سوق الأحد في طرابلس: تاريخ عريق وتحديات مستقبلية للباعة
لا يكاد يستقر سوق الأحد في طرابلس بلبنان في مكانه إلا ويجد نفسه مهدداً بالانتقال، ما يضع كثيراً من الباعة أمام خطر فقدان مصدر رزقهم السوق، الذي كان يعرف سابقاً باسم سوق الجمعة، امتداد للسوق التقليدي العربي القديم، وقد شهد توسعاً غير متوقع خلال السنوات الماضية.
تاريخ سوق الأحد
منذ منتصف القرن الماضي، بدأ السوق يعرض سلعاً متنوعة بحلل زاهية، لكنها أقل جودة، بأسعار مناسبة لشريحة أكبر من الزبائن، وكانت الأسواق التقليدية، مثل سوق الأحد، الملاذ الأخير للسلع القديمة والنادرة مثل مفروشات قديمة، معدات عمل منقرضة، أو أدوات مثل جاروشة وأجران سوداء وآلات لشحذ السكاكين.
مع ارتفاع التضخم وغلاء الأسعار، انتعشت الأسواق التقليدية لأنها تقدم سلعاً أساسية بأسعار منخفضة، إذ لا يتحمل الباعة تكاليف إيجار المخازن أو المصروفات الأخرى.
انتقال سوق الأحد وتوسيعه
كان السوق مقاماً قرب الجامع المنصوري الكبير، لكنه لم يعد يتسع للعدد المتزايد من الباعة أو للطبقات الاجتماعية الفقيرة، ما اضطر البلدية لنقله إلى مكان قرب النهر، ومع ازدياد عدد السكان وانضمام مزيد من الفقراء، تسبب ذلك بازدحام أكبر، حتى استقر السوق على الضفة الجنوبية لنهر أبو علي عند أسفل قلعة طرابلس التاريخية، قرب التكية المولوية، أحد أبرز المواقع الأثرية في المدينة.
وبسبب تراجع الازدحام في عطلة نهاية الأسبوع، قررت البلدية في منتصف التسعينيات أن يكون السوق يوم الأحد، ليصبح مناسبة للتسوق والتسلية في آن واحد.
تنوع السلع والباعة
يضم السوق نحو 400 بائع يعرضون مختلف المنتجات، بدءاً من أقفاص الدجاج البلدي شبه المنقرض، مروراً بالذرة والبليلة، المفروشات والكتب، المكسرات والمعجنات، الأدوات المنزلية، نباتات الزينة، الأحذية والثياب الجديدة والمستعملة، وصولاً إلى الأدوات الكهربائية والإلكترونيات وألعاب الأطفال، ويستفيد من السوق أربعمائة عائلة في طرابلس كمصدر رئيسي للرزق.
تحديات النقل المستقبلية
لكن الباعة يواجهون أزمة جديدة مع بدء ترميم التكية المولوية، حيث سيتطلب العمل فتح الطريق الذي يقوم عليه السوق، وأكد رئيس نقابة الباعة علي السلو أن البلدية أبلغتهم بالتهيؤ للانتقال، لكنها لم توفر مكاناً مناسباً يسع كل الباعة، مضيفاً “نقبل الانتقال إلى مكان واسع، ولسنا مستعدين لتشريد أربعمائة عائلة في هذه الظروف الصعبة”.
من جانبه، قال رئيس بلدية طرابلس المهندس رشيد جمالي إن البلدية تبحث عن فسحة تلبي حاجة الباعة والمواطنين دون التأثير على المنظر العام، متوقعاً أن تستغرق هذه العملية حوالي أربعة أشهر، مؤكداً أن المشكلة مؤجلة ولن تكون مستعصية على الحل.



