تاريخ ومزارات

دور القلاع والحصون في تشكيل الهوية التاريخية لعمان

أسماء صبحي – تعد القلاع والحصون من أبرز معالم الهوية التاريخية لسلطنة عمان. إذ لم تكن مجرد منشآت دفاعية، بل مراكز حضارية وثقافية شكلت الوجدان الجمعي العماني عبر العصور. فمن بين الجبال والسهول، تربض تلك القلاع بشموخ. حاملة في طياتها قصص البطولات والمقاومة والتجارة والإدارة، التي ساهمت في بناء الدولة العمانية والحفاظ على كيانها المستقل.

بنية القلاع والحصون

تميزت هذه المنشآت العُمانية ببنية معمارية فريدة تجمع بين الصلابة والجمال، وتتناسب مع طبيعة كل منطقة. فحصن “الجلالي” و”الميراني” في مسقط المشيدان في عهد البرتغاليين ثم أعيد بناؤهما وتحصينهما في العهد اليعربي. يعبران عن عمق التاريخ البحري لعمان ودورها الاستراتيجي في الخليج.

أما قلعة “نزوى” فتعد نموذجًا للعمارة الإسلامية في الداخل العماني. وتمثل مركزًا سياسيًا ودينيًا لعصور طويلة، ما يعكس تداخل الدين بالحكم والتعليم في مرحلة تاريخية حساسة.

مراكز للقيادة والإدارة

لم تكن هذه الحصون مجرد أسوار دفاعية، بل كانت أيضًا مقارًا للحكم، ومراكز للعدالة، ومستودعات للأسلحة والمؤن. ما يجعلها شاهدًا على تطور مؤسسات الدولة العمانية. فقد استخدمت القلاع لإدارة شؤون السكان المحليين، فضلاً عن التنسيق العسكري في مواجهة الغزاة الأجانب مثل البرتغاليين والفرس.

قلعة “بهلاء” مثلًا، المصنفة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، تمثل رمزًا للحكم العُماني القديم. كما كانت مركزًا للفقه والدين، وارتبطت بحياة الناس اليومية في محيطها.

دور القلاع والحصون 

ساهمت القلاع العمانية في صد الغزوات الأجنبية وحماية الطرق التجارية الحيوية التي تمر عبر الجبال والصحراء والساحل. كما كانت هذه الحصون بمثابة درع دفاعي لعمان ضد التوسع الاستعماري الأوروبي، وأداة لتعزيز السيطرة على الموانئ والمناطق الساحلية. خصوصًا في فترات الصراع مع القوى الخارجية مثل البرتغاليين في القرن السادس عشر.

وقد لعبت دورًا مهمًا في تأمين طرق اللبان والبخور القادمة من ظفار. وكذلك حماية التجارة في الخليج وبحر العرب.

تجسيد للهوية والانتماء الوطني

اليوم تحولت القلاع والحصون العمانية إلى رموز لهوية وطنية راسخة، وركائز في سردية الدولة الحديثة. فهي تمثل تاريخًا من الكفاح من أجل الاستقلال، وتعد من أبرز عوامل الجذب السياحي والثقافي، بما تحمله من دلالات رمزية عن الوحدة الوطنية والقيادة الرشيدة.

وتسعى الحكومة العمانية إلى ترميم هذه المعالم وصونها. لما لها من أهمية في ربط الأجيال الجديدة بجذورها، وتعزيز الفخر بالتراث الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى