حوارات و تقارير

اللواء محي نوح أسد الفرقة (39 قتال):  عبد الناصر زاراني في المستشفى وقالي إيه اللي بيحصل في الجبهة؟

أنا بطل واقعة السنترال الحقيقي في فيلم الممر وهذا ما حدث بالفعل

اللواء محيى نوح أحد أبطال قواتنا المسلحة الباسلة في حرب أكتوبر المجيدة، وما قبلها من معارك الاستنزاف للعدو الإسرائيلى وقائد الفرقة) 39 قتال ( التى نفذت 92 عملية متنوعة ضد الكيان الصهيونى من خلف خطوط العدو وفى العمق الإسرائيلى وبطل ثغرة الدفرسوار وتلك الفرقة التى أسسها القائد الشهيد ( إبراهيم الرفاعى) الذى استشهد بمعركة رأس العش وتلاه مباشرة فى قيادة تلك الكتيبة بطلنا الكبير (محيى نوح) إلى النصر المبين حتى نصر السادس من أكتوبر.

 

«صوت القبائل» كان ضيفا في صالون البطل محي نوح واقتنصت منه على الحوار التالي..

* أولا نود التعرف على بدايات حياتك العسكرية خاصة ونحن نعلم أنك طبيب عيون؟

 

تخرجت أولا من الكلية الحربية والتحقت بفرقة الصاعقة وكنت الأول على الصاعقة فتم تعينى كمدرس لتلك المدرسة العريقة وخلال تلك الفترة بالمدرسة تعلمت وعلمت الكثير فيها ومنها.

 

وفى خلال شهر فبراير 1964 أخبرونى بتشكيل فرقة صاعقة مصرية للتدخل فى حرب اليمن وقد كنت من ضمن أفراد هذه الكتيبة، التى كانت النواة الأولى لتشكيل الفرقة 103 صاعقة التى تعمل فى سيناء الآن والتى هى من ضمن أشهر شهدائها ( أحمد منسى –الشهيد رامى ).

 

*متى عدت من مهمة اليمن؟

أصبت بمعارك اليمن وتمت ترقيتي ترقية استثنائية وبعدها عدنا إلى مصر وبدأنا حرب الاستنزاف ضد العدو الصهيونى بعد نكسة 67 حيث كنت فى منطقة رأس محمد التى تبعد عن السويس 400 كيلو متر وتم الانسحاب إلى الإسماعيلية ومنها جاءتنا الأوامر للتصدى للعدو الإسرائيلى عند مدينة القنطرة شرق ومواجهة لواء دبابات ومشاة إسرائيلى مكون من الآف الجنود والضباط، تم التعامل مع دبابات العدو بسلاح (أربى جي 2) والقنابل اللاصقة التى كنا نلصقها بالدبابة من الأسفل لأننا كنا نحفر الحفر البرميلية الصغيرة.

*وماذا حدث بعد اقتحام اليهود للمدينة؟

خلال المعركة حدثت خسائر كبيرة من الجانبين والحقيقة أن القوة التى أتت مع الأعداء كانت كبيرة جدا وتم اقتحام القنطرة يوم 7 فبراير من قوات العدو، وعليها تم تجميع أفراد الكتيبة وشهدائنا والعودة إلى مدينة الإسماعيلية مرة أخرى ومنها إلى بور سعيد.

 

*وماهي المهمة التالية لكم؟

كانت تجميع الجنود الشاردين بعد الهزيمة وقد خلعنا الملابس الميرى وارتدينا المدنى وذهبنا إلى بحيرة البردويل لتجميع المصابين والشاردين وغير ذلك وبعدها أتت الأوامر بالذهاب إلى مناطق ( رأس العش – الكاب – والتينة)، وفى يوم 30 يونيو ليلا دخلت دبابات العدو إلى مدينة بور سعيد ومنها إلى مدينة بور فؤاد وكانت 13 دبابة ومجنزة واحدة وقد تم التعامل مع كل ما سبق عن طريق الفرقة 43 صاعقة حيث كان من السهل اصطياد تلك الدبابات، قد وصلت بعض قوات العدو فى الكيلو متر 10 وحصنوا هذا جيدا ومنها تم استهداف المدنيين الأبرياء ووقتها كنت أنا فى منطقة رأس العش وقد وصلت إلينا أسلحة جديدة (أربى جيه 7 ) فأخذته وتعاملت من فوق خزان مياه رأس العش وأحرقت دبابة وبعدها تعاملت كتيبتى كلها بفتح النيران، وحاولت الدبابة الثانية الهروب فنزلت إليها مسرعا للتعامل مع معها فأحرقتها وبعدها تعامل الطيران الصهيونى وقصف منطقة رأس العش وخزان المياه والسكة الحديد كما استهدف المدنيين وأصبت بتلك المعركة إصابة خطيرة.

 

*قابلت البطل إبراهيم الرفاعي متي وأين؟

بعد معركة رأس العش عدنا إلى القاهره وهناك قابلت الرفاعى، وكنت أعرفه من حرب اليمن وتربطنى به صداقة قوية فقال لى نريد تجميع كتيبة من أحسن الأفراد وبالفعل اخترت الأفراد بعناية فائقة وبعض المهندسين وبدأنا العمل بهذه الكتيبة، تحت مسميات كثيرة منها الفدائيين المصريين ومنظمة سيناء العربية حتى نفذنا 39 عملية نوعية بهذه الفرقة وحدها وعندها أطلقنا اسم الفرقة (39 قتال) على تلك المجموعة ومن هنا جاء الاسم (فرقة 39 قتال) ووصل العدد بعدها إلى 92 عملية وقتلت 430 ضابط وجندي إسرائيلى ودمرت 17 دبابة وحرق 77 مجنزة اسرائيلية و4 لوادر، وأول أسير إسرائيلى (يعقوب رونيه) وعمل غارات شبه يومية على 31 نقطة ساخنة للعدو على طول القناة مما كبده خسائر فادحة.

*ذاعت شهرة الفرقة (39 قتال) في الجيش ونجحت في رفع المعنويات.. هل هذا صحيح؟

نعم وأهم مكسب من هذه العمليات هى كسر هيبة الجيش الإسرائيلى وتمرين جنودنا البواسل على العبور نفسيا قبل العبور العظيم ، كما تم استرداد الثقة لنا وهى كانت المقدمة الحقيقية لبدايات حرب أكتوبر وقد تمت إصابتى فى تلك المعارك ومنها نقلت إلى مستشفى القصاصين بالإسماعيلية ومنها إلى مستشفى المعادى العسكرى بالهيلوكوبتر وهناك حدثت المفاجأة وجاء لزيارتى رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر، وكنت آنذاك ضابط صغير بالجيش أو قائد سرية على الثغور ولم أتوقع أبدا زيارة رئيس الجمهورية.

 

*في رأيك لماذا زارك الرئيس عبد الناصر وقتها رغم صغر رتبتك؟

كانت رغبة الرئيس عبد الناصر هى معرفة مايدور على جبهات القتال من أى فرد عاش تلك اللحظات فى مواجهة العدو وما هى الروح المعنوية للجيش المصرى على جبهات القتال وكان معه كبار رجالات القوات المسلحة من القادة والإداريين والحمد لله أخبرته بكل مايريد.

 

*ماذا طلب منك عند عودتك للجبهة؟

طلب منى الإكثار من تلك العمليات على طول الجبهة وسألنى فى النهاية عن مطالبى الشخصية فقلت على الفور أريد الذهاب للعملية القادمة على الجبهة حتى إن كنت مصابا فابتسم لى وقال تلك هى الروح المعنوية التى أسأل عنها وطلبت منه تطوير الأسلحة والمعدات ومعسكرات التدريب فالتفت إلى الفريق (فوزى ) وزير الدفاع وقال كل ما طلبه يجاب فورا،

وكانت العملية التالية بعد شفائى تحت قيادة الشهيد البطل إبراهيم الرفاعى.

 

*ماذا عن الحادثة الشهيرة بالسنترال التى منها أتت فكرة فيلم (الممر) الذى يلخص السيرة الذاتية للواء محيي نوح؟

 

كانت فكرة الفيلم عن طريق اتصال تليفونى من المخرج شريف عرفة طلب منى شرب القهوة وحدثنى عن فكرة الفيلم وسألنى عن كل المعلومات التى يريدها لإنتاج الفيلم وهناك طلب منى مقابلة جميع ممثلى الفيلم قبل الإنتاج وكل واحد منهم كان حريصا على أخذ صورة معى وسؤالى عن طريقة تعاملي في المعارك وأيضا طريقة التعامل مع أهلنا من البدو أثناء الحرب وقبلها، أما حادثة السنترال فسألنى عنها المخرج شريف عرفة، قلت له كيف وصلتك هذه المعلومة فابتسم وقال أنا لى مصادرى الخاصة يا أفندم وكان قبلها سألنى عن معارك الثغرة فقلت له تلك أسرار عسكرية لا أستطيع البوح عنها جميعا وخاصة وانى كنت قائد سرية فى الثغره وغير ملم بكل التفاصيل مثل القادة العسكريين التى كانت تدير المعركة وهنا كلمنى مباشرة عن حادثة السنترال.

حقيقة ما حدث أنني كنت فى موقعة رأس العش فى خضم العمليات وبعد الانتصار فى رأس العش ذهبت إلى السنترال لكى أطمئن أبى وأهلى عنى وكنت وقت دخول السنترال بالملابس المدنية ويعلم الله أنى لم أستفز أى أحد هناك حيث ذهبت إلى الموظف المسئول وطلبت مكالمة عادية على منزل أبى حيث كان يعمل مهندس زراعى بالمنصورة وبعدما أخذت الطلب من الموظف على كابينة بور سعيد وكان السنترال عبارة عن 10طوابق كبيرة وكانت هى تلك وسيلة الاتصال المتاحة بذلك الوقت وبعد تأخر التحويل عنى والانتظار الطويل اتجهت للموظف فقلت له لماذا كل هذا التأخير وقلت له أنا ضابط بالقوات المسلحة ومستعجل قليلا لضيق الوقت لدى وعندها فوجئت بالرد منه قال لى (ظابط إيه وزفت إيه) واستعد للشتائم وأنا ما شعرت إلا وأنا أرفعه بيدى من مكانه وفقدت السيطرة على نفسى وفى تلك اللحظة سمعت من خلفى منادى يقول( اتصال بور سعيد جاهز الآن على الكابينة) فتركته وذهبت للمكالمة وبعد انتهاء المكالمة وجدت الناس مجتمعة عند الكابينة وتقول لى هتافات سيئة على الأسماع جدا جدا ويسقط جمال عبد الناصر وعملاء موشى ديان وهنا ثارت الدماء فى عروقى مرة أخرى وانفعلت عليهم وضربت ثلاثة منهم وخرجنا على قسم الشرطة مباشرة واتهمونى أيضا بتضييع إيراد السنترال يومها بسببى وهنا أشد ما أغضبني هوأننى ما كنت لانتظر أبدا من المصريين الذين أدافع عنهم بدمى ورأيت دماء أعز جنودنا البواسل تسيل أمامى إلا المودة والشكر والعرفان خاصة لما ألاقيه من محن وصعوبات فى القتال مع العدو وهنا تمت المصالحة بينى وبين الناس ومن المضحك بعدها أننى كلما كنت أتوجه إلى ذلك السنترال لعمل اتصال كانوا يبستموا فى وجهى ويقولوا (سيادة اللوا وصل) وأنت تعلم مزاح الشعب المصرى وأنا لا أملك إلا الابتسام.

 

*ماهي المشاهد التي أثرت فيك بخلاف المعارك في تلك الفترة؟

من المشاهد البعيدة عن القتال ولن أنساها لأنها تذكرني بعظمة المصريين هي رؤية أطفال ونساء بور سعيد والإسماعيليه والسويس وهم يقدمون الخدمات لنا وللجنود على الجبهات من تنظيف الدبابات والمجنزرات أو مشروبات وطعام وغير ذلك، دون طلب منا، ومن الطريف عندما تشرفت بمشاهدة العرض الأول للفيلم مع المخرج شريف عرفة ومعظم الممثلين هطلت عيونى بالبكاء لما تذكرت من الماضى البعيد من ذكريات المعارك والشهداء والقتال وخاصة قائدى الشهيد / إبراهيم الرفاعى.

 

*ماهي ملابسات استشهاد البطل إبراهيم الرفاعي؟

أنا اتسلمت راية القيادة من الشهيد الرفاعي بعد استشهاده فى منطقة نفيشة بالإسماعيلية بعد قتال حامى الوطيس أصابته شظية مدفع إسرائيلى بعد تحديد موقعه من أثارمدفع 57 كان يقاتل به الشهيد البطل من أعلى الموقع عن طريق آثار اللهب التى تخرج من مدفعه فأطلقوا القذائف على مكان خروج اللهب من المدفع، فأخذت جثمانه وتوجهت به مباشرة إلى مقر المخابرات بالإسماعيلية وأبلغتهم بوجود جثمان الشهيد الرفاعى رحمه الله معى بالخارج تمهيدا لدفنه، وهنا أتت الأوامر لى بقيادة (الفرقة 39 قتال) والتوجه إلى جبل مريم لقيادة الكتيبة ومواصلة القتال ضد العدو حتى النصر المبين بفضل الله وبعد ذلك انتصرنا وتم وقف القتال آنذاك وبعد ذلك تم توزيع أفراد الكتيبة على مختلف قطاعات الجيش.

*بعد اتفاقية السلام شاركت في استلام الأراضي المحررة من سيناء.. حدثنا عن ذلك؟

بالفعل شاركت مع اللواء محسن حمدى في استلام أراضى سيناء المحررة يوم 25 أبريل عام 1982 وآخر قطعة تم استلامها فى عهد الرئيس مبارك وهى مدينة طابا حيث استرددنا جميع أراضى سيناء.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى