المجالس الأدبية في البحرين: ملتقيات ثقافية عبر العقود
أسماء صبحي – عرفت مملكة البحرين عبر تاريخها الطويل بثرائها الثقافي والأدبي، وكانت المجالس الأدبية من أبرز المنابر التي احتضنت هذا الثراء. فهذه المجالس لم تكن مجرد لقاءات اجتماعية أو جلسات طرب شعبي، بل كانت مراكز إشعاع فكري وأدبي احتضنت نخبة المفكرين والشعراء والباحثين. وأسهمت في تشكيل وعي المجتمع وصياغة هويته الثقافية.
نشأة وتطور المجالس الأدبية
تعود جذور هذه المجالس في البحرين إلى بدايات القرن العشرين، عندما بدأت بعض العائلات البحرينية. خاصة في المدن الكبرى مثل المنامة والمحرق، في تخصيص مجالس منتظمة لتبادل الشعر والأفكار والنقاشات الفكرية. ومن أبرز تلك المجالس في تلك الحقبة مجلس الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة الذي يعد من أقدم المجالس الثقافية وأكثرها تأثيرًا.
ومع مرور العقود، تطورت هذه المجالس في طابعها وتنظيمها. غأصبحت تدار بشكل منظم، وتعلن برامجها مسبقًا، وتستضيف شخصيات فكرية من داخل البحرين وخارجها. مع الانفتاح على القضايا الأدبية والفكرية المعاصرة.
منصات للإبداع والحوار
لعبت هذه المجالس في البحرين دورًا محوريًا في تعزيز الحركة الأدبية. فكانت مكانًا لولادة القصائد والقصص والنقاشات النقدية. واحتضنت العديد من المواهب الأدبية التي أثرت المشهد الثقافي البحريني والخليجي. كما وفرت مساحة حرة للتعبير وتبادل الرؤى بين الأدباء والمثقفين من مختلف الأجيال.
ومن خلال هذه المجالس، جرى إحياء التراث الشعبي البحريني، بما فيه من شعر نبطي، وأمثال شعبية، وقصص شفوية. مما ساعد في الحفاظ على الهوية الثقافية الوطنية.
شخصيات ومجالس بارزة
برزت في البحرين شخصيات ثقافية كان لها فضل كبير في إثراء المجالس الأدبية. مثل الأديب الراحل خليفة العريفي، والناقد الدكتور عيسى أمين، والكاتبة أنيسة السعدون، وغيرهم. كما عرفت البحرين بمجالس أدبية معروفة مثل “مجلس الشيخ عيسى بن راشد” و”مجلس إبراهيم العريض”. إلى جانب “مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث” الذي يعد اليوم أحد أبرز الصروح الثقافية في الخليج العربي.
المجالس الأدبية في الحاضر
رغم التحولات التقنية والرقمية التي تشهدها المجتمعات اليوم، لا تزال المجالس الأدبية البحرينية تحتفظ بمكانتها. بل تطورت لتواكب العصر من خلال بث الندوات عبر الإنترنت وتنظيم فعاليات مشتركة مع مؤسسات ثقافية دولية. ومع ذلك، تواجه هذه المجالس تحديات مثل ضعف الإقبال الشبابي أحيانًا، وتراجع القراءة الورقية. وهي تحديات تستوجب برامج تحفيزية جديدة لجذب جيل جديد من القراء والكتاب.



