الملكة نفرتيتي: سيدة الجمال الغامضة وشريكة الثورة الدينية في مصر القديمة

أسماء صبحي – تعد الملكة نفرتيتي واحدة من أبرز الشخصيات النسائية في الحضارة الفرعونية. وهي ليست فقط رمزًا للجمال الفرعوني الخالد، بل أيضًا شريكة فعالة في واحدة من أهم التحولات الدينية والسياسية التي شهدتها مصر القديمة.
عاشت نفرتيتي في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وكانت زوجة للفرعون الشهير أخناتون الذي قاد ثورة دينية غير مسبوقة في التاريخ المصري. حين دعا إلى عبادة إله واحد يدعى “آتون”، وهو إله الشمس، في محاولة لكسر هيمنة كهنة آمون في طيبة.
أصول غامضة ودور سياسي لافت
رغم أن أصول نفرتيتي ما تزال محل جدل بين المؤرخين، إلا أن البعض يرجح أنها كانت مصرية الأصل ومن عائلة نبيلة من مدينة طيبة.بينما تشير نظريات أخرى إلى أنها ربما كانت أجنبية. ومع ذلك، فإن صعودها إلى عرش مصر كان استثنائيًا فقد لمعت مكانتها إلى جوار زوجها الملك. وظهرت في النقوش واللوحات الجدارية وهي تؤدي طقوسًا دينية وتشارك في المناسبات الرسمية. وحتى في مشاهد المعارك—وهو ما لم يكن معتادًا بالنسبة لنساء ذلك العصر.
وأشهر ما ارتبط باسم نفرتيتي هو تمثالها النصفي الشهير الموجود اليوم في متحف برلين. والذي أصبح رمزًا عالميًا للجمال الأنثوي والرشاقة الملكية. وقد مثل التمثال مزيجًا مثاليًا من القوة والجاذبية حيث ظهرت فيه الملكة بعنق طويل وتاج مميز وبملامح متزنة تنم عن وقار وثقة.
الملكة نفرتيتي والثورة الدينية
لم تكن نفرتيتي مجرد ملكة جميلة تقف خلف الملك. بل كانت داعمة رئيسية لثورة أخناتون الدينية التي أرست عبادة “آتون” وفرضت نمطًا جديدًا من العبادة يقوم على التوحيد. كما يعتقد أنها لعبت دورًا مهمًا في إدارة شؤون الدولة الدينية والسياسية. وخاصةً بعد وفاة إحدى بناتها أو في فترات مرض الملك.
اختفت نفرتيتي من السجلات التاريخية فجأة، وهناك جدل كبير حول مصيرها. وتقول بعض النظريات إنها توفيت في حياة أخناتون، وأخرى تشير إلى أنها حكمت لفترة قصيرة بعد وفاته تحت اسم ملكي مستعار. كما يعتقد أنها ربما تكون نفسها الفرعون الغامض “سمنخ كارع”.
ورغم الغموض الذي يكتنف نهاية حياتها، فإن إرث نفرتيتي لا يزال حيًا حتى اليوم. حيث تعد واحدة من أبرز رموز المرأة في التاريخ ومثالًا على قدرة النساء في العصور القديمة على الوصول إلى أعلى مراكز السلطة. وترك بصمة لا تنسى في صفحات الحضارة الإنسانية.