وادي فيران.. جوهرة تاريخية ودينية منسية في قلب سيناء

أسماء صبحي
تعد سيناء من أغنى المناطق المصرية بالمواقع الأثرية والتاريخية. إذ شهدت العديد من الحضارات المختلفة، وكان لها دور بارز في التاريخ الديني والتجاري. ومن بين المواقع التي لم تحظى بالاهتمام الكافي يأتي وادي فيران الذي يعد واحدًا من أهم المناطق التاريخية والدينية في جنوب سيناء. ويتمتع الوادي بموقع استراتيجي وتاريخ غني يعود لآلاف السنين، حيث كان مركزًا دينيًا وتجاريًا هامًا خلال العصر البيزنطي. كما يحتضن بقايا كنائس وأديرة ومنازل أثرية تعود لتلك الفترة.
أهمية وادي فيران
يقع الوادي على بعد نحو 50 كيلومترًا شمال غرب دير سانت كاترين. ويعد واحدًا من أكبر الأودية في جنوب سيناء. كما تحيط به الجبال الشاهقة والمناظر الطبيعية الخلابة، ويتميز بمناخه المعتدل نسبيًا مقارنة بالمناطق الصحراوية المحيطة به. مما جعله منطقة مناسبة للاستقرار منذ العصور القديمة.
وتنتشر في الوادي بساتين النخيل والينابيع الطبيعية التي كانت توفر مصدرًا دائمًا للمياه. ما جعلها محطة أساسية للقوافل التجارية والحجاج المتجهين إلى الأماكن المقدسة في سيناء.
يعود تاريخ وادي فيران إلى العصور الفرعونية، لكنه اكتسب أهمية دينية كبرى خلال العصر المسيحي المبكر. حيث أصبح مركزًا رئيسيًا للمسيحية في سيناء قبل إنشاء دير سانت كاترين. كما يضم الوادي أقدم كاتدرائية في سيناء، والتي يعود تاريخها إلى القرن الخامس الميلادي، وكانت تعتبر مقرًا لأسقف سيناء خلال تلك الفترة. وتم اكتشاف عدد من الكنائس والأديرة الصغيرة والمنازل الأثرية التي كان يسكنها الرهبان.
الآثار البيزنطية في الوادي
تظهر بقايا المباني الأثرية المنتشرة في الوادي الطابع البيزنطي في العمارة. حيث تم العثور على كنائس ذات أعمدة حجرية، وجدران تحمل نقوشًا دينية. بالإضافة إلى منازل الرهبان المصنوعة من الحجارة المحلية. كما تم العثور على بقايا نظام ري قديم كان يستخدم لري بساتين النخيل والزراعات التي كانت تنتشر في المنطقة.
وقال الدكتور عبد الرحيم ريحان، خبير الآثار ومدير عام البحوث والدراسات الأثرية بوزارة السياحة والآثار، إن وادي فيران يضم واحدة من أقدم الكاتدرائيات في مصر، والتي تعود إلى القرن الخامس الميلادي. كما كانت تعتبر المركز الديني الأول في سيناء قبل أن ينتقل هذا الدور إلى دير سانت كاترين.
وأضاف أن المنطقة لا تزال تحتفظ بالكثير من المعالم الأثرية التي تحتاج إلى مزيد من التنقيب والدراسة للكشف عن تاريخها الكامل.
وعلى الرغم من القيمة التاريخية الكبيرة للوادي، إلا أنه لم يحصل على الاهتمام الكافي من حيث الترويج السياحي أو تطوير بنيته التحتية. ولا تزال الكثير من المواقع الأثرية بحاجة إلى عمليات ترميم وصيانة، كما أن البنية التحتية لاستقبال السياح غير متطورة بالشكل الكافي. ويمكن أن يسهم الاهتمام بالموقع وتطويره في جعله وجهة سياحية رئيسية لمحبي التاريخ والآثار، بالإضافة إلى تعزيز السياحة البيئية في سيناء.