ذكرى رحيل الإسكندر.. أسطورة تتجاوز التاريخ

تصادف اليوم ذكرى وفاة الإسكندر الأكبر، أحد أبرز الشخصيات في العصور القديمة، والذي امتلك القدرة على فرض سيطرته على أجزاء واسعة من العالم، وأسس عدداً من المدن الخالدة، ومنها مدينة الإسكندرية بمصر، لكن كيف تكشفت ملامح سيرته التاريخية؟
مصادر متناثرة وراوية صامتة
بحسب كتاب “عالم الإسكندر الأكبر” لمؤلفته كارول جي توماس، فقد وصلتنا أجزاء كثيرة من مصادر قديمة تناولت حياة الإسكندر، وكان من أبرزها ما كتبه المؤرخ الرسمي للحملة كاليسثينيس، الذي كان تلميذًا للفيلسوف أرسطو وأحد أقاربه. لكن حين خسر حظوته لدى الإسكندر، انتهى دوره كمؤرخ رسمي للحملة، واختفى أثره في رواية الوقائع.
والجدير بالإشارة أن كاريس الميتيليني، حاجب الإسكندر، ألف ما يعرف بـ”قصص الإسكندر” في عشرة كتب، كما كتب أونيسيكريتوس – الفيلسوف الذي شارك في الرحلة البحرية مع نيارخوس – روايات عن الإسكندر وفعاله، وكان فيليب – والد الإسكندر – أيضًا مادةً دسمةً لكتّاب تلك المرحلة.
وينسب إلى مؤرخ مقدوني يدعى مارسيا البيلي تأليف تاريخ مقدونيا في عشرة كتب، علاوة على رسالة بعنوان “عن تعليم الإسكندر”، وهناك نقاش قائم حتى اليوم حول وجود تواريخ أخرى تتناول الإسكندر، تتنوع بين روايات للمرتزقة الإغريق الذين خدموا في جيش ملك الفرس، و”وصية” منسوبة للإسكندر، وشذرات من “يوميات” حملته العسكرية.
ثمانون وجهاً للإسكندر
ويزيد الغموض التاريخي تعقيدًا وجود ما يقارب 80 نسخة مختلفة من “رومانسية الإسكندر” مكتوبة بأربع وعشرين لغة، تتناول سيرة خيالية له، منها تصويره كجد أعلى للعائلة المالكة الملايوية، وكقاتل لتنانين، ورجل يتحدث إلى الأشجار، ومؤمن بإله اليهود والنصارى، وغيرها من الصور الأسطورية.
والجدير بالذكر أن الدراسات تجمع على أن هناك أكثر من “إسكندر” واحد في الذاكرة التاريخية والأسطورية، كما قدم الباحث ريتشارد ستونمان نماذج من هذه الروايات المتعددة، في حين جمع الألماني فيليكس ياكوبي شذرات من الأعمال الضائعة، ليبقى الإسكندر الأكبر شخصية تتأرجح بين الحقيقة والخيال، وتخطف الأذهان حتى اليوم.