الأزياء التقليدية في السعودية: بين التراث والحداثة

أسماء صبحي – تعد الأزياء التقليدية في السعودية من أبرز مظاهر الهوية الثقافية التي تجسد تنوع المجتمع السعودي وغناه التاريخي. إذ تعكس الملابس التقليدية في كل منطقة من مناطق المملكة الإرث الاجتماعي والبيئي الذي نشأ فيه السكان. وعلى الرغم من دخول موجات الحداثة وتغير الذوق العام، لا تزال هذه الأزياء تحتفظ بمكانتها. بل أصبحت اليوم جزءًا من مشهد ثقافي يتداخل فيه القديم بالجديد.
الأزياء التقليدية في السعودية
تختلف الأزياء التقليدية بين المناطق السعودية بشكل ملحوظ من حيث الألوان والتطريزات والأقمشة. ويعود ذلك إلى عوامل جغرافية وثقافية واقتصادية. ففي المنطقة الوسطى مثلاً نجد الثوب النجدي الرجالي المعروف بلونه الأبيض وقماشه الخفيف الذي يناسب حرارة الطقس، ويرتديه الرجال مع الغترة والعقال. أما النساء فيرتدين العباءة المطرزة التي تحمل نقوشًا مستوحاة من التراث النجدي. وتزين غالبًا بقطع معدنية أو تطريزات يدوية دقيقة.
في المنطقة الجنوبية، وتحديدًا في عسير وجازان، تبرز الأزياء النسائية بألوانها الزاهية وتطريزاتها المعقدة. ومنها الثوب العسيري الذي يتميز بخطوطه الهندسية الزاهية وأقمشته الثقيلة. أما الرجال فيلبسون الثوب الجنوبي الذي يرافقه غالبًا الخنجر والحزام الجلدي كرموز للرجولة والشجاعة.
ولا يمكن الحديث عن الأزياء التقليدية دون الإشارة إلى “الثوب الحساوي” في المنطقة الشرقية. الذي يعكس تأثيرات ثقافية متنوعة بحكم قرب المنطقة من الخليج العربي. وغالبًا ما يتميز بألوان داكنة ونقوش دقيقة ويرافقه الشماغ الأحمر أو الأبيض حسب المناسبة.
إحياء ثقافي
في السنوات الأخيرة، شهدت الأزياء التقليدية حالة من الإحياء الثقافي خاصةً في ظل رؤية السعودية 2030 التي تدعم الهوية الوطنية والتراث. فقد بدأت المصممات السعوديات الشابات في إعادة تقديم الأزياء التقليدية بأساليب معاصرة تتماشى مع الذوق الحديث دون أن تفقد هذه الملابس أصالتها. فبات بالإمكان مشاهدة العباءات المطرزة التقليدية على منصات الأزياء العالمية. وتصاميم مستوحاة من الثوب النجدي والعسيري بأقمشة حديثة تناسب الاحتفالات والمناسبات الرسمية.
كما ساهمت المناسبات الوطنية، مثل “يوم التأسيس” و”اليوم الوطني”، في تعزيز الحضور الجماهيري للأزياء التقليدية. حيث أصبح ارتداؤها جزءًا من الفعاليات والاحتفالات العامة. كما تحولت بعض قطع الملابس التراثية إلى رمز للاعتزاز بالانتماء الوطني والهوية الثقافية. وأصبحت جزءًا من موضة الشارع لدى جيل الشباب.
ويعكس التفاعل المتوازن بين التراث والحداثة في مجال الأزياء رغبة المجتمع السعودي في الحفاظ على ماضيه الغني، مع الانفتاح على المستقبل بخطى واثقة. فالأزياء التقليدية لم تعد مجرد قطع ترتدى في المناسبات، بل تحولت إلى لغة ثقافية تعبر عن الفخر بالتاريخ. كما تشكل جسرًا بين الأجيال ووسيلة للإبداع الفني تعكس التغيرات المجتمعية بروح سعودية أصيلة.