حوارات و تقارير

التراث البحري في الإمارات: الغوص على اللؤلؤ وحكايات البحارة

أسماء صبحي – يمثل التراث البحري في دولة الإمارات العربية المتحدة جانباً مهماً من تاريخها وهويتها الوطنية. حيث شكلت الحياة البحرية مصدراً رئيسياً للرزق قبل اكتشاف النفط. كما كان الغوص على اللؤلؤ والتجارة البحرية هما العمود الفقري للاقتصاد المحلي في مدن الساحل مثل دبي، أبوظبي، الشارقة، وعجمان.

الغوص على اللؤلؤ

لم يكن الغوص على اللؤلؤ مجرد مهنة بل أسلوب حياة، يتوارثه الأبناء عن الآباء. ويبدأ موسم الغوص عادة في فصل الصيف، ويعرف باسم “الموسم الكبير” أو “الغوص الكبير”. حيث يخرج البحارة على متن سفن شراعية تقليدية تعرف بـ”البوم” أو “السنبوك” ويقضون عدة شهور في عرض البحر بحثاً عن محار اللؤلؤ.

كما كان الغواصون ينزلون إلى أعماق البحر دون أجهزة تنفس. مستخدمين فقط مشبك أنف مصنوع من الجلد وحجر يربط في القدم للمساعدة على الغوص بسرعة.

وكانت طقوس الغوص على اللؤلؤ مليئة بالتحديات، من المخاطر الطبيعية مثل التيارات القوية وأسماك القرش. إلى الإجهاد البدني الذي يواجهه الغواصون خلال ساعات العمل الطويلة. وعلى الرغم من هذه الصعوبات، كان هناك تماسك جماعي بين أفراد الطاقم حيث توزعت المهام بين النوخذة (ربان السفينة). والغيص (الغواص)، والسيب (من يساعد الغواص في سحب الحبل)، وغيرهم من العاملين على ظهر السفينة. كما كان النجاح في جمع اللؤلؤ يعني تحسين مستوى معيشة الطاقم وأسرهم، إذ كان اللؤلؤ من أغلى السلع في الأسواق العالمية آنذاك.

التراث البحري في الإمارات

تزخر حكايات البحارة في الإمارات بالقصص البطولية والأساطير البحرية التي تتناقلها الأجيال. مثل حكايات الجني الذي يسكن البحر، أو الأرواح التي تحرس كنوز المحار. وهي قصص كانت تروى ليلاً على ظهر السفن لتسلية الطاقم وتخفيف مشقة العمل.

كما اشتهر البحارة الإماراتيون بأغاني شعبية تعرف بـ”اليامال” و”النهمة” تغنى جماعياً لمواساة بعضهم خلال العمل الشاق، وتعبر عن الحنين للأهل والديار.

ومع ظهور اللؤلؤ الصناعي في بدايات القرن العشرين، بدأت صناعة اللؤلؤ الطبيعي بالانحدار. وتلاشت تدريجياً كمصدر رئيسي للدخل خصوصاً بعد اكتشاف النفط. لكن الإمارات لم تنسى هذا الإرث بل سعت إلى الحفاظ عليه عبر المتاحف، والمهرجانات، والبرامج التعليمية التي تعرّف الأجيال الجديدة بقيمة هذا التاريخ.

ويعد مهرجان التراث البحري في أبوظبي والشارقة من أبرز الفعاليات التي تبرز هذا الجانب. حيث يتم عرض سفن الغوص، وأدوات الغواصين. كما تقام عروض حية للغناء البحري إضافة إلى جلسات لسرد حكايات من كبار السن الذين عاشوا تجربة الغوص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى