تاريخ ومزارات

حرفة التلي في جزيرة شندويل: خيوط من التراث والإبداع تنسج تاريخ مصر

تبرز حرفة من خمسة حروف تحمل في طياتها تاريخًا عميقًا وثقافة غنية إنها حرفة التلي بسوهاج، التي تمثل رمزًا للتراث المصري الأصيل وتمزج بين إبداع الأجداد وابتكار الأحفاد. لا تقتصر حرفة التلي على كونها مجرد تطريز، بل هي فن راقٍ يعكس الأناقة والتميز، ويجسد العراقة والجمال في كل خيط.

تاريخ حرفة التلي في جزيرة شندويل

بدأت حرفة التلي في العصور الإسلامية، حيث كانت محصورة في أيدي النبلاء والأثرياء الذين كانوا يفضلون الملابس المزخرفة بخيوط الذهب والفضة. ومن هذه الجذور العريقة، انتقلت الحرفة إلى صعيد مصر، وبالتحديد إلى جزيرة شندويل، حيث قامت النساء هناك بتطوير هذا الفن بما يتناسب مع بيئتهن واحتياجاتهن. أصبحت التلي رمزًا للثراء والجمال، وتحولت من مجرد تطريز يدوي إلى جزء لا يتجزأ من ثقافة المنطقة.

يتطلب العمل في حرفة التلي  مهارة يدوية عالية ودقة متناهية. تستخدم النساء في جزيرة شندويل خيوطًا معدنية رفيعة من الفضة والذهب لتطريز الأقمشة القطنية أو الكتانية. كل قطعة من التلي تستغرق أيامًا أو أسابيع حتى تكتمل، مما يجعل كل قطعة فريدة من نوعها، وتحمل لمسة خاصة من الحرفية والروح المصرية الأصيلة. لذلك، لا تعد التلي مجرد عمل يدوي، بل هو تعبير حقيقي عن الهوية والثقافة المصرية.

حرفة التلي مصدر رزق هام

تعد حرفة التلي مصدر رزق هام للعديد من النساء في جزيرة شندويل، إذ تمنحهن فرصة لتحسين أوضاعهن الاقتصادية والمساهمة في دخل الأسرة. ومن خلال هذه الحرفة، تجد النساء في شندويل وسيلة لتعزيز استقلالهن المالي وتحقيق النجاح. إضافة إلى ذلك، تدعم الجمعيات الأهلية المحلية الحرفيات من خلال تدريبهن وتوفير المعدات اللازمة لهن، إلى جانب تنظيم معارض سنوية لعرض منتجاتهن. تفتح هذه المعارض أبوابًا للتسويق وتتيح للحرفيات الفرصة للوصول إلى أسواق جديدة، سواء محليًا أو عالميًا.

وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة سحر وهبي، مقررة المجلس القومي للمرأة، على ضرورة بذل جهود أكبر للحفاظ على هذه الحرفة من الاندثار: “نحن بحاجة إلى تطوير استراتيجيات تسويقية جديدة ودعم مادي للحرفيات. يجب أن نعمل على خلق بيئة ملائمة لتمكين النساء من العمل في هذه الحرفة وتحقيق النجاح”.

تعد حرفة التلي جزءًا أساسيًا من الهوية الثقافية المصرية. رغم كل التحديات التي تواجهها، تظل هذه الحرفة قادرة على الصمود والتجدد. الحفاظ على التلي ليس فقط حفاظًا على التراث، بل هو أيضًا تمكين للمرأة المصرية وتعزيز لدورها في المجتمع. التلي، بآلياته اليدوية الدقيقة، هو أكثر من مجرد خيوط تتداخل مع الأقمشة، إنه رابط حي بين الماضي والحاضر، يروي قصص الأجداد ويبدع في أيد الأحفاد، ليظل دائمًا جزءًا من الروح المصرية الأصيلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى