وطنيات

حصن أوراكال يسقط تحت أقدام الأبطال.. تفاصيل غيرت مجرى التاريخ في حرب أكتوبر

في صباح السادس من أكتوبر عام 1973، بدا المشهد هادئا في حصن أوراكال، القلعة الإسرائيلية التي تطل على قناة السويس، وكان الحصن يتألف من ثلاث نقاط دفاعية قوية تحمل أسماء أوراكال أ وب وج، ويتمركز بداخله 56 جنديا إسرائيليا بقيادة النقيب جاد سوميخ، حيث توزعت القوات بين أوراكال أ بقيادة الملازم عيزرا بـ 20 جنديا، وأوراكال ب بقيادة الملازم دافيد أبودرهام بـ 17 جنديا، وأوراكال ج بقيادة الملازم ديسبرج بـ 19 جنديا، وكان الجميع يظن أن الحصن لا يمكن اختراقه، لكن ذلك اليوم قلب المعادلة.

الضربة الأولى

عند الساعة الثانية ظهرًا، اندلعت أصوات الانفجارات في الأفق، وبدأت الطائرات المصرية في التحليق فوق الموقع بينما أمطرت المدفعية المصرية الحصن بوابل من النيران، وتحرك الجنود الإسرائيليون نحو الملاجئ، بينما انطلقت كتيبة مشاة من اللواء 135 من بورفؤاد، ترافقها دبابات مزودة بدقاقات لتفجير الألغام، لكنها توقفت عند حقل ألغام شمال الحصن، وواجهت سرية مشاة أخرى مقاومة نارية كثيفة أجبرتها على التوقف عند الساتر الترابي بالضفة الشرقية.

في الجنوب، تقدمت وحدة من قوات الصاعقة المصرية بحنكة عسكرية، وقطعت الطريق على حصن بودابست القريب، مما أربك حركة القوات الإسرائيلية، وواجهت الفصائل المصرية عند الساتر الترابي صعوبة بسبب تيارات الماء التي جرفت قوارب الاحتياط، مما جعلها معزولة لبعض الوقت عن باقي القوات.

الاقتحام الكبير

رغم كل العقبات، واصلت القوات المصرية إطلاق النار من الشمال والغرب، مما أدى إلى خسائر فادحة في صفوف الجنود الإسرائيليين داخل أوراكال أ وب، وبعد توقف الهجوم الرئيسي، أمر اللواء عمر خالد العقيد مصطفى العباسي بإرسال سرية احتياطية من الكيلو 11 للهجوم على أوراكال ج في الجنوب.

عند الساعة الرابعة عصرا، عبرت سرية المشاة القناة واقتحمت الخنادق المحيطة بحصن أوراكال ج، ودار قتال عنيف بين الجنود المصريين والإسرائيليين وجهًا لوجه، حتى تمكنت القوات المصرية من السيطرة على الحصن بحلول السادسة مساء، واستولت على مستندات تحمل تعليمات شفرات الاتصال، وتم تسليمها إلى مكتب المخابرات في بورسعيد عند التاسعة مساء.

الليل يسقط المعنويات الإسرائيلية

مع دخول الليل، انهارت الروح القتالية داخل الحصن، فالملازم أبودرهام وصل إلى أوراكال أ ليجد النقيب جاد سوميخ والملازم عيزرا قتيلين، بينما تسود الفوضى بين الجنود، وتولى أبودرهام القيادة في محاولة لإعادة تنظيم الصفوف، وأبلغه الملازم ديسبرج من أوراكال ج أن القوات المصرية باتت داخل الخنادق وتدور اشتباكات عنيفة.

في التاسعة والنصف مساء، وصلت فصيلة مشاة متأخرة من اللواء 135 إلى الضفة الغربية للساتر الترابي وانضمت للقوات هناك، لكن المعركة لم تهدأ، وبحلول فجر السابع من أكتوبر، شاهد أبودرهام علمًا أبيض يُرفع من أوراكال ج، في إشارة إلى سقوطه الكامل.

الهجوم النهائي

في منتصف الليل بين السادس والسابع من أكتوبر، دفع اللواء عمر خالد بسرية صاعقة من الكتيبة 203 من غرب بورسعيد لدعم الهجوم، وعبرت السرية القناة عند الرابعة صباحا، وانضمت إلى سرية المشاة داخل أوراكال ج، واستكملتا معا تطهير الملاجئ، حيث تم قتل ستة جنود إسرائيليين وأسر اثنين منهم طبيب.

في تمام الثامنة صباحا، بدأت القوات المصرية هجوما مركزا على أوراكال ب، وتقدمت السريتان من الجنوب، وتم اقتحام الملجأ الأول ثم الثاني بعد اشتباك عنيف، وأسرت القوات خمسة جنود إسرائيليين، وعند الحادية عشرة صباحا اجتمع قادة الألوية في الكيلو 10 وأصدروا تعليمات بدفع سرية المشاة العالقة إلى الهجوم، واستخدام قاذفات اللهب لتسهيل عملية الاقتحام، مع تركيز المدفعية على أوراكال أ لإسكات المقاومة.

في الواحدة ظهرًا، احتدمت المعركة داخل أوراكال ب، وتم أسر ثلاثة جنود إسرائيليين إضافيين، وأعلن قائد اللواء 30 في الثالثة عصرًا السيطرة التامة على الموقع، لكن بقايا الجنود فروا نحو أوراكال أ محاولين التوجه جنوبا إلى حصن لاهتزانيت، دون أن يعلموا أنه أصبح تحت سيطرة القوات المصرية أيضا.

 العلم المصري يرفرف فوق أوراكال

في الساعة الرابعة وعشر دقائق مساء السابع من أكتوبر، حاولت القوات الإسرائيلية تنفيذ هجوم مضاد باستخدام دبابات وعربة نصف جنزير، لكنها اصطدمت بمجموعة مصرية شمال لاهتزانيت، حيث تم تدمير دبابة والعربة، وتولت المجموعة الجنوبية تدمير الدبابة الثانية، مما أسفر عن مقتل 18 جنديا وأسر أربعة آخرين.

وفي الرابعة وخمس وأربعين دقيقة مساء، رفع العلم المصري على حصن أوراكال بجميع قطاعاته أ وب وج، معلنا النصر الكامل، لتتحول القلعة الحصينة إلى رمز جديد من رموز البطولة المصرية، ويُسجل ذلك في صفحات التاريخ كفصل من فصول ملحمة أكتوبر المجيدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى