة المقروءة، والهدف من قراءتها، والقدرات القرائية للقارئ، وموقف القراءة مكاناً وزماناً.
والبطء في القراءة يحدث لأسباب: لغوية، أو عقلية، أو شخصية، أو تعليمية. واجتماع اثنتين أو أكثر منها في متعلم يثبت البطء لديه، ويصعب التخلص منه.
وينصح المتخصصون في التربية اللغوية بالتبكير في حث المتعلمين على السرعة في القراءة، وتدريبهم عليها بمجرد امتلاك مهاراتها الأساسية، ويرون ضرورة ألا يتأخر البدء في ذلك عن الصف الثالث الابتدائي ( سن التسع سنوات تقريباً ).
إن قياس السرعة في القراءة يتم بحساب الوقت المستغرق في القراءة، وأن هناك طرقا عدة للقيام بهذا الحساب، ورغم اختلاف هذه الطرق في إجراءاتها إلا أن الخطوة الأخيرة في كل منها هي حساب عدد الكلمات المقروءة في الدقيقة الواحدة. ويمكن تحديد معايير السرعة في القراءة من خلال ملاحظة حركات العين: (سرعة قفزاتها، وزمن وقفاتها، ومكان استقرارها، واتجاه حركتها…)، وقياسها.
ويختلف معدل السرعة (عدد الكلمات المقروءة في الدقيقة الواحدة) وفقا لنوع القراءة (جهرية / صامتة)، ونوع القارئ (عادي/ ماهر).
وقد أثبتت كثير من البحوث التي أجريت في السنوات العشرين الأخيرة * وجود علاقة بين السرعة في القراءة وفهم المقروء. إن فهم المقروء يؤدي بالضرورة إلى السرعة في قراءته، والسرعة في القراءة تساعد لدى البعض في فهم المقروء.
ويتأثر معدل السرعة في القراءة بالمادة المقروءة من حيث: نوعها: (كتاب ـ تقريرـ مجلة…)، ولغتها (مفردات ـ جمل ـ تراكيب ـ مصطلحات …)، وأسـلوبها (مألوف / غير مألوف ـ سهل / صعب ـ وظيفي / إبداعي …)، والهدف من قراءتها (استمتاع ـ تحصيل ـ تحديد فكرة ـ تحديد معلومة…. ).
ولشكل الكتابة أثر ملموس في السرعة في القراءة : إن شكل الورق ولونه، وحجم الحروف ونوعها، وطول السطور والمسافات بينها، وتنظيم الكتابة ( هوامش، وفراغات… ) يمكن أن يساعد القارئ على السرعة في القراءة، أو يدفعه إلى البطء فيها. هذه العلاقة تحتاج للمزيد من البحوث العلمية خاصة التجريبية.
ويمكن تنمية السرعة في القراءة بما يلي:
• التخلص من العادات الخاطئة في القراءة من مثل: إصدار الأصوات المهموسة، وتحريك الشفتين، وتحريك الرأس، ووضع الإصبع على كلمة كلمة، إن التخلص من ذلك هو الخطوة الأولى في تنمية السرعة في القراءة.
• إعادة القراءة مرة ، وأكثر طريقة مفيدة لتنمية السرعة فيها لدى ذوي الاحتياجات الخاصة ( ضعاف البصر ـ ضعاف السمع ـ ضعاف التحصيل القرائي ـ المبطئين في القراءة… )، ولدى متعلمي اللغة الثانية.
• القراءة الجماعية طريقة علاجية لبطء القراءة خاصة الجهرية، وهي طريقة تساعد في تنمية السرعة في القراءة خاصة لدى المبتدئين.
• حسن انتقاء نصوص القراءة، وتضمينها أمثلة مشوقة، وكلمات جذابة يؤدي إلى سرعة قراءتها، وزيادة فهمها.
والسؤال المهم: هل يمكن أن ندرب أنفسنا، وأبناءنا على القراءة السريعة؟ والإجابة: نعم، يمكن، وللتدريب على السرعة في القراءة ؛ انصحك – عزيزي القارئ بما يلي:
• استخدم بطاقة لتغطية السطر المقروء وبسرعة حتى لا ترتد العين لقراءته.
• استخدم قلم رصاص – بوضعه في الفم -لتجنب حركة الشفتين.
• حاول منافسة الوقت المحدد، والتغلب عليه بإنجاز القراءة قبل انتهائها، أن إرادة المبطئ وتحديه لعاداته الخاطئة وسيلة فعالة في تنمية سرعته في القراءة.
• يمكن الاستعانة باليد، وتحريك الإصبع كمؤشر في منتصف الصفحة، وتحت السطر الذي يتم قراءاته، والنزول بسرعة إلى الأسفل لتدريب العين على المتابعة، وعلى عدم التوقف أثناء القراءة، ولتدريب العقل على السرعة في القراءة.
إن الحاسوب يمكن أن يكون وسيطاً فعالاً لتنمية السرعة في القراءة؛ فهو يوفر للقارئ مادة مكتوبة ذات شكل مميز، وعرض جذاب، وسرعات محددة؛ حسب مقدرته، ورغبته، مع السهولة في الاستخدام، والدقة في التعليم والتدريب.