التفقير والتهجير واحتكار الأسواق.. الوجه الحقيقي للاحتلال الفرنسي في الجزائر

حدث في مثل هذا اليوم، 16 يونيو من عام 1830، بدأ الاحتلال الفرنسي للجزائر بعد أن كانت فرنسا قد أبدت رغبتها في الاستيلاء عليها منذ عهد نابليون بونابرت، وقد استمر هذا الاحتلال نحو 132 عامًا، سقط خلالها مئات الآلاف من الشهداء الجزائريين الذين دافعوا ببسالة عن وطنهم في وجه العدوان الفرنسي الغاشم.
ذريعة المروحة وخطة نابليون
كانت حادثة المروحة الشرارة التي أشعلت فتيل الاحتلال، إذ استغلتها فرنسا ذريعةً لتنفيذ خطتها المبيتة، فانطلقت الحملة العسكرية من ميناء طولون، مؤلفة من 37,600 جندي، ووصلت إلى سيدي فرج في الرابع عشر من يونيو 1830، الموافق 23 ذو الحجة 1245 هـ.
وبعد مرور يومين فقط من إنزال القوات، فرض على الجزائريين قانون الأهالي، معلنًا بذلك بداية مرحلة استعمارية قاسية فرضت فرنسا خلالها سيطرتها على الدولة الجزائرية.
والجدير بالإشارة أن فكرة احتلال الجزائر كانت قد بدأت منذ تأسيس الشركة الملكية الإفريقية الفرنسية في موانئ القالة وعنابة، حيث أوكل نابليون عام 1808 إلى المهندس الفرنسي بوتان مهمة إعداد دراسة تفصيلية عن الساحل الجزائري، وتحديد أنسب نقطة لإنزال القوات العسكرية الفرنسية على التراب الجزائري.
دماء الشهداء وبداية الثورة
منذ الساعات الأولى للاحتلال، مارست فرنسا على الشعب الجزائري سياسة قمعية ممنهجة تمثلت في التفقير والتهجير واحتكار الأسواق، مقابل توفير كل أسباب الراحة والرفاهية للمستوطنين القادمين من فرنسا وسائر دول أوروبا، وقد تجاوز عدد الشهداء الجزائريين جراء هذا الاحتلال المليون ونصف المليون، بينما تشير مصادر أخرى، ومنها أرشيف الاحتلال الفرنسي وكتابات مؤرخين مثل جاك جوركي، إلى أن عدد الضحايا تجاوز 9 ملايين، بل ربما وصل إلى 10 ملايين شهيد خلال الحقبة الاستعمارية.
في مواجهة هذا القمع، بدأت شرارة الثورة الجزائرية بتأسيس جبهة التحرير الوطني، التي أصدرت في 31 أكتوبر 1954 بيانها الأول المعروف بـ”بيان أول نوفمبر”، والذي وزع في صباح الأول من نوفمبر، وقد وجهت الجبهة نداءها إلى الشعب الجزائري محددة فيه أهدافها بوضوح: الحرية، الاستقلال، بناء الدولة الوطنية، وإنهاء النظام الاستعماري الفرنسي إلى الأبد.