تاريخ ومزارات

رحلة عبر 10 آلاف عام.. بعلبك المدينة التي جمعت أساطير التاريخ وحضارات العالم في قلب لبنان

تقع مدينة بعلبك شمال سهل البقاع وشرق نهر الليطاني في لبنان، ويحيط بها من الجهتين الغربية والشرقية جبال لبنان، مما وفر لها حماية طبيعية من الغزوات والنهب عبر العصور، وتبعد المدينة نحو 85 كيلومترا عن العاصمة بيروت، و45 كيلومترا عن زحلة، و56 كيلومترا عن دمشق، وكانت قديما محطة رئيسية للقوافل التجارية القادمة من روما والأناضول وسوريا باتجاه فلسطين وساحل البحر المتوسط.

تاريخ بعلبك 

عرفت بعلبك بأنها نقطة التقاء طرق القوافل، واحتضنت محطة قطار كانت تربطها بأوروبا مرورا بحمص وحلب، وصولا إلى الشام وبغداد والحجاز، وخلال تاريخها الطويل، ارتبط اسمها بعدة تسميات، فالبعض يرى أن أصل الاسم يعود إلى كلمتي بعل وبك، أي مدينة بعل، بينما ذكر أنيس فريحة أن المعنى قد يكون إله وادي البقاع، كما أطلق عليها الرومان اسم هليوبوليس أي مدينة الشمس، وأطلقوا عليها أيضا إهراءات روما لوفرة محاصيلها.

تشير بعض الروايات إلى أن تأسيس بعلبك يعود إلى قابيل، وأنها أول مدينة في العالم ونجت من الطوفان، فيما يرى آخرون أن بعض معالمها تعود إلى زمن النبي سليمان عليه السلام، والنبي إلياس عليه السلام، وتؤكد النقوش القديمة وجود حياة فيها قبل أكثر من 10 آلاف عام، بينما ينسب مؤرخون تأسيسها للفينيقيين عام 2000 قبل الميلاد، حيث بنوا أول هيكل لعبادة إله الشمس بعل.

احتل الإغريق بعلبك عام 331 قبل الميلاد، وبعد وفاة الإسكندر الأكبر سيطر عليها البطالمة، ثم السلوقيون عام 200 قبل الميلاد، إلى أن خضعت للرومان عام 64 قبل الميلاد، وبلغت أوج عظمتها في عهدهم لاحقا أصبحت جزءا من الإمبراطورية البيزنطية وتحولت المسيحية إلى دينها الرسمي، قبل أن يفتحها المسلمون عام 23 هـ/ 634م، وتتعاقب عليها دول الأمويين والعباسيين والطولونيين والفاطميين والأيوبيين، ثم المماليك بعد طرد المغول عام 659 هـ/ 1260م.

في فترة الانتداب الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى، ألحقت بعلبك بلبنان بعدما كانت تابعة لسوريا، ونفذت مشاريع تطويرية شملت بنيتها التحتية وآثارها، وبعد استقلال لبنان عام 1943، ازدهرت المدينة زراعيا وتجاريا وسياحيا، قبل أن تتأثر بالحرب الأهلية اللبنانية، ثم تستعيد دورها الثقافي والسياحي وتستضيف مهرجانات عالمية.

ومن أبرز معالمها الجامع الأموي الكبير الذي بناه الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك أواخر القرن الأول الهجري، ويجمع بين العمارة البيزنطية والإسلامية، ويشبه في تصميمه المسجد الأموي في دمشق، ويضم المسجد مئذنة مربعة وساحة واسعة بأروقة وأعمدة، وتعرض للدمار عام 1318 بفعل السيول، ثم جرى ترميمه في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون عام 837 هـ/ 1383م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى