معركة العقاب.. كيف غيرت هزيمة واحدة مجرى التاريخ في الأندلس

في قلب الأندلس وتحديدا في السادس عشر من يوليو عام 1212 الموافق لعام 609 هجريا وقعت معركة مصيرية حملت اسم العقاب كما عرفت في التاريخ الأوروبي باسم لاس نافاس دي تولوسا نسبة إلى وادٍ يقع قرب بلدة تولوسا في إسبانيا أما في الروايات العربية فارتبطت هذه المعركة بحصن قديم قريب يدعى حصن العقاب.
قصة معركة العقاب
شهدت أرض المعركة مواجهة ضخمة جمعت بين جيوش الموحدين بقيادة السلطان محمد الناصر الذي حكم جنوب شبه الجزيرة الإيبيرية وأجزاء شاسعة من شمال وغرب إفريقيا وبين تحالف مسيحي ضخم ضم ألفونسو الثامن ملك قشتالة وسانتشو السابع ملك نافارة وألفونسو الثاني ملك البرتغال وبيدرو الثاني ملك أراغون الذين توحدوا تحت راية الصليب بدعوة مباشرة من البابا إنوسنت الثالث.
بدأت الأحداث عندما قاد السلطان محمد الناصر جيشا ضخما نحو الأندلس واتخذ من إشبيلية مقرا له ثم أرسل جزءا من قواته لاستعادة قلعة رباح الاستراتيجية وبعد حصار دام ثمانية أشهر تمكنت القوات الإسلامية من تحرير القلعة إلا أن هذا النصر المؤقت فتح المجال أمام الحلفاء المسيحيين للتحرك.
استغل ألفونسو الثامن انشغال الموحدين وتحرك بسرعة مع حلفائه مستفيدا من الدعم الأوروبي الذي جاء على شكل حملة صليبية جديدة نحو الأراضي الإسلامية حيث التقى الجمعان في ساحة معركة غير متكافئة عانى فيها جيش الموحدين من نقص في الإمدادات وتشتت واضح في الصفوف.
ورغم بسالة الجند وصمودهم انهارت الصفوف بعد قتال عنيف وخسائر كبيرة وسقط ابن السلطان محمد الناصر أمام عينيه في قلب ساحة المعركة وبقي السلطان داخل خيمته محاطا بالهزيمة والدمار ومع تراجع جيشه اضطر إلى الانسحاب نحو إشبيلية ومنها إلى مراكش حيث وافته المنية بعد عام من تلك الكارثة.
تابع التحالف المسيحي تقدمه بعد النصر فاقتحم مدينة أوبيدا واستعاد السيطرة على حصنها وأزهق أرواح نحو ستين ألفا من سكانها وفرض واقعا جديدا في المنطقة كانت معركة العقاب نقطة تحول استراتيجية وضربة قاسية لدولة الموحدين التي فقدت بعدها معظم ممتلكاتها في الأندلس وبدأ معها العد التنازلي لنهاية الحكم الإسلامي في شبه الجزيرة الإيبيرية.
أصبحت هذه المعركة رمزا لانقلاب موازين القوى وذكراها حية في كتب التاريخ لما حملته من نتائج غيرت وجه الأندلس إلى الأبد وتركت أثرا لا يمحى في وجدان المسلمين لما مثلته من بداية النهاية لحكم دام قرونا في تلك الأرض الخصبة.