قلعة بهلاء: تحفة معمارية تاريخية في قلب عمان
أسماء صبحي – تقف قلعة بهلاء شامخة في محافظة الظاهرة شمال سلطنة عمان، شاهدةً على قرون من التاريخ والحضارة العمانية. وتعتبر هذه القلعة واحدة من أبرز المعالم التاريخية في منطقة الخليج العربي. وواحدة من المواقع التي سجلت في قائمة التراث العالمي لما تحويه من عبق التاريخ وسمات العمارة التقليدية الفريدة. وتجذب القلعة آلاف الزوار سنويًا، سواء من الباحثين عن التاريخ أو عشاق السفر والثقافة، لتروي لهم قصة حضارة بني نبهان التي ازدهرت في المنطقة بين القرنين الثاني عشر والخامس عشر الميلادي.
تاريخ قلعة بهلاء وبنيتها المعمارية
تأسست القلعة على قواعد حجرية متينة، وامتدت جدرانها باستخدام الطوب الطيني غير المخبوز. في أسلوب معماري يعكس براعة سكان المنطقة في التعامل مع البيئة الصحراوية. والقلعة ليست مجرد حصن دفاعي، بل كانت مركزًا إداريًا لعاصمة واحة بهلاء، حيث تضم مجموعة من الأبراج والحصون الداخلية. بالإضافة إلى أحياء سكنية تقليدية ومسجد الجمعة الذي يتميز بزخارفه الإسلامية القديمة.
ما يميز القلعة أنها مثال حي على التوازن بين الدفاع والزراعة والاستيطان المدني. فقد كانت محاطة بجدران حماية تمتد حول الواحة بأكملها مع نظام تقليدي لري الأراضي يعرف باسم “الفلج” الذي كان يضمن تدفق المياه بشكل منتظم إلى الأراضي الزراعية المحيطة. مما جعلها واحدة من أكثر المناطق ازدهارًا واستقرارًا في عمان خلال العصور الوسطى.
أهميتها الثقافية والسياحية
تمثل القلعة أكثر من مجرد موقع تاريخي؛ فهي نافذة على الثقافة العمانية القديمة. وتعرض مهارات سكان المنطقة في البناء والدفاع وإدارة الموارد الطبيعية. والزوار اليوم يمكنهم التجول بين أروقة القلعة الضيقة، واستكشاف الأبراج والدهاليز، والاطلاع على طبقات التاريخ التي امتدت عبر قرون طويلة.
كما أن القلعة توفر تجربة تعليمية مميزة، إذ يمكن للزوار التعرف على أساليب العمارة التقليدية المصممة لتحمل الظروف المناخية القاسية. وفهم أساليب إدارة المياه والزراعة في واحات الخليج العربي. وتجعل هذه التجربة من القلعة واحدة من أبرز الوجهات الثقافية والتعليمية في عمان، وتمنح السياح فرصة لرؤية كيفية تفاعل الإنسان مع البيئة عبر التاريخ.
تحديات الحفظ والترميم
إحدى التحديات الكبيرة التي تواجه قلعة بهلاء هي طبيعة المواد المستخدمة في بنائها. والطين المستخدم في البناء يتأثر بالعوامل الجوية، مما جعل القلعة ضمن قائمة التراث العالمي المعرض للخطر لفترة من الوقت قبل أن تتدخل الجهات المختصة لإجراء عمليات الترميم والحفظ. وشملت عمليات الترميم تدعيم الجدران، وتحسين نظام الصرف، وإعادة تأهيل بعض الأبنية، مع الحرص على الحفاظ على الطابع الأصلي للقلعة.
في السنوات الأخيرة، قامت سلطنة عمان بشراكات استراتيجية مع مؤسسات متخصصة في التنمية السياحية والثقافية. لضمان أن تظل القلعة محط اهتمام الزوار مع الحفاظ على أصالتها التاريخية. وتهدف هذه الجهود إلى دمج التراث الثقافي في خطة التنمية السياحية الوطنية بطريقة مستدامة تتيح للزائر الاستمتاع بالتاريخ دون الإضرار بالمعلم التاريخي.
وقال المهندس إبراهيم سعيد الخروصي، وكيل وزارة التراث والسياحة في عمان، إن قلعة بهلاء تحتل مكانة فريدة في تاريخ عمان، باعتبارها أول معلم تاريخي تُدرجه اليونسكو..وشراكتنا مع مؤسسات التنمية تهدف إلى تعزيز تجربة الزوار وتحقيق التنمية السياحية المستدامة في الموقع.



