عادات و تقاليد

الربابة في عادات القبائل البدوية.. أداة موسيقية تحكي تراثًا وهوية

أسماء صبحي – تعد الربابة من أبرز الرموز الثقافية في حياة القبائل البدوية. فهي ليست مجرد آلة موسيقية، بل وسيلة لسرد الحكايات وتوثيق البطولات ونقل الحكمة بين الأجيال. واستخدمها الشعراء والرواة في المجالس والسهرات لإحياء التراث الشفهي. وغالبًا ما كان صوتها يرتبط بالمناسبات الاجتماعية الكبرى مثل الأعراس والصلح والوفادة.

جذور الربابة في التراث القبلي

هي آلة موسيقية وترية بدائية، تتكون عادة من وتر واحد مصنوع من شعر ذيل الحصان أو الأمعاء المجففة ومثبت على صندوق خشبي مغلف بجلد ماعز. وعلى الرغم من بساطتها، فإن صوت الربابة قادر على إثارة مشاعر الحزن، والفخر، والشوق. ما جعلها الأداة الأبرز في الغناء والشعر البدوي.

يرى الباحث في الموسيقى الشعبية د. عبد الله عجاج، أن الربابة ليست مجرد آلة، بل هي وسيلة تعبير وجداني عميق. استخدمها البدو ليرافقوا بها أشعارهم التي تعكس الحياة الصحراوية بقسوتها وجمالها.

استخدامها في المناسبات القبلية

  • في السهرات الشعرية والمجالس: تعد جزءًا أساسيًا من “المجالس البدوية”، وهي تجمعات ليلية تنظم في الخيام، يلقى فيها الشعر النبطي. وتستعرض فيها البطولات، وتناقش فيها القضايا القبلية. في هذه المجالس، يعزف الراوي على الربابة ويردد أبياتًا من الشعر، ما يمنح الكلمات بعدًا موسيقيًا مؤثرًا.
  • في الأعراس: خلال حفلات الزواج، وخاصة في القبائل في سيناء، ومطروح، وشمال الجزيرة العربية. يخصص وقت لسهرات “الهجيني” حيث يغنى على صوت الربابة قصائد الغزل والمديح في العريس وأهله. وتعتبر هذه الفقرة من الفقرات التي ينتظرها الضيوف بفارغ الصبر.
  • في مواسم الحج والوداع: كان البدو يستخدمونها لوداع الحجاج أو المسافرين، عبر إنشاد الأشعار المؤثرة على أنغامها. وتكون القصائد غالبًا مزيجًا من الدعاء، والوصايا، والاشتياق.

الربابة وسرد التاريخ القبلي

هي ليست فقط أداة غناء، بل سجل صوتي للتاريخ الشفهي. فعن طريقها انتقل الشعراء والرواة ببطولات القبائل، وقصص الفرسان، والمعارك، وقصص الحب العذري. وتعد هذه الحكايات مصدرًا مهمًا لفهم التكوين الثقافي والاجتماعي للقبائل.

ويقول الباحث التراثي المصري د. محمد علي الشاذلي: “الرواة الذين يعزفون الربابة هم مؤرخو البادية. وذاكرتهم الحية هي التي نقلت لنا تفاصيل لا نجدها في الكتب، بل في نبض الأوتار.”

دور المرأة

ورغم أن العزف على الربابة ارتبط غالبًا بالرجال. إلا أن هناك نساءً برزن في هذا المجال خاصة في المجتمعات الصحراوية التي تشهد مرونة ثقافية في بعض أدوار النساء. وهناك حكايات عن نساء كن يتقن العزف، ويستخدمن هذه الآلة للتعبير عن الشوق أو الحزن على الغائبين أو الشهداء من القبيلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى