المهدي بن تومرت: إمام الموحدين الذي أشعل شرارة التغيير في المغرب والأندلس
أسماء صبحي – يظل التاريخ الإسلامي في المغرب والأندلس زاخرًا بالشخصيات القبلية التي حملت هم الإصلاح والتغيير. ومن بين أبرز هؤلاء يبرز اسم محمد بن عبد الله بن تومرت، المعروف بلقب المهدي بن تومرت، مؤسس حركة الموحدين في القرن الثاني عشر الميلادي. واستطاع هذا القائد ذو الأصول القبلية أن يحول فكرًا إصلاحيًا إلى حركة سياسية وعسكرية كبرى قلبت موازين القوى في المغرب والأندلس.
نشأة المهدي بن تومرت
ولد ابن تومرت نحو عام 1080م في قرية إيغيل إيهرغان بين جبال الأطلس المغربية، وينتمي إلى قبيلة هرغة. وهي واحدة من قبائل المصامدة الأمازيغية العربية الهوى. وكان لهذه البيئة القبلية الجبلية أثر كبير في تكوين شخصيته الصلبة، وقدرته على التحمل إضافة إلى تمسكه بالزهد والصرامة في السلوك.
رحلاته في طلب العلم
سافر ابن تومرت إلى المشرق، وتلقى العلم في المراكز الإسلامية الكبرى مثل مكة، بغداد، ودمشق. وتأثر بتيارات الإصلاح الديني والفكري خاصة المدرسة الأشعرية. وعاد إلى المغرب حاملًا فكرًا إصلاحيًا يدعو إلى التوحيد الخالص ونبذ البدع والانحرافات.
تأسيس حركة الموحدين
عند عودته إلى المغرب بدأ دعوته الإصلاحية بين قبائل المصامدة. وتمكن من استقطاب أعداد كبيرة من الأتباع الذين رأوا فيه زعيمًا دينيًا وسياسيًا. ومع مرور الوقت، تحولت دعوته إلى حركة منظمة عُرفت بـالموحدين جمعت بين العقيدة والسلطة.
تأثيره في الأندلس
رغم أن ابن تومرت لم يعبر إلى الأندلس بنفسه، إلا أن إرثه الفكري والسياسي وصل إليها عبر خلفائه، خاصة عبد المؤمن بن علي الكومي. فقد كان الموحدون هم القوة التي أعادت للأندلس قوتها بعد ضعف ملوك الطوائف. وحققوا انتصارات بارزة ضد الممالك المسيحية في معارك مثل الأرك سنة 1195م.
شخصية فريدة
جمع ابن تومرت بين شخصية الزاهد الديني الصارم والزعيم القبلي القوي. كان معروفًا بحدة ذكائه وصلابة مواقفه حتى أنه أطلق على نفسه لقب “المهدي المنتظر” وهو ما عزز مكانته وسط أنصاره.
ويقول المؤرخ الفرنسي هنري تيراس، إن ابن تومرت لم يكن مجرد زعيم قبيلة أو قائد ثورة. بل كان مفكرًا ومصلحًا أحدث ثورة فكرية ودينية في المغرب انعكست آثارها على الأندلس لقرون.



