حوارات و تقارير

ما لا تعرفه عن مملكة كندة الغامضة.. ولماذا سميت بهذا الاسم؟

في العصور الجاهلية، أي ما قبل بزوغ الإسلام، نشأت في الجزيرة العربية عدة ممالك، من أبرزها “مملكة كندة”، التي تأسست في قلب شبه الجزيرة العربية، تولت “قبيلة كندة” حكم هذه المملكة، وبسطت نفوذها وسلطتها على مناطق مثل دومة الجندل والبحرين، وقد كانت مملكة كندة من الكيانات الفاعلة والمؤثرة في محيطها، لما لها من أهمية استراتيجية ودور بارز في الأحداث الإقليمية آنذاك.

لماذا سميت بمملكة كندة؟

عرفت هذه المملكة بعدة تسميات، من بينها “مملكة كندة”، و”قرية ذات كهل”، و”قرية كدت”، وكذلك “قرية كهلم وقحطن”.

وقد وردت عدة روايات حول أصل التسمية، من أبرزها أن الجد الأعلى لقبيلة كندة هو “ثور”، الذي يقال إنه كان منحدرًا من إحدى الأسر التي كانت تقطن منطقة سبأ، ويروى أنه “كنّد بنعمة أبيه”، أي جحد بها، وانتقل الحكم في ذريته من بعده.

وتشير رواية أخرى إلى أن اسم “كندة” ربما يعني “المرتفع الأعلى في الجبل”، وتؤيد هذه الفرضية دراسات تاريخية أثبتت أن القبيلة كانت تقيم في مناطق جبلية مرتفعة.

ورغم كل تلك التفسيرات، لم يعرف حتى الآن المعنى الأصيل المؤكد لكلمة “كندة”، وهو الاسم الذي أطلق على المملكة،، لكن يشار إلى أن القبيلة الحاكمة عرفت بـ “كندة الملوك”، وكان يطلق عليهم أيضًا لقب “ذي جدن”.

تاريخ نشأة مملكة كندة

لم يتمكن المؤرخون من الحصول على تفاصيل دقيقة عن القرية التي نشأت فيها “مملكة كندة”، والتي تشير بعض الروايات إلى أنها كانت قرية الفاو، أو كاهل، أو قحطن، ويعد “كاهل” من كبار آلهة قبيلة كندة، ووفقًا لبعض الدراسات الأثرية، يرجح أن تعود نشأة المملكة إلى القرن الرابع قبل الميلاد، وتعد جزءًا من الموروث السبئي.

من مؤسس المملكة؟

يعتبر “الملك ثور” هو المؤسس الأول للمملكة، وقد استمر الحكم في نسله من بعده، كانت المملكة تضطلع بمهمة حماية القوافل التجارية القادمة من اليمن والمتجهة إلى العراق وبلاد فارس، وهو ما جعل لها مكانة استراتيجية مهمة، غير أن تاريخ المملكة يظل غامضًا، وذلك لقلة المعلومات عنها، حيث تستند معظم المعارف الحالية إلى المصادر التراثية القديمة، والتي تتناقض أحيانًا مع نتائج الدراسات التي أُجريت في قرية الفاو، الموطن المفترض للمملكة.

تاريخ مملكة كندة

في بداياتها، كانت “كندة” تتبع مملكة سبأ، ثم تحالفت لاحقًا مع الحميريين، وشاركت في الحروب الدائرة في أرجاء الجزيرة العربية، وواجهت المناذرة وتمكنت من الانتصار عليهم، كما خاضت معركة ضد الأحباش ضمن تحالف ضم ملوك كندة، وحقق التحالف انتصارًا في المواجهة الأولى، لكن حينما هاجم الأحباش مجددًا بعد نحو ثلاثة عشر عامًا، لم يسفر القتال عن نصر، بل انتهى الأمر بعقد هدنة بين الأطراف، وقد تزامن ذلك مع وقوع التصدع الثالث لسد مأرب، وظلت كندة متحالفة مع الحميريين حتى سقوطهم، لتتحول بعد ذلك إلى التحالف مع البيزنطيين.

ديانة مملكة كندة

في بدايتها، اعتنقت المملكة الوثنية، إلا أن هناك مؤشرات تدل على وجود تأثيرات يهودية في بعض الفترات، كما اكتشفت نقوش وآثار تفيد بأن أجزاءً من المملكة – خصوصًا الشمالية منها – اعتنقت المسيحية، ويؤكد هذا الاكتشاف وجود دير “هند الكبرى”، الذي يعد شاهدًا على الوجود المسيحي في تلك المناطق.

قبائل كندة

ونظرًا لشح المعلومات حول المملكة وقبائلها، فإن النسابة القدامى قسموا كندة إلى ثلاث فروع رئيسية، وهي:

  • بنو معاوية الأكرمين
  • السكون
  • السكاسك

وتجدر الإشارة إلى أن جميع قبائل كندة تنتمي إلى هذه الفروع الثلاثة. ومع بزوغ الإسلام، انصهرت تلك القبائل مع شعوب اليمن والمناطق التي تشكل اليوم المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان.

وقد كانت قبائل كندة من بين الوفود التي قدمت إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم في عام الوفود لإعلان المبايعة، وذلك في القرن السابع الميلادي. وظلت تلك القبائل محافظة على تأثيرها ومكانتها في العصر الإسلامي، تمامًا كما كانت في العصر الجاهلي.

مشاهير كندة

ومن أبرز الشخصيات التي تنتمي إلى “كندة” الشاعر الشهير أبو الطيب المتنبي، وكذلك امرؤ القيس، إلى جانب الشاعر المقنع الكندي الذي عاش في العصر الأموي، ورجاء بن حيوة، مستشار الخليفة سليمان بن عبد الملك، فضلًا عن ابن خلدون الحضرمي، والراهب عبد المسيح الكندي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى